تقاريرثابت

الغزي بين المجاعة وغلاء الأسعار وشحها ،، أيُّ شبح فيهما سيطارد ؟!

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الغزي بين المجاعة وغلاء الأسعار وشحها.. تقرير: بسمة نصر

يعيش الغزيون منذ عام ويزيد فصول حروب كثيرة “حرب الإبادة، حرب النزوح، حرب المجاعة، وحروب الفلتان الأمني وسرقة المساعدات وغلاء الأسعار “، وكلها مفروضة عليهم من الاحتلال إلا الأخيرة فقد وقعت عليهم من أبناء جلدتهم حتى صاروا قاب قوسين أو أدنى ضباطها وجنودها، وصار الشعب المنكوب المكلوم في خيام القهر ضحية لها دون رحمة به أو بأمعاء صغاره الجائعين يشتهون قطعة حلوى تخطى سعرها أسهما في البورصة العالمية هذا إن وجدت .

غلاء وقهر ولا أجوبة منطقية لمعاناتهم ؟

في غزة لا إجابات منطقية لكل ما يحدث فيها من ويلات ونكبات، فلا أحد وجد جواباً لماذا تقطع رؤوس الصغار على مرأى العالم ولم يقل بعد لإسرائيل كفى! وفي مقابلة أيضاً يعجز الغزيون عن إيجاد جواب لمن المسؤول عن هذا الجوع الذي يأكلنا ونحن ننظر للبضائع ولا نملك ربع الربع من ثمنها!

في سوق الصحابة وسط مدينة غزة يقول أبو صابر الذي نزح تحت القصف من بيت لاهيا ممسكاً بحبة باذنجان وصل سعر الكيلو منها ٧٠ شيكل بأنه ترك خلفه في حديقة ما تبقى من منزله ثمار الباذنجان على أشتالها، ويضيف ” كنا نتبادل مع الاقارب والجيران خضاراً منوعة نشتري الكيلو منها اليوم ب٥٠ دولار وأكثر ولا نعرف من السبب ولمتى هذه المعاناة؟!

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

حال أبو صابر في شمال غزة المحاصر هو ذاته حال أبو العبد في دير البلح نازح أيضاً من مدينة غزة منذ أكثر من عام، يروي للخامسة كيف يأكل قلبه غلاء الأسعار حين يذهب للسوق في كل جمعة ليحضر غذاء لعائلته فلا يجد وإن وجد فأسعارها فلكية حسب قوله ” بطلنا عارفين شو ناكل والمعلبات جابت إلنا كل العلل والمرض ”

” فش رحمة ولا حدا راحمنا وراحم أطفالنا ” تقولها السيدة (ر.ح ) بحسرة وغضب فهي أم لأربعة أطفال اعتادوا قبل الحرب على طعام صحي فلا مناعة لديهم ولا قدرة لهم على تحمل المعلبات وتقف اليوم على بسطة تشتري لهم القليل القليل بأسعار تضاعف السعر العادي قبل الحرب عشر مرات بل أكثر !

ما سبب الغلاء المتغير يوميا ومن المسؤول ؟!

أثناء إعدادنا لهذا التقرير عمدنا لسماع الصوت والصوت الأخر فتوقفنا عند الباعة نسألهم عن قائمة الأسعار لديهم وعن سبب هذه التسعيرة غير المنطقية بل المرعبة في ظل هكذا ظروف، فكانت الإجابة بأنهم ليسوا المسؤولين عن السعر بل هم أيضا يخوضون معركة معه، إذ يشترون السلع والبضائع من الشركات والتجار بأسعار عالية ثم يطرحونها بهامش الربح للمستهلك الذي يشتريها في ذروة الارتفاع .

أما من المسؤول عن الاحتكار واختفاء السلع أو تذبذبها فيحدثنا التاجر (م.ع) بأن شركة واحدة أو اثنتين على الأكثر هي المتحكمة في ضخ سلعة ما أو حرمان السوق منها وفق مصالحهم، فالشركة تتحكم في إدخال صنف ما ومنع صنف آخر بما يعرف بتعطيش السوق لرفع السعر للضعف أو الضعفين، ويؤكد التاجر بأن أكثر الأصناف التي تتحكم بها الشركة هي اللحوم طازجة كانت أم مجمدة.

غياب دور الحكومة والجهات المختصة زاد ” الطين بلة “

منذ بداية الحرب انعدم الدور الحكومي في كل مفصليات الإدارة بغزة من قانون وتنظيم وضبط ورقابة الجبهة الداخلية لتنحدر انحداراً شبه تام بفعل قصف واستهداف كل المؤسسات الحكومية وقتل عناصرها، ووأد كل محاولة تقوم بها الجهات المختصة من وضع نظام متابعة ورقابة وتأمين ومحاسبة حتى وصل الحال إلى ما وصل عليه اليوم في أزمة الأسعار واحتكار السوق وسرقة المساعدات والبلطجة العلنية التي تمارسها بعض الجماعات المارقة الخارجة عن القانون.

ومؤخراً ظهرت جهود فعلية من اللجان الشعبية والعشائر وجهات حكومية بتشكيل لجان محاسبة تلاحق لصوص المساعدات ومعترضي شاحنات المساعدات الذين يشكلون السبب الرئيسي في تفشي المجاعة في جنوب القطاع وحرمان السكان من الحصول على المساعدات التي تصل على حساب إبادتهم وتهجيرهم .

حرب السيولة المالية وعمولة التحويلات باهضة التكلفة

عمد الاحتلال الإسرائيلي في حربه على إسقاط المنظومة الاقتصادية في غزة بشكل شامل وكامل حيث دمر المصارف والبنوك ونهب ما فيها وأوقف سريان الدورة المالية بشكل تام ما أتاح الفرصة لفئة جديدة كي تشهر سلاح استغلالها وابتزازها لحاجة الغزيين للأموال ففرضوا سيطرتهم على التحويلات المالية من خارج غزة إلى جانب عمولة صرف الرواتب للموظفين التي تجاوزت ما يتبقى للموظف من إجمالي راتبه وبهذه الحرب يستنزف الغزيون في غزة وخارج غزة.

فمن هم خارج غزة أصبحوا ضحية لأصحاب المكاتب أو من بيدهم السيولة تحت الحاجة الملحة لإرسال أموال لأهلهم وذويهم في غزة وعن هذا يحدثنا ( أ.ح) عن معاناته بسبب ارتفاع عمولة التحويلات المالية والقيود المفروضة عليها واستغلال أصحاب المكاتب والسيولة لهم فيقول ” اضطرت في كثير من المرات أن أضع أكثر من ثلث المبلغ المحول عمولة فصرت أضيف مبلغ العمولة على حدى حتى يصل المبلغ لأهلي جيد نوعا ما، وهو شاب هاجر من غزة للمغرب ليجد الأمل والعمل والمستقبل فوجد نفسه اليوم يعمل ليل نهار ليجمع المال ويرسله لأهله النازحين في جنوب القطاع يدفع ضريبة الحرب مرتين .

مؤشرات اقتصادية خطيرة تهدد حاضر الغزيين ومستقبلهم

أما المؤشرات الاقتصادية فتنذر بأن خطر هذه الأزمة عميق وكبير وهو العامل الأساسي في انهيار أوضاع الناس وانتشار المجاعة بصورها العديدة.

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

وعن تداعيات هذه الأزمة يقول الباحث الاقتصادي محمد أبو جياب للخامسة للأنباء: بأن أزمة السيولة مرتبطة بشكل أساسي في الحصار المطبق المفروض على قطاع غزة منذ عام وشهرين ، حصار مطبق على النظام المالي وإغلاق للمصارف وتدمير لأكثر من 50 بالمئة من المكاتب والمقار المصرفية تحديدا في شمال القطاع وغزة وفي خانيونس ورفح أيضا.
ويرى الباحث بأن هذه الأزمة خطيرة وخانقة وانعكاساتها صعبة على المواطن الذي لا يستطيع تحصيل الأموال الخاصة به مما حرم الأسواق التجارية من كم كبير من السيولة النقدية الحبيسة في البنوك بسبب عجز المواطنين والتجار من الحصول عليها .

ويضيف ” هناك انعكاسات خطيرة نجمت عن هه الأزمة حيث بات المواطن يمتلك أموالا لا يمكن الوصول إليها وسلع في الأسواق مرتفعة الثمن لا يستطيع شراءها .

وعن أزمة تلف العملة النقدية يشير أبو جياب بأن منع دخول الأموال النقدية الى قطاع غزة أدى إلى تلف كميات ضخمة من الأموال الورقية والمعدنية نتيجة التعامل غير السليم معها وعدم استبدال ما يتلف منها بسبب تعطل النظام المصرفي في غزة .

ويتابع بأن أزمة تلف الأموال هي السبب في المشاكل التجارية الداخلية حيث هناك رفض وعدم تقبل من قبل التجار لهذه العملة ، في المقابل لا يمتلك المواطن غيرها ، وهو ما يفاقم من معاناة المواطن الفلسطيني .

ويؤكد الباحث أن حل هذه المشكلة هو استبدال هذه الأموال لكن مع عدم عمل النظام المصرفي بسبب الحرب فإن المشكلة سوف تزداد وتتعمق أكثر حال لم يعمل خلال الفترة المقبلة.

ثورة الجياع على من يجوعهم عادت ” بخفي حنين “

ليس للضحايا إلا صوتهم فكيف إن كانوا ضحايا إبادة وألف ألف أزمة ؟ لذا لم يكن للجياع في غزة إلا ثورتهم الناعمة بأواني فارغة ووجوه شاحبة وأجساد خسرت نصف وزنها ليخرجوا في احتجاجات يغلقون بها الأسواق مستنكرين غلاء الأسعار وشح السلع وانعدام المساعدات.
ويهتفون من أجل أن يتوقف نزف دمهم ونزف جوعهم لعل الغريب يسمع فيضغط على الاحتلال ليسمح بدخول المساعدات ويفتح المعابر ولعل القريب يقنع فيرحمهم من الذل الذي كسر قلوبهم وكرامتهم كما قطعت الأحزمة النارية أجسادهم .

لكن ككل مرة جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن أهل غزة ولم تثمر احتجاجات الغلابة شيئا وتنصل الجميع من المسؤولية فالتاجر أخرج فواتيره يشكي ما يدفعه للمعابر والبائع بكى بسطته المغلقة ليومين، أما الثائرون فعادوا لخيامهم بخفي حنين!

"هيومن رايتس" تطالب دول العالم بمواصلة تمويل "الأونروا" لتفادي المجاعة في قطاع غزة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى