«اتفاقية غاز غزة» تُجدّد الخلاف بين رام الله والفصائل
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
لا تزال خلفية الموافقة الإسرائيلية على اتفاقيّة غاز غزة المُوقّعة أخيراً بين السلطة الفلسطينية والقاهرة، غير واضحة إلى الآن. لكن الأكيد أن خطوة رام الله لا تفتأ تثير اعتراضات من الفصائل التي تّتهم السلطة بالتفرُّد في هذا الملفّ، واستبعاد أبناء القطاع منهغزة | في وقت كانت فيه الأنظار تتركّز على ترتيبات الانتخابات الفلسطينية، أثار توقيع رام الله عقد بيع مرتبطاً بغاز قطاع غزة، لصالح السلطات المصرية، خلافاً مُتجدّداً بين الفصائل والسلطة، حول تَفرُّد الأخيرة بالمقدّرات الفلسطينية، وتوقيعها عقوداً خلال مرحلة انتقاليّة تسبق انتخاب مجلس تشريعي ملزَم بالموافقة عليها، إضافة إلى حالة الغموض حول بنود تلك العقود وتفاصيلها.
وبشكل مفاجئ، وبعد ساعات من زيارة وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملّا، دولة الاحتلال، أعلنت السلطة الفلسطينية توقيع مذكّرة تفاهم ما بين الأطراف الشريكة في حقل غاز غزة، والمُتمثّلة حالياً في «صندوق الاستثمار الفلسطيني» و«شركة اتحاد المقاولين» (CCC) و«الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية» (إيغاس)، للتعاون في تطوير الحقل وبنيته التحتية، بما «يُوفّر احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي، ويُعزّز التعاون بين البلدين الشقيقين»، مع «إمكانية تصدير جزء من الغاز إلى جمهورية مصر».
ولم تعلن السلطة بنود مذكّرة التفاهم وحجم الاستثمار المصري الجديد في غاز غزة، وهو ما دفع العديد من الفلسطينيين إلى إعادة تساؤلاتهم السابقة حول ملفّ الغاز، وأحقيّة الغزّيين في المشاركة في تقرير مصيره. وتَصدّر هؤلاء عضوُ المكتب السياسي لحركة «حماس»، موسى أبو مرزوق، الذي طالب بمعرفة بنود الاتفاق وإشراك أبناء القطاع فيه، الأمر الذي قابلته السلطة بهجوم كبير من عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، حسين الشيخ، على اعتبار أن الاتفاقيات تتمّ بين دول وليس بين دول وفصائل.
وكانت السلطة أعلنت، من دون أيّ توضيح، أن الاتفاق مع المصريين سيساهم في إيجاد حلّ جذري لأزمة الطاقة التي يعاني منها قطاع غزة، بالإضافة إلى «تزويد محطة جنين لتوليد الطاقة بالغاز مما سيساهم في تعزيز الاستقلال الوطني الفلسطيني والاعتماد على الموارد الوطنية في قطاع الطاقة». وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر في السلطة، فقد ناقش وفد فلسطيني يقوده عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، حسين الشيخ، قبل ثلاثة أسابيع، قضية غاز غزة مع جهات مسؤولة في الحكومة الإسرائيلية مُقرّبة من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وطلب رسمياً عدم اعتراض دولة الاحتلال على بيع غاز القطاع، والموافقة على عرض مصريّ للتعاون في استخراجه وشرائه لصالح رام الله. وخلال الأسبوع الماضي، حصلت السلطة على موافقة الاحتلال، الأمر الذي دفعها إلى إبلاغ السلطات المصرية باستعدادها للتفاوض حول عرض مصري قديم لتطوير غاز غزة عبر استخراجه وشراء جزء منه، وذلك بعدما فشلت مفاوضات سابقة بين الفلسطينيين والقاهرة إثر توقيع الأخيرة اتفاقاً لشراء الغاز من دولة الاحتلال.
ولم تربط المصادر ما بين المباحثات التي جمعت أخيراً السلطة الفلسطينية وأطرافاً داخل حزب «الليكود»، وبين سعي هؤلاء الأطراف إلى مساعدة نتنياهو في حصد أصوات فلسطينيّي 1948 خلال انتخابات «الكنيست» في آذار/ مارس المقبل، إلا أنها لم تستبعد أن تكون موافقة الاحتلال على طلب السلطة بخصوص الغاز ناتجة من تلك الاتصالات. ولم تتّضح، إلى الآن، خلفية الموافقة الإسرائيلية، علماً أن دولة الاحتلال كانت تُصرّ طيلة العقدين الماضيين على أن أيّ غاز من بحر غزة يجب أن يُنقل إلى محطّة تسييل الغاز في عسقلان، ومن ثمّ يُوزَّع إلى غزة والضفة أو أيّ مكان آخر، وهو ما كانت ترفضه السلطة سابقاً، بالإضافة إلى الشركة البريطانية «بريتش غاز».
وتبلغ قيمة الغاز أسفل بحر قطاع غزة أكثر من 4.5 مليارات دولار سنوياً في حال استخراجه، إلا أن جزءاً منه أتمّت دولة الاحتلال سرقته عام 2012، عندما استخرجت كلّ كمّية الغاز الموجودة في حقل «ماري بي» والتي تُقدّر بـ1.5 ترليون قدم مكعّب. أمّا السلطة الفلسطينية، فقد اتّسم أداؤها حيال هذا الملفّ بغموض كبير منذ عام 1995، إذ وَقّعت في تشرين الأول/ أكتوبر 1999 اتفاقاً مع شركة «بريتش غاز»، تَبيّن لاحقاً أنه ينصّ على أن تستحوذ الشركة البريطانية على 60% من عائدات الغاز، مقابل 30% لـ«شركة اتحاد المقاولين»، و10% في المئة فقط لـ«صندوق الاستثمار الفلسطيني»، فيما يُلزِم الفلسطينيين بإبلاغ دولة الاحتلال بأيّ عمليات اكتشاف أو إنتاج في مناطقهم.