تقاريرثابت

اليوم العالمي للمرأة.. مأساة حقيقية ومعاناة تعيشها المرأة الفلسطينية في غزة

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

اليوم العالمي للمرأة.. مأساة حقيقية ومعاناة تعيشها المرأة الفلسطينية في غزة، اليوم الدولي للمرأة، أو اليوم العالمي للمرأة، هو احتفال عالمي يحدث في اليوم الثامن من شهر مارس / آذار من كل عام، ويقام للدلالة على الاحترام العام، وتقدير وحب المرأة لإنجازاتها الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية.

الاحتفال بهذه المناسبة جاء على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945.

ومن المعروف أن اتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية، وكان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي رغم أن بعض الباحثين يرجح أن اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة.

في بعض الأماكن يتم التغاضي عن السمة السياسية التي تصحب يوم المرأة فيكون الاحتفال أشبه بخليط بيوم الأم، ويوم الحب. ولكن في أماكن أخرى غالباً ما يصحب الاحتفال سمة سياسية قوية وشعارات إنسانية معينة من قبل الأمم المتحدة، للتوعية الاجتماعية بمناضلة المرأة عالمياً. بعض الأشخاص يحتفلون بهذا اليوم بلباس أشرطة وردية.

المرأة العربية

ورغم كل الإنجازات التي تحققت للمرأة في العالم المتقدم لا تزال المرأة في المنطقة العربية تواجه موجات عاتية من العنف في مناطق الصراع والحروب حيث تتعرض النساء والفتيات لشتى أصناف المعاناة والانتهاكات، بما فيها أحيانا، حالات التحرش والاغتصاب والاستغلال الجنسي.

المرأة الفلسطينية في قطاع غزة

في هذا اليوم العالمي للمرأة لهذا العام تتجه الأنظار للأوضاع المأساوية للمرأة الفلسطينية في غزة، التي تتحمل بمفردها أحيانا، وطأة ويلات الحرب وتداعياتها، من تهجير ونزوح من منطقة إلى أخرى في ظروف كارثية تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة، ناهيك عن مواجهة احتمالات فقدان المعيل والترمل وحماية الأطفال وإطعامهم والعناية بصحتهم، في ظروف يواجه فلسطينيو القطاع من شماله الى جنوبه شبح المجاعة التي بدأت تحصد الصغار قبل الكبار.

في ظل هذه الحرب أخذت المرأة الفلسطينية في القطاع على عاتقها مهمات كثيرة، معظمها أعمال شاقة لا تتناسب مع طبيعتها الجسدية، بينها اقتناء وقطع الحطب والأخشاب لطهي رغيف خبز، والجلوس أمام فرن من الطين ينبعث منه دخان احتراق الخشب والأوراق يسبب أمراضا في الجهاز التنفسي.

طبقا لتقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان، وهو وكالة دولية تعمل على تعزيز حقوق النساء فيما يتعلق بالصحة الإنجابية، وضعت 5500 فلسطينية حملهن في غزة خلال الشهر الأول من الصراع في ظل نقص رهيب للإمدادات الطبية. وقال الصندوق إن فلسطينيات غزة يعشن ظروفاً لا تطاق في مراكز الإيواء ولا يستطعن استخدام دورات المياه إلا بعد الوقوف في طوابير لفترات طويلة، ولا يجدن المياه اللازمة للنظافة والاستحمام، مما يؤدي إلى أزمة نظافة وإصابة العديد منهن بأمراض نسائية، وأخرى معدية.

الحصار واغلاق المعابر

ومع استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر توقف إمداد فلسطينيات غزة بالمستلزمات الصحية النسوية. وتفيد تقديرات الصندوق بأن حوالي 700 ألف امرأة وفتاة فلسطينية لا يحصلن خلال فترة الحيض “إلا بشكل محدود على منتجات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية” بل إن بعضهن اضطررن إلى تناول حبات منع الحمل بهدف تعليق الدورة. وهكذا ذهبت خصوصية المرأة الفلسطينية في غزة أدراج الرياح. فحتى النوم وحدهن داخل غرف خاصة بمراكز النزوح المكتظة أصبح من سابع المستحيلات.

أما الحوامل منهن فيقاسين ظروفا تهدد حياتهن وهن يواجهن احتمال الولادة بعمليات قيصرية دون مسكنات أو تخدير أو تدخل جراحي أو حتى احتياطات صحية.

الحرب على القطاع

قال الجهاز المركزي للإحصاء، إن 9 آلاف أنثى استُشهدن منذ بدء العدوان على قطاع غزة، من إجمالي عدد الشهداء البالغ 30.717 شهيداً، وذلك منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وأوضح “الإحصاء”، في بيان، استعرض أوضاع المرأة الفلسطينية تحت عنوان: “الاستثمار في المرأة لتسريع وتيرة التقدم”، أن 75% من إجمالي عدد الجرحى البالغ 72,156 جريحاً هم من الإناث، وشكلت النساء والأطفال ما نسبته 70% من المفقودين البالغ عددهم 7000 شخص.

وتشير التقارير الواردة من قطاع غزة إلى اضطرار ما يقارب مليوني شخص إلى النزوح من أماكن سكناهم، نصفهم من الإناث.

وأشار إلى أن الإناث يشكلن ما نسبته 49% من إجمالي عدد السكان في فلسطين، إذ بلغ عددهن 2.76 مليون أنثى في منتصف عام 2024 (بواقع 1.63 مليون أنثى في الضفة الغربية، وـ1.13 مليون أنثى في قطاع غزة).

الاعتقال والأسر

قالت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان)، في تقرير مشترك: “إنّ تاريخ استهداف النّساء الفلسطينيات شكّل إحدى أبرز السّياسات الثّابتة والممنهجة منذ سنوات الاحتلال الأولى”.

وتابع التقرير: “ما نشهده اليوم من جرائم، شهدتها النساء الفلسطينيات على مدار عقود الاحتلال، ولم تكن مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر مرحلة استثنائية على صعيد مستوى الجرائم المروعة التي شهدناها واستمعنا لها عبر العديد من الشهادات، إلا أنّ الفارق هو كثافة ومستوى هذه الجرائم وتصاعدها بشكل غير مسبوق إن ما كنّا قارناها بالفترات التي شهدت فيها السّاحة الفلسطينية انتفاضات وهبات شعبية”.

وشكّلت عمليات الاعتقال للنساء ومنهنّ القاصرات، أبرز السّياسات التي انتهجها الاحتلال وبشكل غير مسبوق بعد السّابع من أكتوبر، حيث بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف النساء بعد السابع من أكتوبر، نحو 240 حالة اعتقال، من ضمنهن النّساء اللواتي تعرضن للاعتقال في الضفة بما فيها القدس، وكذلك النساء من الأراضي المحتلة عام 1948، وفق التقرير.

وأشارت مؤسسات الأسرى، لعدم وجود تقدير واضح لأعداد النّساء اللواتي اعتقلنّ من غزة، حيث أفرج عن عدد منهنّ لاحقًا، إلا أنّه منال مؤكد أنّ هناك نساء ما زلنّ معتقلات في معسكرات الاحتلال، وهنّ رهنّ الإخفاء القسري.

وبيّنت أنّه وحتّى إصدار هذا التّقرير، فإنّ عدد الأسيرات القابعات في سجون الاحتلال، وغالبيتهنّ محتجزات في سجن الدامون، بلغ 60 أسيرة، بينهنّ أسيرتان من غزة يقبعنّ في سجن الدامون، مجددة تأكيدها على عدم وجود معلومات حول أعداد أسيرات غزة في معسكراتا لاحتلال الإسرائيليّ.

واستعرض التقرير أبرز المعطيات عن الأسيرات المحتجزات في سجون الاحتلال الإسرائيلي حتى تاريخ إعداد التقرير، وهي كالتالي: يبلغ عدد الأسيرات 60 أسيرة، بينهنّ أسيرتان من غزة، ومن بين الأسيرات قاصرتان، و24 أمّا، و12 أسيرة معتقلات إداريًا، ومن بين الأسيرات محامية، وصحفية، و12 أسيرة من الطالبات، و11 أسيرة يواجهنّ أمراضًا ومشاكل صحية من بينهن أسيرتان جريحتان.

وأوضح التقرير لوجود أسيرات هنّ زوجات لأسرى، وأمهات لأسرى، وشقيقات لشهداء، عدا عن وجود أم شهيد بين الأسيرات.

وبيّن أنه تبقى ثلاث أسيرات معتقلات منذ ما قبل السابع من أكتوبر يرفض الاحتلال ان تشملهن صفقات التبادل التي ابرمت بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.

تقارير دولية

ونشرت مؤسسة “أكشن إيد فلسطين” تقريرا صادما تحدث عن معاناة عشرات الآلاف من النساء الحوامل من الجوع الشديد وسوء التغذية، مما يحد من قدرتهن على إرضاع أطفالهن حديثي الولادة من خلال الرضاعة الطبيعية.

وأضافت “أكشن إيد” أن 50000 امرأة حامل، و68000 مرضع في غزة، طبقا لبيانات الأمم المتحدة، بحاجة إلى تدخلات وقائية وعلاجية وغذائية فورية لإنقاذ حياتهن، إضافة إلى إصابة أكثر من 8000 طفل دون سن الخامسة بالهزال، يتهددهم تأخر النمو والمرض والوفاة. هذا علاوة عن معاناة أكثر من 4000 طفل من حالات الهزال الشديد.

وقالت مسؤولة التواصل والمناصرة في منظمة “أكشن إيد فلسطين”، رهام جعفري: “النساء الحوامل والمراضع وأطفالهن هم الأكثر معاناة، نسمع قصصا مروعة. هناك أمهات اضطررن إلى مشاهدة أطفالهن وهم يصرخون ويبكون من الجوع بلا حول ولا قوة… عاجزات تماما عن فعل أي شيء”.

وطبقا لتقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية فقد باتت عمليات الولادة في غزة محفوفة بالمخاطر. فهناك نحو 180 امرأة في غزة تخضعن يوميا لعمليات ولادة، بينهن أعداد يلدن قبل الأوان بسبب الظروف العصيبة التي يكابدنها يوميا. وفي ظل الحصار الإسرائيلي انهارت بشكل تام الرعاية الصحية التي تتلقاها الأم الفلسطينية وطفلها في مستشفى الحلو – المشفى الرئيسي للولادة في مدينة غزة.

مأساة المرأة الفلسطينية

وتتنوع مأساة الفلسطينيات الحوامل أثناء الحرب الحالية في غزة وسط أوضاع مأساوية ومشاعر من الألم والخوف على رضعهن وأطفالهن مما هو آت، وفي ظل ضغوط نفسية بسبب الآثار الكارثية للحرب بدءا من ترك منازلهن، مرورا بفقدان مقومات الحياة، وصولا لفقدان أفراد من عائلاتهن وأطفالهن.

هذه هي الظروف التي تكابدها المرأة الفلسطينية، التي يُحتفى بيومها العالمي في الثامن من مارس/ آذار. امرأة هدرت كرامتها وانتهكت كل حقوقها في ظروف من القهر والتمييز والعنف الممنهج، لم يسبق أن شهد العالم مثيلا لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى