الرئيسيةتقارير

المقاتلون الجدد ..
“كتيبة جنين” و”عرين الأسود” حالات عسكرية باقية وتتمدد

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الخامسة للأنباء -تقرير سعيد الطويل

رغم صغر سنّهم، وقلة خبرتهم في العمل العسكري والتنظيمي المُحكم بسبب الانقسام والتغييرات السياسية، إلى جانب معضلات الواقع المحاصر بين “كمّاشة” الاحتلال، والتضيق من أجهزة السلطة أصرّ شباب جنين و نابلس على مواصلة درب النضال والمقاومة، وتعاهدوا سوياً على تعديل مسار البوصلة وتصويب أسلحتهم فقط ضد الاحتلال، لتنصهر بينهم انقسامات الواقع السياسي، وتتلاشى في عرينهم ألوان الأحزاب، مشكلين حالة ثورية قلّ مثيلها في الواقع الفلسطيني.


لمن ينتمي هؤلاء المقاتلون؟

هذه الحالة الثورية تختلف بشكل جذري عن أي حالة سابقة ،فهي بمثابة قيادة موحدة مصغرة الأولى سميت “كتيبة جنين” مركزها جنين استمدت قوتها من وحدة شبابها في التصدي للاقتحامات وحالات الاغتيال المتكررة وأظهرت قيادات ميدانية لامعة وأيقونات تحفيزية شامخة كما ،الأبطال الستة صانعي المجد أصحاب الهروب الكبير في نفق الحرية و فتحي خازم في جنين والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن ، والحالة الأخرى في نابلس “جبل النار”وقد عرفت لاحقاً باسم عرين الأسود وزاد وهجها ولمع بريقها بعد اغتيال الشهداء الثلاثة محمد الدخيل ، أشرف المبسلط، أدهم مبروكة من قبل القوات الخاصة الإسرائيلية ونجاة المطلوب الأول إبراهيم النابلسي حينها ليصبح المطارد الأيقونة في الضفة كلها .
فقد أصبحت مسألة الارتباط بالفصائل عند هؤلاء الشباب تبدو مركّبة، فهم يعلنون انتماءهم لفصائل، أو مجموعات محدّدة، لكن العلاقة التنظيمية تبدو اسميّة معنوية حتى وإن برز في العمل العسكري الميداني وحدة الحالة الظاهرة بين كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس،إلا أن هناك حضوراً لافتاً للكل الوطني بما فيهم كتائب القسام وكتائب أبو علي مصطفى
ويضم “العرين” في نابلس تحت لواء علم فلسطين والعصبة التي يرتدونها باللون أبيض ومكتوب عليها بالخط الأسود فقط عرين الأسود دون أي إشارة للانتماء التنظيمي


الفدائيون الجدد..جيش الهجوم

يدرك هؤلاء الفتية والشباب المقاتلون أن الخروج من مهمة الدفاع، لمغامرة الهجوم هي مهمة شاقة وخطرة ومضاعفة ونهايتها طريقان أما الأسر أو الشهادة وهي غاية لتحقيق النصر بكل الأحوال ، فقد نفذ هؤلاء المقاتلون من “كتيبة جنين” و “عرين الأسود” أكثر من 500 عملية اطلاق نار وعملية فدائية وحادثة طعن ودعس فقط منذ بداية العام 2022 رغم دقة وتطور منظومة الاحتلال الأمنية ،والجدير بالذكر أنه هؤلاء الشبان يبادرون بشراء الأسلحة الخاصة بالقتال والعمليات على نفقتهم الخاصة دون أي تمويل خارجي ،وفي مقابلة أجرتها “الخامسة للأنباء” مع والد الشهيد عبد الرحمن صبح،من نابلس، (28 عامّاً) يقول: ابني قام ببيع جرافة من نوع “باقر” ليشتري بثمنها بندقيته وذخيرته الخاصة التي بدأ ينفذ بها عمليات ضد الاحتلال وأخذ قطعة ذهب أيضاً من أقرباء لنا من أجل شراء أسلحة أخرى ،هذا الحال كما الفدائي جميل العموري (شهيد مخيم جنين الذي ارتقى في 10يونيو/ حزيران 2021)، والذي كان شخصية محورية وجذابة يستطيع التأطير لفكرة استمراية الهجوم بأقل الإمكانيات فقد أكد أقرانه ورفاقه بأن سلاح العموري وذخيرته بتمويل ذاتي منه هؤلاء نماذج فقط يملثون طوابير من هؤلاء الشبان

