مقالات الخامسة

الملف الشائك بين لبنان وإسرائيل

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

 كتب: حميد قرمان: 

ما زالت مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل تراوح مكانها، تفاؤل حذر دون انعكاس حقيقي وواضح، افكار ونقاش وتعديلات يتناقلها الوسيط الامريكي على ما اسماه نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بو صعب؛ مسودة اتفاق بصيغة “صفقة تجارية”، في المقابل يسعى الاسرائيليون للحصول على اتفاق شامل يراعي الترتيبات الأمنية تبدأ من نقطة بحرية تبعد نحو 5 كيلومترات عن الحدود البرية التي سعت اسرائيل لترسيمها ايضا في المفاوضات الجارية. صيغة الطرح الامريكي.. تجد قواسم مشتركة بين الطرفين خاصة في “حقل قانا” المتنازع عليه، فعقدة الخلاف بين الطرفين تكمن بهذا الحقل الواقع في منطقة يتقاطع فيها الخط (23) مع الخط (1) جنوبا، فيبدأ الاعتراف بحدود لبنان البحرية على أساس الخط (23) وحقل قانا، كما تتضمن التسريبات الامريكية ترتيبا يتم بموجبه إنتاج الغاز من قبل شركة فرنسية بترخيص لبناني في “حقل قانا”، مع حصول إسرائيل على حصة من الإيرادات، وهو ما تم رفضه لبنانيا الذي يطالب بعدم ربط التنقيب والاستخراج في البلوك (9) و”حقل قانا” غير المستكشف بمفاوضات إسرائيل مع شركة توتال الفرنسية حول حصتها من العائدات، كما استند لبنان بالمطالبة بحصة من الغاز المستخرج من حقل “كاريش” حيث يعتبر جزءً منه يقع في المنطقة المتنازع عليها، فرفضت اسرائيل جملةً وتفصيلا التفاوض حول هذه الجزئية كون “حقل كاريش” يتبع للحدود البحرية لاسرائيل حسب الخرائط التي قدمها الجانب الاسرائيلي للامم المتحدة. سياسيا.. فان الخطاب الاعلامي المتشدد ذي النسق التصاعدي نحو التهديد بالحرب من قبل الطرفين ليست الا لمخاطبة الرأي العام لديهم، فالطرفان لا يملكان قرار الحرب بينهما، كون الأمر.. لعبة مصالح تقودها الولايات المتحدة الامريكية الراغبة في خلق بدائل للغاز الروسي لمد أوروبا، وخلق هيمنة امريكية جديدة على أوروبا عبر اسرائيل لحل قضية اعتمادها على مصادر الطاقة الروسية في المدى المتوسط القريب، فالمقابل تسعى ايران من خلال ادواتها في لبنان الى تثبيت قاعدة ان الاستقرار في المنطقة يتحقق بيدها القابضة على قرار العاصمة اللبنانية، فالقرار السياسي في ملف ترسيم الحدود مع اسرائيل لن يكون الا عبر حلفاء مليشيا “حزب الله” التابع للجمهورية الايرانية، الذي شهد تحولا دراماتيكيا في مواقفه السياسية من اسرائيل؛ من عدو يحاربه.. لعدو يمكن التفاوض والاتفاق والتعايش معه في سبيل تحقيق مصالح ايران في المنطقة، مما يعزز من مكانتها ونفوذها في الاقليم، دون مراعاة الحسابات الداخلية اللبنانية. مما سبق.. لا يمكن اخفاء الانقسام في الطبقة السياسية اللبنانية، انعكاسات التفرد بقرارات السلم والحرب والتفاوض من قبل معسكر حزب الله وحلفائه.. ارضاءً لايران الذي يشكل امتدادا للازمات المتفاقمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. في الطرف الآخر.. اسرائيل فالوضع بداخلها ليس افضل حالا من لبنان، فالمحرك الاساسي لمعسكر لـ (لبيد- غانتس) في ملف ترسيم الحدود هو ما يمكن المماطلة به لتحقيق مكاسب أكبر في الانتخابات المقبلة، كون حسابات اليوم تختلف عن حسابات الغد لهذا المعسكر اذا ما استطاع تشكيل الحكومة الاسرائيلية المقبلة، اما اذا ما وصل نتنياهو ومعسكره اليميني؛ فستكون تداعيات هذا الملف مختلفة تماما، لعلم ايران وادواتها.. ان اللعب مع نتنياهو يختلف عن اللعب مع غيره، بعيدا عن كون اسرائيل دولة مؤسسات في المقام الأول، فاسرائيل ترغب بهيمنة امريكية على أوروبا من خلال مصادر الطاقة “البحر المتوسط” لكن فالمقابل دون ان تدفع بزيادة تأثير الهيمنة الايرانية في لبنان. مجددا.. كل ما ذكر سابقا يندرج تحت بند التحليل السياسي بناءً على ما سرب من معلومات فوق طاولة التفاوض بين الجانبين. ما نشهده اليوم من تفاؤل حذر ليس بالضرورة ان يستمر للغد لارتباطه بشكل وثيق بتداعيات الحرب الروسية الاوكرانية.. وما ستؤول إليه، فالروس ليسوا بعيدين عما يجري الآن، وان كان موقفهم ضبابيا الا ان مصلحتهم ان لا يتم الاتفاق بأي شكل من الاشكال، دون التدخل المباشر بذلك، وهو ما يتوقع ان تمارسه دمشق بالتأثير النوعي على معسكر حزب الله وحلفائه دون الصدام مع طهران، ليبقى المشهد الحذر هو سيد الموقف في هذا الملف الشائك.. لتضارب المصالح لدى كل جهة ورد اسمها في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى