الاحتلال يدفن آثار غزة العريقة تحت الركام خلال عامين من حرب الإبادة
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

منذ بدء العدوان الأخير على قطاع غزة، لم تقتصر الخسائر على الأرواح والممتلكات فحسب، بل امتدت إلى تراث عريق وآثار تشكّل جزءًا هامًا من الهوية الفلسطينية والتاريخ الإنساني. كثير من المواقع الأثرية والدينية والثقافية تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي، في ما يوصف بأنه مسعى منهجي لمحو آثار تاريخية.
حجم الأضرار والتوثيق
عدد المواقع المتضررة:
تقرير وزارة السياحة والآثار الفلسطينية بالتعاون مع مركز حماية التراث الثقافي يفيد بأن 226 موقعًا أثريًا في غزة تضرَّرت نتيجة استهداف مباشر إسرائيلي.
من أصل 316 موقعًا تراثيًا تمّ تدقيقها من حيث حالة الأضرار.
درجات الضرر:
138 موقعًا تضرّرت بشكل كبير
61 موقعًا تضرّرت بدرجة متوسطة
27 مواقع تضرّرت أضرارًا طفيفة
90 موقعًا بقيت دون ضرر كبير يُذكر
المواقع المدمَّرة أو المتأثرة:
تل السكن وتل العجول وتل المنطار وتماثيل ومواقع أثرية ساحلية تعرضت لإضرار بالغة من القصف والهجمات.
كنيسة بيبليايا البيزنطية (Jabaliya Church)، التي كانت تحتوي على فسيفساء من العصور البيزنطية، تعرّضت لتدمير شديد.
بيت السقا (Al-Saqqa House) في شُجاعية – مبنى أثري من القرن السابع عشر – دُمِّر تقريبًا أو تضرّر بشكل كبير.
قصر الباشا (Pasha’s Palace)، تحفة من الحقبة المملوكية والعثمانية، مَتحف قدّيم، تضرّر بشدة.
حمّام السامراء (Hamam al-Samara)، حمّام تاريخي قديم من العصر المملوكي، دمر كذلك.
الأسباب المعلنة والمخاطر القانونية
بعض الجهات الإسرائيلية تقول إن بعض هذه المواقع كانت تُستخدم لأغراض عسكرية من قبل حماس، مثل الأنفاق أو المراقبة.
المنظمات الدولية والبحثية تحذر من أن استهداف التراث الثقافي يُعدّ خرقًا للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك معاهدات مثل اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات.
هناك تحذير من أن الأضرار لم تقتصر على المباني والمواقع، بل شملت فقدان الآثار المنقولة والمخطوطات والمكتبات والمتاحف.
التكلفة المطلوبة لإعادة الإعمار
تقرير وزارة السياحة والآثار الفلسطينية يُشير إلى أن استعادة التراث الثقافي للقطاع تحتاج إلى حوالي 261.15 مليون يورو بشكل مرحلي على مدى 8 سنوات.
مراحل الاستعادة تشمل: إنقاذ المواقع المهددة بشكل عاجل، ترميم المواقع المتوسطة الأضرار، وإعادة بناء وترميم المواقع المهددة بشدة.
الأبعاد الإنسانية والهوية الثقافية
التراث الأثري والمواقع التاريخية ليست مجرد حجارة أو مبانٍ، بل تمثّل ذاكرة وطنية، هوية، صلة بين الشعوب وأرضها عبر العقود والقرون. تدميرها يمسّ جوهر الانتماء والكرامة.
الآثار والحضارة في غزة تتعرض لهجوم ممنهج لا يقلّ فداحة عن الهجوم المادي على الناس والممتلكات. ما يُفقد اليوم لا يمكن استعادته بالكامل، وقد يُضَع على الأجيال حملٌ ثقافي لا تُمكّنهم من استعادة جزء من هويتهم المنقوشة في هذه المعالم. كل يومٍ يمرّ والدمار مستمرّ، يُصبح فيه السؤال ليس ما إذا كنا سنستعيد، بل كم من التاريخ قد دُفِن تحت الركام إلى الأبد؟