تدحرج الحالات العسكرية

تبدو ظاهرة العمل الفردي أو شبه المنظم في المجموعات، التي بدأت بظهورها بشكل لامع في الآونة الأخيرة ضمن حلقات وشعب شبابية ميدانية كما “عرين الأسود” و “كتيبة جنين”
هي نتاج لغياب شبه كامل للعمل التنظيمي في الضفة وعدم وجود حاضنة رسمية فصائلية لقيادة الكفاح المسلح في الوقت الراهن خاصة بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات والذي كان يحتوى ويحتضن مثل هذه الحالات العسكرية ،لكن هؤلاء الفدائيون الجدد باتوا مجدداً يقتدون بالنماذج الملهمة أو الرمزية في مثل هذا العمل مثل أحمد جرار وضياء حمارشة في جنين، ثم رعد حازم، ووالده أبو الرعد وعاصم البرغوثي في رام الله، وصولا إلى “النابلسي”، و”الدخيل”، و”الشيشاني”، ووالدة النابلسي وغيرهم

يذكر حسن لافي المختص بالشأن الإسرائيلي في حواره مع “الخامسة للأنباء” أن منظومة جيش الاحتلال تتابع عن كثب خطورة إمتداد وتوسع هذه المجموعات العسكرية وأن هذه الحالات تشكّل أرضية أو نواة لإمكانية للانطلاق لما هو أوسع وأكبر في نطاق العمل المقاوم خاصة بالضفة والقدس


الإلتفاف والتأييد الشعبي

لَم تَعد صورة الفلسطيني كما عُهد سابقاً في انتفاضة الحجارة يواجه المحتل بالحجر والمقلاع بل أضيف عليها اليوم “السلاح” وهذه الأحداث باتت تتكرر في كل الضفة الغربية وليست فقط جنين ونابلس، فتعزيز هذا النموذج على قاعدة العمل الوطني دون تأطير حزبي واضح، وحشد كل هذا التأييد الوطني والشعبي بات وسيلة تأطيرية متينة لتفريغ لطاقة الشباب الرافض للواقع تحت الاحتلال، والأهم من ذلك أنهم يعبرون عن شريحة واسعة من الشعب وهم الجيل الشاب، الذي بات ينظر لحالة الانغلاق في الأفق والمستقبل السياسي”.
فقد تجد مثلا صورة أبو الرعد خازم وأم إبراهيم النابلسي منشورة على آلالاف الحسابات الفلسطينية رغم سياسية الحظر ومعلقة في الشوارع ومرفوعة في المناسبات الوطنية فقد أصبحوا رمزاً وأيقونة للعمل الفدائي كداعمين ومؤيدين

جنين أول الغيث وآخر المنهزمين ..

في جنين يجد العدو نفسه عاجزاً إلّا عن اقتحامات محدودة للمخيّم، وبات الفلسطينيون في المدينة متمرّسين في مواجهته، فالعمليات الفردية الفلسطينية تنطلق من هذه المدينة التي تقع في شمال الضفة الغربية متحصنة ببيئة حاضنة للمقاومة، كما أنها منطقة خارجة نسبياً عن سيطرة الأمنية لأجهزة السلطة الفلسطينية ليس من الشارع الفلسطيني في جنين بل من داخل تنظيم حركة فتح نفسه، الأمر الذي يفقد السلطة الفلسطينية القدرة على التحرك والتحكم والقبضة الأمنية والاستخباراتية لصالح الاحتلال حسب “العربي”

كل تلك الأسباب تجعل جنين ومخيمها عصيين على الردع الإسرائيلي وعقوباته الأمنية والجماعية وتمثل نموذجا للمحاكاة في المدن القريبة من خطوط التماس مع العدو، ثم انطلاقا منها إلي مدن الضفة الغربية كل حسب جغرافيته خاصة مع ازدياد الرفض الجماهيري للسلطة الفلسطينية وضعف بنيويتها المتنامية لتصل فكرة المقاومة بكافة وسائلها مجدداً لشباب الضفة ولينضم العشرات منهم لمجموعات “كتيبة جنين” و “عرين الأسود”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى