تقاريرثابت

رمضان في غزة… معاناة في ظل الحصار والحرب وأمل في غدٍ أفضل

رمضان في غزة تقرير خاص إعداد: خليل قنن

حل شهر رمضان هذا العام على سكان قطاع غزة، في ظل ظروف قاسية فرضتها الحرب والحصار، ليصبح موسمًا للمعاناة بدلاً من الفرح. ففي الوقت الذي كان يشهد فيه القطاع أجواء رمضان المفعمة بالمحبة والتكافل الاجتماعي، أصبحت هذه الأجواء اليوم محاطة بأزمات إنسانية خانقة تتصاعد مع نقص الغذاء والمياه وانعدام الأمن. ومع تزايد الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية، تواجه جهود الإغاثة صعوبات كبيرة تحول دون وصولها إلى مستحقيها، مما يزيد من معاناة السكان خلال الشهر الفضيل.

معاناة وذكريات رمضان المفقودة

في حديثٍ مع أم محمد، وهي أم لخمسة أطفال تقيم في أحد مراكز الإيواء بخان يونس، جنوبي قطاع غزة، بعد أن دُمر منزلها، تصف رمضان هذا العام بأنه “الأصعب على الإطلاق”.

وقالت أم محمد في حديثها لـ”الخامسة للأنباء“: “كنا نجتمع على مائدة الإفطار ونعد أطباقنا الرمضانية المعتادة، أما اليوم، فنبحث عن أي شيء يسد جوع الأطفال، لا كهرباء، لا ماء نظيف، والمساعدات تصل متأخرة وبكميات قليلة”.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

يستذكر الحاج الستينيّ أبو عيسى، وهو من سكان غزة، كيف كان رمضان في السنوات السابقة، حيث كانت العائلات تتجمع حول موائد الإفطار في أجواء من الألفة، وكانت الأسواق تمتلئ بالمتسوقين لشراء التمور والحلويات الرمضانية.

قال أبو عيسى بحزن: “كنا نزين الشوارع بالفوانيس، ونقيم موائد الإفطار الجماعية. اليوم، لا زينة ولا تجمعات، فقط محاولات للبقاء على قيد الحياة وسط الدمار”.

الفارس الشهم3

وصف شريف النيرب عملية “الفارس الشهم 3 بأنها واحدة من أكبر العمليات الإغاثية التي شهدها قطاع غزة، مشيرًا إلى أن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة عبر هذه العملية تهدف إلى تلبية كافة الاحتياجات الأساسية للسكان في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.

وفي تصريحاتٍ لـ”الخامسة للأنباء“، أكد النيرب أن العملية مستمرة في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع، وتستهدف دعم الأسر الفلسطينية النازحة وتخفيف معاناتهم.

وأشاد بالجهود العربية، خاصة من قبل الإمارات، في تنظيم قوافل الإغاثة التي دخلت إلى غزة منذ بداية الحرب، موضحًا أن هذه الجهود تساهم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني ومساعدته في مواجهة تداعيات الحرب.

وأشار النيرب إلى أن عملية “الفارس الشهم3” تعتمد آلية منظمة لتوزيع المساعدات الإغاثية على النازحين والمواطنين في قطاع غزة، لضمان وصول الدعم إلى الأسر الأكثر احتياجًا بكفاءة وفعالية.

من جهته، أوضح أبو أحمد، أحد المتطوعين في جمعية خيرية، حجم التحديات التي تواجه فرق الإغاثة، مشيرًا إلى أن توزيع المساعدات أصبح محفوفًا بالمخاطر نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة.

وأضاف أبو أحمد: “نحاول بكل جهدنا إيصال الطرود الغذائية للأسر المحتاجة، لكن التنقل صعب، وهناك نقص حاد في التبرعات، كما أن تدمير الطرق يجعل الوصول إلى بعض المناطق شبه مستحيل”.

عقبات وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة

وفي تصريحات سابقة، أكدت منسقة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، مارتا بيرس، أن “الوضع الإنساني في قطاع غزة يتطلب استجابة عاجلة، إلا أن إغلاق المعابر باستمرار يعطل عمل المنظمات الإنسانية في توفير المساعدات الطارئة”.

وأشارت بيرس إلى أن “الوصول إلى المستشفيات والمراكز الطبية في بعض المناطق أصبح صعبًا للغاية، مما يعرقل تقديم الخدمات الضرورية للمرضى والمصابين، بما في ذلك الأطفال والنساء”.

أما المتحدثة باسم منظمة الصليب الأحمر الدولي في غزة، جانيت موريس، فقد أفادت بأن “منظمة الصليب الأحمر تواجه تحديات كبيرة في توزيع المساعدات بسبب نقص الإمدادات الإنسانية من الأدوية والمواد الغذائية الأساسية”.

وأضافت أن “القيود المفروضة على حرية التنقل لموظفي الإغاثة في بعض الأحيان تعوق قدرتنا على الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني”.

في السياق ذاته، قال ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في غزة، مارك سيموندس، أن “الظروف الحالية التي تعيشها غزة تهدد بزيادة نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وتدهور الصحة النفسية، ونحن نواجه تحديات في توزيع المواد الغذائية والمساعدات الطبية في مناطق كانت سابقًا يصعب الوصول إليها بسبب الدمار الذي لحق بالبنية التحتية”.

التحديات المشتركة

يواجه العاملون في المنظمات الإغاثية المحلية والدولية تحديات مشتركة تتمثل في نقص الإمدادات الأساسية، وصعوبة الوصول إلى المستفيدين بسبب القصف والدمار، فضلاً عن المشاكل المتعلقة بتنسيق المرور عبر المعابر، ناهيك عن تأثير الأزمات الأمنية والخوف من الهجمات يعوق حركة قوافل الإغاثة في العديد من المناطق، مما يعرقل عمليات توزيع المساعدات في الوقت المناسب، ويزيد من معاناة المدنيين.

و دعت المنظمات الإنسانية إلى ضرورة تسهيل إدخال المساعدات عبر المعابر وتوفير آليات مستدامة لتوزيعها، مع ضمان حماية العاملين في المجال الإنساني وتيسير وصولهم إلى كافة المناطق لتلبية احتياجات السكان في هذه الظروف الاستثنائية.

رمضان هذا العام في غزة يختلف عن الأعوام السابقة، فبدلاً من أن يكون شهراً للفرح والتعبد، تحول إلى شهر من الصبر والمقاومة، وبينما يترقب السكان وصول المساعدات لتخفيف معاناتهم، يظل الأمل في غدٍ أفضل هو ما يتشبثون به، على أمل أن يعود رمضان بروحه التي اعتادوا عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى