الرئيسية

زكريا الزبيدي حرًا.. التنين الذي هزم الصياد

ولد زكريا الزبيدي عام 1976 في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، وسط بيئة نضالية صعبة. فقد والده في سن مبكرة، واستشهدت والدته سميرة الزبيدي وشقيقه طه خلال قصف إسرائيلي استهدف المخيم عام 2002.

البدايات مع المقاومة

منذ صغره، واجه الاحتلال مباشرة، حيث أصيب برصاص جيش الاحتلال في عمر 13 عامًا خلال مواجهات بالحجارة. في 15 عامًا، اعتُقل لأول مرة وحُكم عليه بالسجن 6 أشهر، ثم اعتُقل مجددًا بتهمة إلقاء عبوات حارقة، ليقضي 4 سنوات ونصففي السجون الإسرائيلية.

مع اندلاع انتفاضة الأقصى (2000-2005)، أصبح الزبيدي أحد القادة الميدانيين البارزين لـكتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح. وخاض مواجهات عنيفة ضد الاحتلال، حتى وصفته وسائل الإعلام العبرية بـ “الحاكم الفعلي لجنين”.

معركة مخيم جنين 2002

في أبريل 2002، قاد الزبيدي واحدة من أشرس معارك المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين، خلال اجتياح الاحتلال للضفة الغربية. أسفرت المواجهات عن استشهاد 52 فلسطينيًا، بينما تكبد جيش الاحتلال خسائر بلغت 23 جنديًا قتيلًا. كانت هذه المعركة محطة فارقة في مسيرته، ودفعت الاحتلال إلى محاولة اغتياله واعتقاله مرارًا.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء
بين المطاردة والسياسة

بعد سنوات من المطاردة، حصل الزبيدي على عفو إسرائيلي في 2007، وسلّم سلاحه ضمن اتفاق مع الاحتلال، إلا أنه لم يكن استثناءً من الاستهداف، حيث هُدم منزله 3 مرات على يد قوات الاحتلال.

خلال هذه الفترة، استغل وقته في التعليم، حيث حصل على بكالوريوس في الخدمة الاجتماعية، ثم التحق ببرنامج الماجستير في العلوم السياسية بجامعة بيرزيت، وكانت أطروحته بعنوان: “التنين والصياد.. المطاردة في التجربة الفلسطينية”. كما انتُخب عضوًا في المجلس الثوري لحركة فتح عام 2016.

الاعتقال والهروب الأسطوري من سجن جلبوع

رغم العفو، أُلغي القرار عام 2011، وظل الزبيدي في رام الله حتى اعتقلته قوات الاحتلال في 27 يناير 2019. لكنه لم يكن ليسمح للسجن بكسر إرادته، حيث نفذ مع 5 أسرى فلسطينيين واحدة من أعظم عمليات الهروب بتاريخ السجون الإسرائيلية، عبر نفق الحرية في سجن جلبوع، في 6 سبتمبر 2021.

إلا أن قوات الاحتلال تمكنت من إعادة اعتقالهم بعد أيام، ليُحكم عليه بالسجن 5 سنوات، بسبب الهروب، فيما لم تصدر أحكام بحقه على التهم الأخرى مثل إطلاق النار على قوات الاحتلال.

خسائر مؤلمة وفقدان الأبناء

لم تتوقف معاناة الزبيدي داخل السجن فقط، بل امتدت إلى عائلته، حيث فقد شقيقه داوود الزبيدي في 15 مايو 2024، متأثرًا بإصابته برصاص الاحتلال خلال اشتباكات في جنين. وفي سبتمبر 2024، استشهد ابنه محمد الزبيدي خلال غارة جوية على طوباس شمال الضفة الغربية.

الحرية مجددًا.. ورمز النضال المستمر

بعد سنوات من الاعتقال والمطاردة، خرج زكريا الزبيدي من الأسر ضمن صفقة تبادل الأسرى في يناير 2025، ليعود إلى جنين كأحد رموز المقاومة الفلسطينية الذين واجهوا الاحتلال بشجاعة، وكتبوا تاريخًا نضاليًا لم يُمحَ رغم الاعتقال والمحاولات المتكررة لإسكاته.

زكريا الزبيدي.. مناضل لم يركع رغم الأسر، ورمز فلسطيني يتجدد عطاؤه في كل مرحلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى