الرئيسيةتقارير

جزيرة فاضل أرض مصرية تستضيف الفلسطينيين بالحُب منذ اللجوء

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الخامسة للأنباء |تقرير خاص محمد وشاح:

جزيرة فلسطينية في أراضٍ مصرية، بمجرد أن تطؤها قدماك، تَشعُر وكأنك تتجول في إحدى المخيمات الفلسطينية، حيث تفوح رائحة الأكلات الفلسطينية من شرفة كل منزل، وتزين جدران بيوتها برموز الثورة الفلسطينية وشعارات العودة إلى أرض الوطن.

أين تقع جزيرة فاضل؟

على بعد 104 كم من القاهرة، يقع مركز “أبو كبير” بمحافظة الشرقية الذي يضم جزيرة “فاضل” حيث يعيش عليها فلسطينيون منذ 1948 عام النكبة، عندما فر الفلسطينيون إلى مناطق عدة، أولها مصر نظرًا لقربها الشديد من المنطقة.

وتوجه الفلسطينيون إلى رفح ثم بئر العبد ثم فاقوس حتى وصلوا إلى مركز “أبو كبير” بمحافظة الشرقية، وأسسوا جزيرة لهم باسم “جزيرة فاضل”، و أصبحت هي المنطقة الحاضنة للفلسطينيين بمصر.

وفي الطرقات الوعرة المكتظة بالقمامة والخردة، قابلنا عائلة النامولي التي تحلم برؤية فلسطين ولو لدقائق معدودة، فقلبها رغم بعد المسافات عن بئر السبع معلقٌ بثرى فلسطين، ومتشبث بالعودة.

متى أنشأت الجزيرة ؟

أسس الجزيرة الشيخ نصير النامولي عام 1948 في مركز أبو كبير، وشملت المهاجرين من فلسطين إلى مصر”.

حيث وقع الإختيار على محافظة الشرقية، نظرًا لأصول الشيخ نصير التي تعود إلى مدينة الزقازيق، “وكان الشيخ نصير تاجر “خيول وجمال” بين فلسطين ومصر، وكان علاقته وطيدة بصاحب جزيرة فاضل آنذاك، مما جعله يفكر في تأسيس جزيرة للفلسطينيين المهجرين في هذه المنطقة، فمساحة الجزيرة كبيرة، تحيط بها المياه من 3 جهات.

ويُشار إلى أن جميع سكان الجزيرة من الأصول الفلسطينية، أما الحاصلون على الجنسية المصرية هم فقط الجيل الصغير، نتيجة زواج الفلسطينيين بالمصريات”.

وبعد مرور أعوام طوال على تأسيسها، أصبح سكانها منسجمين تماماً مع المجتمع المصري، ولكن لايزال سكانها محتفظين بالعادات والتقاليد الفلسطينية”.

كما أن الدولة المصرية الشقيقة تُعامل سكانها معاملة المصريين دون تفرقة سواء في الحقوق أو الواجبات”، إضافة للتضامن الواضح من الجانب المصري معهم.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

تراث لم تغيّبه سنوات اللجوء

كان سكان القرية يتزوجون من بنات القبيلة فقط حفاظاً على اصولهم الفلسطينية ولم يكن متاحاً قبل سنوات قليلة مضت أن يتم الاختلاط بالمصريين من حيث النسب والمصاهرة حيت تم التزاوج من مصريات قبل سنوات قليلة فقط وهن الذين حصل أبنائهن على الجنسية المصرية وبنسبة قليلة.

يزين جدار كل بيت في “الجزيرة”، خريطة فلسطين القديمة، حيث يحاول الفلسطيني أن يملأ نفس أولاده بها، ليشحنهم بأمل العودة يومًا ما، فلا زال سكان الجزيرة متمسكين بعادات و أعراف فلسطين، يتمثل ذلك في اختيار أسماء المواليد بعناية وطبخ الأكلات الفلسطينية، و لبس الزي الفلسطيني الأصيل، مرورا بالقهوة الفلسطينية، ورغيف الخبز البدوي.

إلى جانب خريطة فلسطين ترقد صورة ياسر عرفات، ليس فقط لأسباب ترجع إلى كونه رمزًا فلسطينيًا أو رئيسًا سابقًا، إنما لأسباب سياسية أيضًا، وهي أن قبيلة “النامولي” تنتمي لحركة “فتح”، التي شارك في تأسيسها “عرفات”، ورغم ذلك لا زيارات رسمية من شخصيات بارزة إلى القرية، ويضيف أبو أحمد أحد سكان الجزيرة أنهم افتقدوا التواصل مع الفروع الأخرى من عائلاتهم بفلسطين لكن السفارة الفلسطينية تتواصل معهم وترسل لهم من يزورهم ويطمئن على أحوالهم إضافة إلى أنهم على تواصل تام مع إتحاد العمال الفلسطينيين وقيادات حركة فتح، وأن صورة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مازالت تزين جدران كل منزل بالقرية فهو القائد الذي لا ينسى لكل الشعب الفلسطيني .

حل النزاعات عرفياً

يُشار إلى أن سكان القرية يقومون بحل أي نزاعات بينهم عرفيا ودون اللجوء للقضاء لأنهم يعتبرون اللجوء للقضاء عيب في حق أبناء القرية، ولذا يتفادى الجميع الوقوع في مشكلات أو نزاعات حتى يحافظون على صورتهم الجميلة ووحدتهم وتماسكهم.

كما يقوم سكان القرية ورجال الإصلاح في المشاركة في المجالس العرفية للمصريين ومحاولة إيجاد حلول مرضية للنزاعات التي تواجههم.

الصحة والتعليم

لا يختلف كثيراً حال التعليم عن حال الجزيرة، حيث أن أقرب مدرسة تبعد عن الجزيرة 3 كيلو متر، ولا تزيد نسبة التعليم في الجزيرة على 10% من إجمالي سكان القرية، وفقاً لتأكيد عدد من أهالي القرية.

ولا يجد الصغار حلاً لفقرهم سوى الانقطاع عن المدرسة بعد عام أو عامين دراسيين، حتى يعملون بعدها في جمع القمامة والخردة لكسب لقمة العيش.

ويذكر أن مستوى التعليم بين أبناء الجزيرة متوسط، حيث تم بناء مركز لمحو الأمية وتعليم أطفال القرية بالجهود الذاتية، بالإضافة إلى إنشاء مركز طبي بسيط ومضيفة مزخرفة بالتراث والصور الفلسطينية.

ومن المشكلات التي تواجه سكان القرية هي إلحاق أبنائهم بالمدارس والجامعات حيث يعاملون معاملة الوافدين خاصة أنهم يحملون الوثائق، ولذلك تشترط السلطات المصرية الحصول على أوراق خاصة بهم من السفارة الفلسطينية في مصر وقطاع غزة، رغم حصولهم على شهادات ميلاد تثبت ولادتهم وولادة أبنائهم في مصر.

المهن في الجزيرة

وعن المهن التي يعمل بها أبناء القرية، الزراعة هي الأساس يليها الرعي ثم الأعمال الموسمية كالنجارة والكهرباء وصناعة البلاستيك وتسمين الماشية والتجارة .

بعد آذان الفجر يخرج الأطفال بحثاً عن كل قطع وزجاجات بلاستيكية في المنطقة التي يشتغل عليها في القرى المجاورة، وبعد نهاية العمل يجلسون في ممرات القرية للعب الكرة أو مشاهدة من يلعبون الكرة.

ويُضيف أحمد أحد سكان القرية، لم تمكنه ظروف أبويه المادية من دخول المدرسة، فلجأ إلى العمل جامعاً للزجاجات البلاستيكية، أما صديقه إبراهيم، فكان أكثر حظاً قليلاً إذ استمر في التعليم حتى الصف الأول الإعدادي، قبل أن يخرج لمساعدة أبيه في العمل كجامع للقمامة..

ورغم سنوات اللجوء الطويلة، لا يزال سكان جزيرة فاضل، يتمسكون بـ«حُلم العودة»، الذي لم يغيبه البعد الجغرافي وانقطاع التواصل مع عائلاتهم وأبناء جلدتهم في أرض الوطن “فلسطين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى