مقالات الخامسة

غسان زقطان: أشياء من هذا القبيل

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام، أول من أمس، للسفيرة سلام الزواوي وهي تؤدي اليمين كسفيرة لفلسطين في العاصمة الإيرانية طهران، نفس الموقع الذي شغله والدها منذ العام 1982، أثارت الكثير من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، لكنها أعادت فتح الملف القديم الجديد حول شبكة العمل الدبلوماسي الفلسطيني والقوانين التي تحكمها، من حيث معايير الاختيار، الكفاءة، والحقوق، وعدالة الفرص، والخبرة.
هناك أزمة حقيقية هنا لا يمكن مواصلة تجاهلها، أو تفادي الحديث بشأنها.
يمكن هنا استعادة الفشل الذي اتسمت به هذه الشبكة خلال العدوان الإسرائيلي على القدس ومواجهات حيّ الشيخ جرّاح وسلوان في القدس، وهو فشل يمكن تلمسه الآن في مواجهة الهجمة الاستيطانية وجرائم المستوطنين التي تغطي الضفة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.
يمكن أيضاً استعراض العزلة التي تسترخي فيها سفارات عن الجاليات الفلسطينية في أماكن تواجدها، والأنشطة غير المخططة غالباً، التي تنظمها بين وقت وآخر، وعدم ارتباط معظم هذه الأنشطة بالواقع، كما لو أنها استعارات متقطعة من مخيلة تعيش بسعادة في ماضيها.
يمكن الحديث هنا عن غياب التخطيط وبؤس البرامج سواء على مستوى السفارة ومنطقة عملها، أو على مستوى المركز، غياب الأسئلة من نوع: ما الذي علينا أن نركز عليه في هذا المكان والآن؟ وكيف يمكن أن نحوّل هذه الأسئلة إلى برامج؟ هل هناك قراءة حقيقية موثقة لواقع هذه الدول واتجاهات مجتمعاتها؟ ما هي بالضبط مهمة السفراء والعاملين في السفارات، وكيف يمكن بناء جسور مع الجاليات والاستفادة من خبراتها وطاقاتها؟ كيف يمكن الاستفادة من مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين ومن الخبراء والأفراد في إغناء دور السفارات وبرامجها؟ كيف يمكن إغلاق الثغرة الهائلة المتأتية من غياب المكون الثقافي لدي الجسم الدبلوماسي الفلسطيني، رغم أنه تأسس على أيدي مثقفين؟
سيخبرنا شخص متفائل وحسن النية بأن هناك إنجازاً هنا أو هناك.. هذا صحيح ولكنه عائد لمهارات فردية في الغالب.
الآن نحن أمام ملفات كبرى: الاستيطان، وملف الأسرى، وملف المقاطعة، والأهم اكتمال نظام الأبارتهايد الاحتلالي، وأمام السؤال الذي يشكل مظلة لكل هذا: ما هي برامج وخطط الدبلوماسيين الفلسطينيين المنتشرين في كل أنحاء العالم بهذا الشأن؟
مرة واحدة جرت محاولة تجديد وعصرنة وزارة الخارجية في العام 2004، حيث جرى وضع قانون يحدد فترة الخدمة (أربع سنوات)، وتحديد سن التقاعد، ووُضعت خطط لتدوير المواقع والمهمات، كما جرى البحث بعمق في دمج العمل الثقافي وتطويره في برامج السفارات عبر الاستفادة من المثقفين الفلسطينيين وخبرتهم في هذه البرامج.. إلى آخر هذه التوجهات.
الملفات مفتوحة وفتحت معها الأسئلة، أسئلة بسيطة وجديّة، من نوع: كيف يمكن لسفير أن يقضي ما يقارب الأربعة عقود ممثلاً لفلسطين في دولة واحدة؟ كيف يمكن فهم أن يواصل السفير عمله متجاوزاً كل سنوات التقاعد؟ ما هي المعايير التي على أساسها تم تعيين ابنته قي موقعه؟
… وأشياء من هذا القبيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى