أسرى فلسطين

الأسير المريض معتصم ردّاد: إن كتبت لي الشهادة لا أريد أن يطالب أحد بجثماني

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الرسالة التي خرجت على لسان الأسير الفلسطيني معتصم ردّاد (42 عاماً)، من بلدة “صيدا” شمالي طولكرم، شمال الضفة الغربية، يمكن وصفها بأنها “رسالة وداع” من أسير يعيش الموت بكل تفاصيله، جراء سياسة الإهمال الطبي المتعمّد، التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال بحقه وبحق مئات الأسرى الفلسطينيين.

فبعد 18 سنة على اعتقاله، يتربع الأسير رداد، على قائمة الأسرى المرضى الأشدّ خطورة، والمهددون بفقدان حياتهم في أيّ لحظة.

ويقبع الأسير في قسم (22) في سجن “عوفر” قرب رام الله، داخل زنزانة لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الآدمية ولا الظروف الصحيّة المناسبة لوضعه الصحيّ. فيما تعتبر حالته المرضية من أصعب الحالات في سجون الاحتلال الإسرائيليّ.

وسبق أن مكث رداد سنوات طويلة في عيادة سجن الرملة، المعروفة بـ”مقبرة الأحياء” أو “المسلخ”، هرباً من جحيم نقله بعربة “البوسطة” الحديدية للمستشفى، للخضوع لجلسات العلاج الكيميائي في مستشفيات الاحتلال.

يقول شقيقه عاهد رداد لـ”قدس برس” إن رسالة وصلت أمس من أخيه، يبلغهم فيها أنه يشعر في داخله بأنه الشهيد القادم داخل سجون الاحتلال (…)، وكتب لهم “وضعي يتدهور يوميًا وخلال الأشهر الماضية أصبت بحالات إغماء متواصلة، والأمعاء تنزف دمًا يوميًا، ودقات القلب غير منتظمة مع ارتفاع دائم في ضغط الدم، إلى جانب معاناتي من ضيق التنفس، وأكاد أختنق بلا مغيث، عدا عن الآلام الشديدة التي أعانيها في الظهر والمفاصل”.

وتابع “يعاني أخي من صعوبة كبيرة في النوم، والكلمة الوحيدة التي يسمعها من السجانين، (أنك ميت هنا)، فمعاناتهم كمرضى في السجون لا يمكن تصورها بأي شكل من الأشكال. محتجزون في زنازين ومحاصرين بالجوع والعطش والقمع والتنكيل والتعذيب ومحرومون من أدنى شروط الرعاية الصحيّة”.

وأضاف ردّاد في رسالته: “كلمتي الأخيرة إن كتب الله لي الشهادة في السّجن لا أريد من أحد أن يطالب بجثماني… سواء كنت في ثلاجات الاحتلال وبرفقة أصدقاء المعاناة ناصر أبو حميد، وكمال أبو وعر، ووليد دقة، وغيرهم، أو كنت في مقبرة، فلم يعد هناك فرق، وإلى لقاء قريب”.

وكانت معاناة رداد، المحكوم بالسجن عشرين عاماً، بدأت منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، إذ كان ينزف بشدّة جراء إصابته بالرصاص، رافق ذلك ارتفاع في ضغط الدم ودقات القلب وصعوبة بالتنفس، وتبعهما ظهور مشاكل لديه في الأعصاب والعظام، وضعف في النظر، كما بدأ يعاني فقراً في الدم. وفي عام 2018، أصيب بفيروس في يديه وقدميه نتيجة ضعف المناعة لديه، ما تسبب بانتشار الحبوب والآلام الحادة في جسده.

هذه الحال، وفق شقيقه عاهد، تجبر معتصماً على تناول أكثر من 60 حبة دواء يومياً تتبع 23 علاجاً مختلفاً، بالإضافة إلى حقنة العلاج الكيميائي الشهرية، التي يعاني بسببها أسبوعاً من التعب والألم لثقل مفعولها على جسده، وقال “معتصم لا ينام أكثر من ثلاث ساعات في اليوم، وهو محرومٌ من التغذية الصحية المطلوبة لمثل حالته”.

وصعّدت منظومة سجون الاحتلال بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، الجرائم الطبيّة الممنهجة كامتداد لنهجها الذي مارسته على مدار عقود طويلة بحقّ الأسرى المرضى، حيث أصبح معظمهم مرضى بسبب سياسات الاحتلال الانتقامية الممنهجة.

وشكّلت هذه الجرائم سببًا مركزيًا في استشهاد أسرى، عدا عن تلك التي يتعرض لها معتقلو غزة، وذلك استنادًا لروايات المعتقلين الذين يُفْرَج عنهم، إضافة إلى التّحقيقات التي نشرت أخيرًا والتي استندت لشهاداتهم، والتي تضمنت تفاصيل مرعبة عن عمليات التعذيب وظروف الاحتجاز الحاطة بالكرامة الإنسانية داخل المنشآت “الطبيّة” التي أقامها الاحتلال في معسكر “سديه تيمان” التابع لجيش الاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى