تقاريرثابت

“المعلبات” من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

“المعلبات” من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح إعداد: عبير لبد

وسط قطاع غزة حيث مدينة دير البلح، أو جنوب وادي غزة كما أطلق عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي طلب من سكان محافظتي غزة والشمال إخلاء مناطق سكناهم والتوجه إلى للجنوب، إعلانًا لبدء العملية العسكرية في غزة أكتوبر الماضي.

توجه مهدى كريرة (43 عام) وعائلته من غزة إلى الجنوب كغيره من آلاف الغزيين النازحين، حفاظًا على أمنهم وأرواحهم، ليستقر به الحال في شقة غير مجهزة للسكن، ولكن أفضل حالًا من الخيام، التي تحولت إلى مأوي لمعظم النازحين.

بلغ عدد النازحين داخل قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023م، وفقًا لتقديرات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، مليوني شخص، يواجهون معاناة النزوح والتشرد، يضطر معظمهم الى اللجوء إلى بيوت أقربائهم، أو معارفهم، والبعض الأخر يقيم في خيام إما بصورة عشوائية أو في إطار مخيمات منظمة، وآخرون في مراكز الإيواء التي عادةً ما تكون مدارس تابعة لوكالة الغوث واللاجئين (الأونروا)، والمدارس الحكومية في ظل ظروف إنسانية صعبة، ومقومات حياة تكاد تكون معدومة، حيث لا تتوفر المياه، ولا المواد الغذائية الكافية، وتنتشر الأمراض المعدية بين النازحين.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

مهدي الذي تمرس فن الماريونت (فن الدمى) قبل الحرب على غزة لسنوات، وكان صاحب ورشة لصناعة الشخصيات الكرتونية أو الدمى، ومدرب في التعلم النشط عبر التربية الإنمائية والتعليم اللامنهجي بشتى أشكاله، يقول: ” استطعت أن أترجم فكرة مسرح العرائس في غزة إلى واقع ملموس، بعدما غابت عنه لسنوات، ولكن سرعان ما تغير كل شيء في ليلة وضحاها”، ويضيف بلحظات صمت متقطعة “تركت حلمي وفكرتي التي أصبحت واقعًا خلفي بالبيت هناك في غزة، ورحلت إلى لا مكان في الجنوب”.

فن الماريونت أو كما يطلق عليه مسرح العرائس، هو دمى متحركة أو مجسمات اصطناعية يتم التحكم في حركاتها بواسطة أحد الأشخاص بالخيوط أو العصا، حيث تتقمص أدوارًا متنوعة ضمن مسرحيات تهدف في أغلب الأحيان إلى الترفيه، وتكون الدمى: نباتًا، أو حيوانًا، أو أشخاص.

كريرة الذي فقد العشرات من عائلته جراء القصف الإسرائيلي لمناطق متفرقة في القطاع، فقد أيضا منزله الذي يحتضن ورشة صناعة الدمى التي يستخدمها في العروض، ووجد نفسه في مدينة دير البلح، بعد رحلة مستمرة من النزوح المتكرر بين مدن الجنوب، من دون فريقه المكون من 15 شابًا وشابة، بعد أن قام بتدريبهم على مدار السنوات الماضية على صناعة الدمى وعملية التحريك، والتقمص والإلقاء، بالإضافة إلى زملاء أخرين في الرسم والمونتاج، والصوت، وكتابة النصوص، والإخراج.

“البحث عن النجاة أتعبنا؛ مما دفع النازحين وسكان القطاع للتأقلم مع أصعب الظروف والعيش في أبسط مقومات الحياة” يقول مهدى، ويستكمل دفعني إصراري على البقاء والصمود لإحياء مسرح العرائس من جديد في مخيمات النزوح، وبأقل الإمكانيات المتوفرة.

قرر كريرة تخصيص جزء من منزل النزوح لصناعة الدمى، من مخلفات المساعدات الإنسانية التي تقدم للنازحين في غزة، حيث علب الفول والحمص والفاصوليا والبازيلاء والمرتديلا والسردين والسمن وغيرها من المخلفات المتناثرة في المكان، ويمكن تسخيرها وإعادة تدوير لبناء وصناعة أجساد الشخصيات، وتتناثر الخيوط المتينة، وعلب الألوان، والأوراق والكرتون، وجدار يتزين بمجموعة من الدمى بأجسام ذات وجوه تعبيرية منحوتة على الخشب أو المعلبات، وأطرافها مربوطة بخيوط تستخدم لتحريكها في العرض.

تعلم كريرة فن الماريونت أو صناعة الدمى ذاتيا من خلال مشاهدة مقاطع فيديو ذات العلاقة عبر موقع اليوتيوب، بجانب إلى الاستفادة من فنانين فلسطينيين في القدس وبعض المراكز الثقافية في الضفة الغربية، وفنانين في مصر لهم باع طويل في العمل، وبعدها انطلق في كتابة النصوص والحكايات للعروض، وتسجيلها في الاستوديو مع إضافة الموسيقي التصويرية المناسبة.

شعر مهدي بالفرح عندما استطاع تحويل المعلبات إلى دمية وحركها بواسطة الحبال، لتبدو طبيعية في ظروف وإمكانيات صعبة، يقول ” انعدمت المواد الخام في ظل الحرب المستمرة على غزة، بحثت عن البدائل ووجدت أكوامًا من معلبات لمساعدات الإنسانية، وشباك صيد، كرتون، جميعها تطليها بالألوان لصناعة الدمى”.

“هندسة عمارة الأرواح مقابل هندسة الفناء”، هكذا عبر مهدي عن عروض مسرح العرائس التي يقدمها للأطفال النازحين، ويضيف أحاول نشر الدمى التي أصنعها من المعلبات والأخشاب بين الأطفال، ووضع أسماء لكل شخصية أو دمى؛ في سبيل إحياء لأرواح الأطفال التي أنهكتهم الحرب ومعاناة النزوح والتشرد.

للدمى سحرها الخاص وقوة تأثيرها على الأطفال بالذات؛ لسرعة اندماجهم بالعرض والقصص المحكية، يوضح مهدي، ويحاول مهدي تقديم عروض تحاكي حياة الأطفال وأحلامهم؛ لمنحهم لحظات من السعادة والبهجة، بعيدًا عن أصوات الطائرات والمدافع الإسرائيلية، ويؤكد على سعيه لعرض جميع القضايا التي تستهدف الكبار والصغار بأسلوب تربوي وتوعوي.

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

وتظهر بيانات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” إلى نزوح أكثر من 850 ألف طفل جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة، وتوضح أن تصاعد العملية العسكرية تزيد من معاناة مئات ألاف الأطفال في غزة.

ووفقاً للمتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” جيمس إلدر فإن أطفال غزة يعانون أزمات واضطرابات نفسية، وهذه المشكلة بدأت تتحول أعراضاً مرضية إذ بدأت تظهر على الصغار علامات خطرة مثل التشنجات والتبول اللاإرادي والخوف والسلوك العدواني والعصبية وعدم الرغبة في الابتعاد عن أهلهم.

“هزمتك يا موت الفنون جميعها” في مقطع شعري لشاعر الفلسطيني محمود درويش يتحدث فيه عن صراع بين الحياة والموت، أساليب تحدي ومواجهة الموت بكافة فنون الحياة، يعتبر مهدي فن صناعة الدمى بمثابة الصورة الوجودية للنازحين في تحدي الموت، والتأقلم مع مقومات الحياة البسيطة، في ظروف خالية من الإنسانية، ويسعي الى تخفيف الضغوط النفسية وصعوبات الحياة التي خلقتها الحرب، كرسالة صمود في وجه الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.

"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة
"المعلبات" من المساعدات الإنسانية إلى دمى في مسرح عرائس مخيمات النزوح
مهدى كريرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى