الاحتلال يشق طرقا استيطانية جديدة للسيطرة على المزيد من اراضي الضفة
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر عن الفترة ما بين 26/4/2025 إلى 2/5/2025 ان الاحتلال يبني شبكة طرق داخلية للبؤر الاستيطانية ومزارع العنف الرعوية للسيطرة على المزيد من الاراضي بالضفة.
واضاف المكتب في تقريره “في ظل الانشغال بحرب الإبادة الوحشية التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة، وعمليات الاقتحام والدهم والهدم والتدمير، التي تقوم بها في الضفة الغربية، وخاصة في مدن وبلدات ومخيمات شمال الضفة، تُنفذ سلطات الاحتلال مشروعًا آخرًا خطيرًا من شأنه أن يغير معالم الضفة الغربية ويدفع قدمًا نحو فرض السيادة الإسرائيلية فعليًا على المناطق المصنفة (ج) في الحد الأدنى”.
ففي 2024، يوضح التقرير، خصصت الحكومة الإسرائيلية 3.1 مليارات شيكل (838 مليون دولار) لشق مئات الكيلومترات من الطرق الجديدة والطرق الداخلية بين المناطق الفلسطينية.
ولا تقتصر هذه الطرق على تحسين البنية التحتية، بل تهدف إلى ربط المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية بالمدن الإسرائيلية داخل الخط الأخضر، مما يساهم في تنفيذ مشروع الضم الإسرائيلي ويخلق واقعًا ميدانيًا يصعب تغييره.
وفي هذا السياق أكد تحقيقٌ لموقع “شمومريم” الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، أن سلطات الاحتلال تواصل توسيع شبكات الطرق الاستيطانية بشق مئات الكيلومترات من الطرق الجديدة، لربط المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير المرخصة، بدعم حكومي ما يجعل من الصعب على الفلسطينيين ممارسة حقوقهم في أراضيهم. ويسوق تحقيق “شمومريم” عددًا من الشواهد على ذلك كالطريق الذي تم إنشاؤه شرقي قرية مخماس إلى الشمال الشرقي لمدينة القدس لربط بؤرة “نحلات تسفي” الاستيطانية التي أقيمت عام 2022 بامتداد جديد للبؤر الاستيطانية التي أقيمت في المنطقة مؤخرًا، ونتيجة لهذا الطريق لم يعد أصحاب الأراضي في المنطقة يستطيعون الوصول إلى كل هذه المنطقة، وإذا حاولوا الوصول فإنهم يتعرضون لاعتداءات من المستوطنين في المنطقة، بعد أن قام المستوطنون بتعبيد هذا الطريق في شهر تشرين الأول من العام الماضي، رغم الاتصالات التي قام بها أهل المنطقة مع مكتب التنسيق والارتباط وجهاز شرطة الاحتلال، الذين لم يفعلوا شيئًا لمنع تعبيد هذا الطريق، رغم أنهم قاموا سابقًا بتدمير طريق أنشأه أهل مخماس.
كما يبيَّن التحقيق أنه في ظل الحكومة الحالية هناك زخمٌ ملحوظٌ في إنشاء وتعبيد الطرق غير المرخصة إضافة إلى بعض الطرق التي تمَّ الموافقة عليها من الجهات الرسمية، والتي لا تمنع الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم الزراعية وحسب، بل تُغيِّر وجه الضفة الغربية.
والى جانب هذا الطريق، الذي يؤمن التواصل بين البؤر الاستيطانية والمزارع الرعوية في المنطقة، يتناول التحقيق طريقًا آخر في محيط قرية مغاير الدير قرب البلدة، مبينًا أن الأهالي فوجئوا باكتشاف أدوات هندسية يستخدمها المستوطنون في الجانب الشمالي من بلدتهم، على بعد أمتار قليلة من منازلهم، بتصريح من مجلس بنيامين الاستيطاني، الذي يسمح لهم بالقيام بأعمال لـ “حماية أراضي الدولة”، حسب زعمهم.
هذه الطرق تسهل وصول المستوطنين من المزارع الرعوية الاستيطانية إلى القرى الفلسطينية، بالجرارات والسيارات وحتى سيرًا على الأقدام، كما هو الحال في خربة أم المراجم، قرب قرية دوما في محافظة نابلس، وتمكنهم من اقتحامها كما حدث مع مزرعة “جال يوسف” الاستيطانية -التي أقيمت العام الماضي وحرق منازلها ومركباتها، بوصول سريع إلى المنطقة عبر الطريق الذي يتجه من المزرعة الاستيطانية نحو الجنوب بجوار الخربة مباشرة.
إلى ذلك، يكشف تحقيق “شمومريم” عن طرق متعددة لتمويل الطرق غير المرخصة، من خلال ميزانية وزارة الاستيطان مباشرة، التي تدعم، من جانبها، دوائر دوريات الأراضي التي تديرها المجالس الاستيطانية في الضفة الغربية، وهذه الدوائر تهدف إلى مراقبة ومنع عمليات التخطيط والبناء في مناطق (ج)، وقد تتلقى دعمًا حكوميًا لشق الطرق وتعبيد الطرق الترابية. وتظهر وثائق وزارة الاستيطان أن مجلس مستوطنات جبل الخليل حصل على 1.1 مليون شيكل العام الماضي لدعم مشروع يتضمن شق طريق في منطقة سوسيا، وضمن هذا المشروع، حصل مجلس “غوش عتصيون” الاستيطاني على 958 ألف شيكل “لتحسين الطرق القائمة لحماية أراضي الدولة في التلال”، بينما حصل مجلس بنيامين الاستيطاني على حوالي 1.9 مليون شيكل لستة مشاريع مختلفة لشق الطرق.
139 طريقًا غير مرخص
منظمات اسرائيلية توثق ما يجري استنادًا إلى الصور الجوية، ومن ضمنها حركة “السلام الآن” توضح أنه في الفترة من منتصف عام 2023 إلى منتصف عام 2024 تم شق 139 طريقًا غير مرخص في الضفة الغربية، بطول إجمالي 116 كيلومترًا. الحركة توضح في أحدث تقاريرها حول الموضوع أنه تم شق 25 طريقًا لإقامة بؤر استيطانية جديدة، و31 طريقًا لتوسيع بؤر استيطانية قائمة، وثمانية طرق بين بؤرة استيطانية قائمة وأقرب مستوطنة، و46 طريقًا للسماح بالوصول إلى مناطق لا يوجد فيها حاليًا أي تواجد دائم للمستوطنين، وأنه في جميع هذه الطرق لم يتم إعداد أي خطة بناء، ولم يتم إصدار أي تصريح قانوني بالعمل فيها.
وينقل تقرير الاستيطان الإسبوعي، في هذا المجال، عن يوني مزراحي، معد تقرير “السلام الآن”، أن شق الطرق بات أداة رئيسية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية دون الحاجة لكثافة سكانية استيطانية. ويضيف أنه “في بعض البؤر الاستيطانية، قد تعيش عائلة أو اثنتان فقط، لكنها تسيطر بمساعدة الطرق على مساحات شاسعة وأن العامين الأخيرين شهدا تصاعدًا في عنف المستوطنين وتزايدًا في بناء البؤر والمزارع، إلى جانب توسع شبكة الطرق التي تخنق الفلسطينيين وتقيد وصولهم إلى أراضيهم”.
وتلعب الطرق التي يتم شقها نحو المزارع والبؤر الاستيطانية دورا حيويًا في التوسع الاستيطاني، إذ لا تقتصر على تسهيل حركة المستوطنين، بل تساهم في تثبيت سيطرتهم على الأرض. وهو ما يشير إليه يوتام كوهين، المتطوع في منظمة حقوقية إسرائيلية تدعى “تورات تسيدك”، من أن هذه الطرق تعزز كذلك الاعتداءات على الفلسطينيين، عبر تمكين المستوطنين من الوصول السريع عبر هذه الطرق إلى الأراضي بالمركبات رباعية الدفع.
مصادر التمويل متعددة
وتحظى نشاطات هذه البؤر الاستيطانية والمزارع الرعوية غير المرخصة بدعم حكومي واضح الى جانب قنوات تمويل متعددة كدائرة الاستيطان في المنظمة الصهيونية العالمية، التي أقر مديرها العام ، هوشع هراري، في أحد مؤتمراتها، التي انعقدت في حزيران من العام الماضي، أنها استثمرت في عام 2023 ما يقرب من 75 مليون شيكل لدعم المزارع والبؤر الاستيطانية غير المرخصة، بما في ذلك 7.7 مليون شيكل مخصصة لشق الطرق، وهي الدائرة التي حصلت من الحكومة على ميزانية إضافية قدرها 75 مليون شيكل “لدعم المكونات الأمنية” في المستوطنات، بما يشمل مواقع حراسة وكاميرات مراقبة.
توسع الاستيطان الرعوي
هذه “المزارع الرعوية” تحصل على دعم مالي سخي ليس فقط من الحكومة، بل ومن السلطات المحلية في المستوطنات ودائرة الاستيطان في المنظمة الصهيونية العالمية، ومن منظمات وجمعيات استيطانية، مثل “أصدقاء السامرة” وجمعية “آمانا” ومن “الصندوق الدائم لإسرائيل” المعروف بـ “كيرن كييمت”، والذي يعتبر داعمًا رئيسيًا عبر مشاركته في مشاريع مختلفة وبوسائل ملتوية وخطيرة لتبييض المزارع وتمددها ومدها بالطرق لتأمين التواصل في ما بينها .
ولحركة “آمانا”، والتي فرضت عليها إدارة الرئيس الأميركي السابق عقوبات، دور بارز في توفير الدعم للبؤر الاستيطانية والمزارع الرعوية وبما يشمل مساعدتها على شق الطرق للربط بين هذه البؤر والمزارع وبينها وبين المستوطنات في الجوار في جهود يبادر اليها، وفق مصادر إسرائيلية، زئيف حفير (زمبيش)، الرجل الذي بابه مفتوح لدى نتنياهو، كما يقول كثيرون. ويرى فيه بعض المتابعين أنه “العقل المدبر لمشروع السيطرة” على أراضي الفلسطينيين. هذا الرجل ، الذي يقف على رأس جماعة “أمانا”، الذراع التنفيذي الرئيسي لإقامة البؤر الاستيطانية، تنقل عنه جريدة “هآرتس” في مقابلة له مع مجلة “ندلان يوش” (عقارات المناطق) قوله إن “بناء التواصل بين هذه البؤرر والمزارع والحفاظ على الأرض المفتوحة هي المهمة المركزية لـ “أمانا”، وإن “الوسيلة الأساس التي نستخدمها هي المزارع”، ليضيف بأن “المساحة التي تحتلها هذه المزارع تصل الى 2.5 ضعف كل مساحة الأراضي التي تحتلها مئات المستوطنات مجتمعة”.
“أمانا” هذه، يتابع التقرير، التي يقودها زئيف حيفر، الإرهابي اليميني المتطرف في الحركة السرية اليهودية في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، أُدين في عام 1984 لمشاركته في محاولات اغتيال رؤساء البلديات في الضفة عام 1980، ثم في السنوات اللاحقة أصبح أكثر نفوذًا، ومنحته دولة الاحتلال أعلى جوائزها الرسمية (جائزة إسرائيل) وهو الآن أمين عام الجمعية المسؤولة عن بناء معظم البؤر الاستيطانية الأكثر عنفًا في الضفة الغربية. وكما تفيد المصادر بأنها تعتبر “منظمة قوية”، وتقدر قيمة أصولها بـ 600 مليون شيكل (حوالي 158مليون دولار حاليًا).