مقالات الخامسة

غادة الكرمي مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الكاتب: فتحي احمد

اتكأت الاديبة غادة الكرمي في خطابها الادبي في روايتها البحث عن فاطمة على توظيف الحقيقة بعيدا عن الأسطورة ولم يعد الرمز الأسطوري له حضور في روايتها بعد ان هدأت العاصفة وعادت الصحوة بعد اهوال حرب 1948 وجدت الاديبة الكرمي نفسها في قلب العاصفة فاقدة جزء ثمين من حياتها وكأن الشتاء اغلق باب بيتها وحاصرته تلال الجليد وقد حزنت على الامس لأنه لن يعود ومن هنا بدأت مشوار التحدي وتمسكت بخيوط الشمس ولم تترك نفسها رهينة احزان الليالي المظلمة في قلبها حلقت غيوم الحزن السوداء ليبدأ فصل جديد من حياتها وهو البحث عن فاطمة رواية تجسد معاناة طفلة كبرت وترعرعت ولم تجد مربيتها بين ليلة وضحاها انها النكبة بفصولها المأساوية وليلها حالك السواد مجازر هنا وهناك تشريد وقتل هدم للبيوت وتقطيع اواصل الناس لاجئون قصورهم الخيام في الادغال او على تخوم قرى ومدن ما تبقى من فلسطين هذا غيض من فيض حوادث ومشاهد حزينة تركتها النكبة سمعناها منها من طواها النسيان واخريات تستحضرها الذاكرة على الدوام كانت لرواية الاديبة غادة الكرمي صدى كبير في العالم حيث بعثت في القارئ ابجديات الخاطرة الحقيقية خالية الخيال قصة لها ابعادها السياسية والاجتماعية والإنسانية لم تنسى الاديبة الكرمي مربيتها فاطمة وهي في فترة الطفولة لقد احبتها وكأنها جزء اصيل من عائلتها او تربطها رابطة دم فليست رابطة الدم هي التي تقرب الانسان بأخيه زلفى فحسب فهنالك مجال الجذب المغناطيسي حسب علماء الاجتماع فهو يلعب دورا أحيانا في الالفة والمحبة قليلا هم من يخونون العشرة او لا تحمل صفاته الاصالة لقد قرات مقتطفات يسيرة من رواية البحث عن فاطمة فوجدت ان الشوق للمفقود او المختفي عن الابصار هو دافع ليس بغرائزي فالغريزة يشترك فيها بني البشر وانما عدم نكران المعروف هو سجية الكاتبة اذن نموذج غادة الكرمي في روايتها البحث عن فاطمة ليس خيالا بعيدا عن الصواب وانما قصة حقيقة لامرأة فلسطينية من قرية المالحة المهجرة عملت في بيت الاديب حسن الكرمي سنوات قبل النكبة في حي القطمون في القدس كانت القصة بدايتها ونهايتها تراجيدية في نظر الكاتبة قد لا يتخيل القاري او البعض ان الطفلة التي كبرت وبلغت من الكبر عتيا هرولت من لندن الى بيت لحم تتحسس اخبار فاطمة ( المربية ) أي اصالة تلك او معروف هذا الذي تحتفظ فيه الكرمي حتى اليوم نعود لنقول ان النكبة والنكسة لم ولن تقطع تواصل الناس نعم لن يقطع التاريخ بسكين الجغرافيا فمهما تفتت الحدود الجغرافية واندثرت فأننا على يقين بأن الإصرار والعزيمة سيدتا الموقف ماتت فاطمة ووري جثمانها الطاهر ثرى بيت لحم وبقيت الطفلة حافظة لها جميلها الذي لم ينسى لقد استوطن الاغراب في قصر الاديب والشاعر حسن الكرمي لكن حجارته وحديقته شاهدا على إسلامية المكان وصداه العربي لقد استطاع اليهودي ان يحرف مصدر فكره لكنه عجز عن ان يطمس الحقائق ويحرف بوصلتها فالامور صارت باتجاه عكس ما خطط له المحتل فسقطت مقولة احد زعماء إسرائيل عندما قال الكبار يموتون والصغار ينسون لو بقيت في فلسطين شجرة زيتون واحدة كافية على ان التاريخ لن يزور او يتحول لن يقف الزمان حسب الحاخامية في فترة ويعود ويتجدد بعد نشوء دولتهم والتاريخ ماضي يسجل ويدون ويحكي لنا ان عمر الاحتلال قصير والحكاية من بدايتها لنهايتها مجرد سراب يحسبه الظمآن ماء لا تسوق حتى في أسواق النخاسة اذن تبقى رواية غادة حسن الكرمي نبراسا لنهتدي بها في غيابات الجب ودياجير الليالي فهي طريقنا نحو تاريخنا وجغرافيتنا وارضنا وزيتوتننا ماتت فاطمة وتركت في عقل غادة والاجيال المرأة المثابرة والمخلصة لقد حضنت غادة كثيرا وحضنتها الطفلة فكان الدافع لديها لتشق طريق البحث عنها سنوات لا تكل ولا تمل حتى وقفت على اخبارها هذه احاسيس النفي والتشريد ورغم ان الرواية تبعث على الاعجاب الا ان فصولها تعيدنا الى الوراء سبعين عاما ونيف وما زالت النكبة مستمرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى