مقالات الخامسة

لماذا تمنع إسرائيل دخول الصحافة العربية والأجنبية إلى غزة ..؟

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

بقلم د هاني العقاد

لم تمنع إسرائيل وكالات الصحافة الأجنبية والعربية من الدخول إلى غزة لتغطية آثار الحرب المدمرة على القطاع فقط ولكنها تحاول إعاقة نشر كل التقارير الإعلامية التي يتم اعدادها عن القطاع، وفي كثير من الأحيان كانت إسرائيل تعاقب الصحفيين الذين يرسلون مثل هذه التقارير وكانت في كثير من الأحيان تقوم بقطع خدمات الانترنت والاتصالات الخلوية لتعيق عمل محطات التلفزة التي بقيت تعمل من خلال مراسلين فلسطينيين محليين في القطاع، والتي قتلت منهم إسرائيل ما يقارب 200 صحفي ومراسل ومصور، ومازلت تمنع اسرائيل ذلك منذ سنتين أي وكالات اجنبية او عربية من الدخول الي القطاع لتغطية الحرب في غزة ونقل يومياتها وآثارها ونتائجها على المستوى الميداني والإنساني الى العالم ولا يعنيها اذا ما كانت تنتهك حرية العمل الاعلامي او لا فهي تنتهك الحقوق الفلسطينية بالجملة وأهمها حق الانسان الفلسطيني في الحياة.

 

كانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد رفضت التماسا لرابطة الصحفيين الاجانب في القدس يسمح للفرق الإعلامية ووكالات الانباء الغربية والعربية والإسرائيلية بدخول القطاع دون اعاقات او رفع الحظر المفروض من قبل الجيش والحكومة دون ابداء سبب واضح سوى ان هذا إجراء غير قانوني لا تسمح به الحكومة الإسرائيلية. في أكتوبر 2025 وبعد وقف اطلاق النار جددت مؤسسة مراسلون بلا حدود الإسرائيلية الطلب من المحكمة العليا الإسرائيلية إصدار قرار يسمح بدخول الصحفيين الأجانب الى القطاع باعتباره حقا في الوصول الى المعلومة وباعتباره من الحقوق الأساسية وأرسلت رسائل للحكومة الإسرائيلية مفادها ان هذا الاجراء اجراء غير قانوني، وعقدت المحكمة جلستها يوم الخميس 23 أكتوبر الماضي بحضور مؤسسة مراسلون بلا حدود كطرف معني باعتبارها جهة صديقة للمحكمة، حيث اعتبرت ان قرار وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه بوساطة أمريكية مصرية تركية قطرية يشكل تغيراً كبيراً في الظروف بما يقضي مراجعتها سياستها هذه. وأصدرت المحكمة امراً يلزم الحكومة بتقديم موقف واضح من منع الصحفيين ووكالات التلفزة العالمية من الدخول الي القطاع ومنحت الحكومة الاسرائيلية 30 يوما آخر لتوضيح موقفها القانوني من هذا الاجراء بالرغم من انها سبقت ومنحت الحكومة الإسرائيلية فرص لستة مرات لتقدم دفوعاتها امام المحكمة لكن دون جدوى. في هذه الاثناء مازالت رابطة الصحفيين الأجانب تكافح الي جانب مؤسسة مراسلون بلا حدود من اجل رفع الحظر الإسرائيلي عن دخول الصحفيين الي القطاع والعمل بصورة مستقلة وقالت رئيسة الرابطة (تانيا كريمر) “حان الوقت لترفع إسرائيل الحصار وتدعنا نقوم بعملنا إلى جانب زملائنا الفلسطينيين”، والجدير بالذكر ان اسرائيل لم تسمح الا لعدد قليل من المراسلين ومنهم العسكريين بمرافقة قواتها اثناء العمل في قطاع غزة وبالتالي السيطرة على التقارير المصورة والمنشورة لصالح الحملة العسكرية الإسرائيلية في القطاع.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

 

 

مؤخرا أقر مسؤول امريكي رفيع لصحيفة (تايمز اف إسرائيل) بان مسالة دخول الصحفيين الأجانب الي القطاع لا تشكل أولوية بالنسبة لإدارة الرئيس الامريكي دونالد ترمب مما يسمح لإسرائيل بالاستمرار في حظر دخول الصحفيين وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أمريكيين ان ادارة ترمب حثت قليلا إسرائيل على السماح للصحافة الأجنبية بدخول القطاع بعد دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ وكان هذا في العاشر من أكتوبر الماضي، ولعل استمرار حظر دخول الصحافة الأجنبية الي القطاع يشكل جزءاً من سياسة للتعتيم الإعلامي واخفاء الجرائم عن العالم من قبل اسرائيل ومنح جيش الاحتلال الفرصة الكافية لينفذ جرائمه بحرية ودون تحرك ضاغط من الشارع الدولي على حكومات العالم لتضغط على اسرائيل تقييد حرية الجيش في العمل خلال حملاته العسكرية في القطاع على مدار سنتين واكثر. وهنا يبرز امامنا سؤال ضروري لا بد وان نجد له إجابة امام كل العالم دون خوف او خشية من أي ملاحقات إسرائيلية وخاصة اننا نتحدث عن خطة لأنهاء الحرب في غزة, الى متى سيستمر هذا الحظر الإعلامي الغير قانوني؟ نقول انه من الطبيعي والمتعارف عليه في كل انحاء العالم واثناء الحروب انه اذا ما توقفت المدافع وتوقف سقوط القذائف والصواريخ وتوقفت العمليات العسكرية البرية يتوجب على الأطراف المتنازعة السماح لكافة تشكيلات الصحافة والاعلام الأجنبية الحرة بالدخول الي ميادين العمليات العسكرية لنقل الحقيقة للعالم بالتفاصيل وكشف الجرائم التي قد تكون ارتكبت اثناء الحرب واطلاع المؤسسات الدولية أيضا على تقارير موثقة عن انتهاكات الأطراف المتنازعة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وكافة مواثيق حقوق الإنسانية وحماية البشرية ولعل هذا ما لم يحدث في الحرب على غزة لان الحقيقة تقول ان الحرب على غزة لم تنتهي بعد وقد لا تريد إسرائيل انهائها في المرحلة الحالية، ولعل ما تخشاه إسرائيل في هذا الامر ان تتمكن وكالات الانباء من أثارة مزيد من المعارضة الشعبية الدولية لهذه الحرب واثارة المزيد من الانتقاد الدولي لإسرائيل التي دمرت قطاع غزة بكامل بنيته المدنية وحرمت اكثر من 2 مليون مواطن من حرية العيش في مدنهم وحرمتهم من كافة الخدمات الإنسانية بعدما سحقت المباني العامة والمساكن الخاصة وتخشي إسرائيل من التقارير والمشاهد القاسية التي ستخرج من غزة وتفاصيل الحالة الإنسانية التي يعيشها السكان وحالة الحصار السياسي والاقتصادي من ان تؤلب الراي العالم العالمي ضدها وتزيد من قوته الضاغطة وبالتالي تزداد عزلتها ويرتفع مستوي كراهيتها ما قد يساهم هذا الضغط الشعبي في خلق حالة غير مسبوقة من الضغط على الحكومات الصديقية لتجمد كثير من برامجها المشتركة مع اسرائيل وتعلق العمل بالكثير من الاتفاقيات معها.

 

 

 

لم يعهد العالم حصارا وعزلا إعلاميا كالذي تفعله إسرائيل اليوم في غزة، ولم يسبق لدول ان تمارس هذا النوع من التعتيم الإعلامي كالذي يحدث في غزة، ورغم هذا فإن إسرائيل تعاني من مضايقات إعلامية ورسمية وغير رسمية وعلى ما يبدو ان الاعلام الغير رسمي ومنصات التواصل الاجتماعي ونشطائها شهد تفوقا اليوم على كافة وكالات الانباء الرسمية في التغطية الإعلامية لانهم نقلوا للعالم ما لم تستطع هذه الوكالات نقله وكشفوا روايات الاحتلال الكاذبة وفضحوا جرائم اسرائيل اثناء الحرب وكان لهذا النوع من التغطية الغير مباشرة تأثير كبير على حركة الشارع الدولي ساهم في زيادة دعم الحق الفلسطيني والطلب من إسرائيل وقف هذه الحرب فوراً و وقف ارتكاب الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين وتدمير بنيتهم المدنية وحرمانهم من الحق في الحياة.

 

 

لا أعتقد ان يستمر الحظر الإسرائيلي على دخول الصحافة الأجنبية الى القطاع طويلا لكنه مرهون بحدوث متغيرات في توجهات الرأي العالم الدولي والذي يشكل حالة قلق كبيرة لإسرائيل وتراهن إسرائيل على عامل الوقت الذي سيساهم في إخفاء كثيرا من تفاصيل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل اثناء الحرب الوحشية التي استمرت لسنتين ومازالت تدور رحاها ولكن بوتيرة منخفضة وفي مناطق محددة. اعتقد ان اسرائيل تريد بعض الوقت لتتأكد ان العالم بدأ ينسي جرائمها او ينشغل بأمور اخري غير متابعة جرائمها في غزة والمطالبة بمحاسبتها على افعالها بحق المدنيين وجرائمها التي باتت تشكل انتهاك صارخ لكافة القواعد والقوانين الدولية الإنسانية وبعد ان تدفع اسرائيل ببعض الأمور للعالم لتوحي له بانها تحترم الان حق المدنيين في الحياة وتخفض من سلوكها العدواني تجاه المدنيين الفلسطينيين ولكن لدي اسرائيل توقيت ما أي بعد ان تزال كثير من الأدلة التي تثبت ارتكاب مثل هذه الجرائم ويفتر وينطفئ الدعم الدولي للضحايا الفلسطينيين, وبالتالي تصبح هذه الجرائم خبراً من الماضي لا تأثير لها واعتقد ان اسرائيل ستمح لهذه الوكالات بالعمل في القطاع بعدما تتأكد ان حالة انطفاء دولي للراي العالم تحققت واي توجهات قد لا تصبح مؤثرة وضاغطة على المستويات الرسمية في إسرائيل والدول الداعمة لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى