إبراهيم لشبكة الخامسة: مؤسسة المجد واجهة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من غزة بغطاء قانوني
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كشف الكاتب السياسي والحقوقي مصطفى إبراهيم النقاب عن أن ما يُعرف بـ”مؤسسة المجد”، بغض النظر عن مكان تسجيلها في إسرائيل أو أوروبا، ليست سوى واجهة قانونية لمشروع إسرائيلي مُمنهج يهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسراً من قطاع غزة، مستخدماً أدوات تمويه مثل الجمعيات والشركات لإضفاء الشرعية.
وأوضح إبراهيم في تصريح حصري لشبكة الخامسة للأنباء، أن المؤسسة تنفذ عملياً مخطط تهجير منظم، حيث تسهل خروج الفلسطينيين من غزة عبر معبر كرم أبو سالم المحظور عليهم، ثم تنقلهم إلى مطار في النقب، قبل ترحيلهم جواً إلى دول أفريقية كنقاط “ترانزيت”، وأخيراً إلى وجهات مثل جنوب أفريقيا، في عملية وصفها بأنها “غير قانونية وتنتهك القانون الدولي الإنساني انتهاكاً صارخاً”.
وأكد أن ما يحدث ليس مجرد ضمان حرية سفر أو حق في الإقامة بدول أخرى، بل هو تهجير ممنهج يهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه الأصليين، وتمويله يأتي من جيوب الضحايا أنفسهم الذين يدفعون ثمن تأشيرات السفر.
وشدد على أن الجهات التي سجلت هذه المؤسسة مطالبة بفتح تحقيق عاجل وشفاف، خاصة أن من يقف خلفها -حسب المعلومات المؤكدة- إسرائيلي يحمل جنسية مزدوجة، محذراً من أن أي شكاوى متعلقة بهذا النشاط يجب أن تتحول إلى ملاحقات قانونية جادة، نظراً لما تمثله من انتهاك سافر للمواثيق الدولية.
فخ الشبكات المشبوهة
وأشار إلى أن حماية المواطنين من الوقوع في فخ هذه الشبكات المشبوهة التي تسهل الهجرة، هي مسؤولية مباشرة تقع على عاتق الجهات الرسمية الفلسطينية، سواء في رام الله أو غزة.
وأكد أن هذه المسؤولية تبدأ من التوعية الشاملة، وتمتد إلى المتابعة الدقيقة والرقابة الصارمة على الأنشطة المشبوهة التي تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، منوهاً إلى أن غياب المحاسبة يثير استفهامات خطيرة حول كيفية خروج أعداد من الأشخاص دون علم الجهات المختصة، وبمعزل عن الإجراءات القانونية الواضحة، كما في حالات لم الشمل أو التنسيق الرسمي عبر السفارات.
وأضاف: “في ظل غياب الدولة والقانون والرقابة، وانعدام التوعية، وفي خضم الانقسام السياسي والرعب الذي يعيشه الناس، يظل المواطن يتلمس أي طريق للنجاة من أهوال الحرب، مما يفتح الباب على مصراعيه لاستغلال هذه المعاناة”.
وشدد إبراهيم على أن التهجير القسري يمثل جريمة كبرى، خاصة أن الشعب الفلسطيني ما زال يرزح تحت نير الاحتلال، لكنه مع ذلك أكد أنه لا يمكن نزع حق الناس في خياراتهم الفردية.
وقال: “هذا الملف يتطلب صحوة مجتمعية عاجلة، وإحساساً جماعياً بالأمان والثقة في السلطة، عبر توفير المساعدات الفعلية، والإسراع الحقيقي في إعادة الإعمار، وضمان الأمن… كل هذه عوامل حاسمة لبقاء الناس في غزة، لكن يبقى الوعي الوطني هو الحصن الحصين”.
وتابع إبراهيم: “رغم القسوة التي نواجهها، يستحيل أن يهاجر 2.3 مليون فلسطيني. هناك من اضطر للخروج سعياً وراء الأمان، وهذا حق لا ينكر. لكن حتى أولئك الذين غادروا، فإن كثيرين منهم ينتظرون اللحظة التي يُفتح فيها معبر رفح ليعودوا إلى ديارهم. فالفلسطيني لا وطن له إلا أرضه”.
الغطاء الإنساني… لتسهيل التهجير
وأوضح الناشط الحقوقي مصطفى إبراهيم أن الخلط المتعمد بين الإنساني وغير الإنساني هو لعبة إسرائيلية قديمة متجددة، حيث تفرض الحصار والعقاب الجماعي على سكان قطاع غزة، بينما تيسر في الوقت ذاته هجرتهم عبر قنوات مشبوهة، معتبراً أن هذا يمثل جزءاً أساسياً من أهداف الحرب الإسرائيلية، بل هو امتداد طبيعي للسياسات الصهيونية منذ نكبة 1948.
وأكد أن إسرائيل لم تتوقف لحظة عن السعي لتفريغ غزة من سكانها، سواء عبر الإبادة المباشرة أو الضغط النفسي والمعيشي الممنهج، مشيراً إلى أن هذه المخططات طُرحت رسمياً في أروقة الحكومة الإسرائيلية، ونوقشت على أعلى المستويات الأمنية والعسكرية.
وأضاف: “حتى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب دعم هذه الأفكار علناً عندما تحدث عن مشاريع في سيناء وطالب صراحة بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن ومصر، لكن القاهرة كانت حصناً منيعاً في مواجهة هذه الضغوط ورفضت القبول بأن تكون شريكاً في هذا المخطط”.
ولفت إبراهيم إلى أن مواجهة هذا الخطر الوجودي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تحالف حقيقي بين مؤسسات المجتمع المدني، والسلطة الفلسطينية، والفصائل الوطنية، إلى جانب تكثيف الجهود التوعوية والتثقيفية لتحذير الناس من مخاطر التهجير.
مؤشر ينذر بالخطر
وقال: “ندرك تماماً قسوة الظروف، لكن المؤلم أن تسمع من مواطنين عاديين عبارة ‘كلنا بدنا نهاجر’، وهذا مؤشر ينذر بالخطر”.
وأضاف: “حتى في النقاشات مع الأصدقاء المقربين، يصبح من شبه المستحيل إقناعهم بالبقاء في مواجهة هذا الواقع المأساوي. لذلك نحن بحاجة ماسة إلى مشروع وطني موحد لمواجهة هذه السياسة، يبدأ بوضع حد للانقسام البغيض، ويشمل كلا السلطتين في غزة ورام الله، لتحمل مسؤولياتها التاريخية في هذا الملف المصيري”.
كما أشار إلى ضرورة محاسبة الجهات التي تمول أو تروج لعمليات الهجرة، قائلاً: “يجب أن نطرح السؤال الجوهري: من أين يحصل البعض على أموال طائلة للهجرة؟ من الخلفية الحقيقية لهذا التنظيم؟ من يسهل العملية برمتها؟ كل هذه الأسئلة تحتاج إلى تحقيقات عاجلة ومحاسبة صارمة”.
وختم إبراهيم تصريحه بالتأكيد على أن الهجرة في ظل الاحتلال ليست مجرد خيار شخصي في ظل الاحتلال، بل هي أداة سياسية تستخدمها إسرائيل لإفراغ الأرض من أهلها، مضيفاً: “الرد الحقيقي على هذه السياسات لا يكون إلا بالصمود ، والوعي ، والوحدة الوطنية التي تعيد بناء الثقة لشعبنا وتمنعه من السقوط في هذا الفخ”.





