تقارير

“المياه العادمة”.. سلاح الاحتلال لقمع المقدسيين وعقابهم جماعيًا

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الخامسة للأنباء -القدس العاصمة


لم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع في قمع المقدسيين وحراكهم الشعبي في مدينة القدس المحتلة، بل تتعمد رشهم بالمياه العادمة المضاف إليها مواد كيميائية تنبعث منها روائح كريهة تتسبب في مشاكل صحية جسيمة.

وفي الآونة الأخيرة، صعدت قوات الاحتلال من استخدامها لمركبة المياه العادمة في استهداف ورش الشبان والأطفال المقدسيين والمنازل والشوارع، وحتى المحال التجارية بشكل عشوائي، في البلدة القديمة، ومنطقة باب العامود وحي الشيخ جراح وغيرها.

ويؤكد مقدسيون أن المياه العادمة تُثير روائح كريهة تدوم لفترات طويلة، وتظل عالقة في الشوارع والأماكن المستهدفة، ما تسبب الغثيان والتقيؤ، وأمراض أخرى تُصيب منطقة الصدر والرئة.

وفي عام 2008، استخدمت قوات الاحتلال هذا السلاح للمرة الأولى، لقمع وتفريق مظاهرة فلسطينية، احتجاجًا على مصادرة أراض في قرية نعلين بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.

 

عقاب جماعي

وخلال الأسبوع الماضي، أصيب عشرات المقدسيين، بينهم أطفال ونساء، بالاختناق جراء رش قوات الاحتلال المياه العادمة وغاز الفلفل بصورة عشوائية في ساحة باب العامود، أثناء الاحتفال بذكرى المولد النبوي.

القاصر أدهم أبو قويدر (17 عامًا) من سكان البلدة القديمة، واحدًا من هؤلاء المقدسيين، الذين أصيبوا بالاختناق جراء استخدام الاحتلال للمياه العادمة، رغم أنه يعاني من مشاكل صحية في الرئة.

يقول والده كمال أبو قويدر لوكالة “صفا”: “أثناء تواجدي أنا ونجلي أدهم على البسطة في باب العامود تفاجئنا بقوات الاحتلال تقمع المتواجدين بالمنطقة، وبرش المياه العادمة يشكل عشوائي اتجاهنا، ما أدى لإصابة أدهم بالاختناق والغثيان وصعوبة في التنفس، نقل على إثرها للمشفى لتلقي العلاج”.

ويضيف أن” نجله يعاني من مشكلة صحية في الرئة، لكن استنشاقه للمياه العادمة فاقم من وضعه الصحي، وبناءً على ذلك، قدمنا شكوى للجنة الكنيست الإسرائيلية ومراقب الدولة، أرفقنا خلالها العديد من المستندات الطبية المتعلقة بحالة ابني”.

وتساءل “لماذا يتم معاقبتنا بهذه الطريقة الهمجية، ما الجرم والذنب الذي ارتكبناه كي يتم استهدافنا بالمياه الكريهة القذرة، لماذا يُفرض علينا العقاب الجماعي، لابد من التحرك العاجل لمنع استعمال هذه المياه، والذي تؤثر على صحة المواطنين”.

 

تصاعد ممنهج

ونظرًا لخطورة المياه العادمة على صحة السكان، قدم المحامي المقدسي مدحت ديبة شكوى لجهات مختلفة في حكومة الاحتلال، حول استخدام قوات الاحتلال لتلك المياه في استهداف المقدسيين دون أي مبرر.

يقول ديبة لوكالة “صفا”:” لاحظنا في الآونة الأخيرة، وتحديدًا منذ شهر رمضان الماضي وما تبعه من أحداث الشيخ جراح وباب العامود وحتى اليوم، تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة استعمال الاحتلال لسيارات المياه العادمة في القدس، والتي تحتوي على مواد قذرة ذات رائحة كريهة تبقى لساعات طويلة”.

ويوضح أن استخدام هذه المياه في قمع المقدسيين ازداد بشكل غير مسبوق، لذلك كان لابد من التحرك لمنع استعمالها، وبناءً عليه قدمنا شكوى لكل من (وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، مراقب الدولة، لجنة الداخلية في الكنيست، المستشار القضائي لحكومة الاحتلال، والمستشار القضائي للشرطة).

ويضيف أن الشكوى تضمنت أن هذه الآلة قمعية خطيرة تهدف ليس فقط لتفريق المتظاهرين، بل يتم استخدامها في أماكن مكتظة بالسكان وفي الشوارع، وهناك أطفال ونساء أصيبوا بهذه المياه وما زالوا يعانون بسببها، كما أنها تشكل عقابًا جماعيًا.

ويتابع “لقد استندنا في هذه الشكوى إلى تقرير سابق للجنة الكنيست حول استخدام سيارة المياه العادمة في قمع مظاهرات وقعت غربي القدس إبان حكم بنيامين نتنياهو في يوليو/تموز 2020، علمًا أن المياه المستخدمة حينها لم تكن ملوثة”.

وبحسب ديبة، فإن استخدام المياه العادمة يُخالف الأوامر المنصوص عليها في النظام الداخلي لدى شرطة الاحتلال، ولا يراعي المسافات في رشها ضد المقدسيين والمحال التجارية، لأن هناك مسافات معينة يجب اتباعها في استعمال هذه المياه.

وبموجب النظام الداخلي للاحتلال، كما يوضح المحامي ديبة، فإنه يمنع رش المياه من مسافة لا تقل عن 25 مترًا على المتظاهرين، وعدم رشها باتجاه مناطق الرأس والعين والأذن، وكذلك ضرورة تنبيه المتظاهرين قبل استخدامها.

ويضيف “ننتظر رد حكومة الاحتلال على الشكوى المقدمة، خاصة أننا تلقينا ردًا مبدئيًا من وزارة الأمن الداخلي، ومراقب الدولة بأن الموضوع قيد البحث والدراسة”.

ويلفت إلى أنه لا يوجد أي ضرورة أو مبرر لاستعمال المياه العادمة سواء في منطقة باب العامود أو أي منطقة أخرى بالقدس، خاصة في ظل عدم وجود أي مظاهرات أو “أعمال عنف قد تشكل خطرًا على قوات الاحتلال”، وكل ما يسوقه الاحتلال من مسوغات غير موجودة على أرض الواقع.

ولم يقتصر حجم الخطر على السكان المقدسيين، بل حتى التجار يعانون من استعمالها، كونها تستهدف محالهم التجارية بشكل متعمد وعشوائي، ما يؤدي لشلل الحياة الاقتصادية، وإبعاد السكان عن البلدة القديمة.
المصدر/صفا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى