تقاريرثابت

نساء غزة: بين روتين الحياة والإبادة الجماعية.. الصمود في وجه الحرب

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

تقرير خاص – خليل قنن

كيف يبدو روتين السيدة الغزّية في ظل أشهر الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة؟ هذا السؤال، الذي يبدو بديهيًا، يقودنا إلى اكتشاف تفاصيل حياة لا تمت للجمال أو الروتين المعتاد بأي صلة، بل هي حياة طوارئ مستمرة.

نساء غزة، أي روتين وسط الحرب؟

عندما نفكر في الروتين اليومي للسيدات، تتبادر إلى أذهاننا صور الجمال والعناية الشخصية، ومواعيد خاصة لتنظيم الوقت بين العمل والحياة الاجتماعية. لكن كيف يبدو الروتين اليومي لسيدة غزّية في ظل الحرب المستمرة والدمار اليومي؟

روتين صباح الحرب: سباق من أجل الماء

جيهان أم أحمد، سيدة نازحة من حي النصر في غزة إلى منطقة مواصي خانيونس، تستهجن هذا السؤال وتجيب: “أي جمال وأي برستيج!” وتتابع جيهان أم أحمد – الأم لخمسة أطفال – بتوضيح واقع حياتها اليومي: “يبدأ صباحي الساعة السادسة عندما تقرع سيارة الماء جرس الوصول، فنحمل الجالونات ونسابق الآخرين للوصول إلى السيارة التي تبعد أكثر من كيلومتر عن المخيم. لكن الأصعب من الوقوف في طابور الماء هو العودة بالجالونات المليئة إلى الخيمة.”

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

الحياة بين طابور الماء والطهي على النار

أم جهاد، نازحة أخرى من مدينة خانيونس نزحت للمرّة الثالثة بعد تكرار أوامر الإخلاء الإسرائيلية، تضيف: “لا يوجد روتين في الحرب، كل شيء طوارئ. الماء الحلو محدود، وطابور التكية لا ينتهي، والغسيل يشكل تحديًا في بيئة الخيام القاسية.”

ثم تتأمل أم جهاد لبرهة قبل أن تتابع: “لقد حوّل الطهي على النار بشرتي إلى سمراء محترقة. هنا لا مجال لأقنعة البشرة أو حمامات الزيت؛ رمل البحر والشمس هما البديل.” هكذا حولت شهور الإبادة أيادي نساء غزة الناعمة إلى خشونة تشبه جذع الزيتونة التي حاول الاحتلال اقتلاعها، لكنها استمرت في إنتاج الزيت والمسك وعناقيد الصبر والصمود.

حبوب منع الحمل لوقف الدورة الشهرية

“ونسيت أنيّ امرأة!”، بهذه العبارة الموجزة تصف فداء (22 عامًا) المعاناة الشديدة وغير الإنسانية التي تواجهها داخل خيام ومراكز الإيواء في دير البلح وسط قطاع غزة، بعد اضطّرارها للجوء إلى حبوب منع الحمل لوقف دورتها الشهرية، بسبب الظروف القاسية التي فرضتها الحرب الإسرائيلية.

وجدت فداء، وهي فتاة عزباء، نفسها مضطّرة لتناول هذه الحبوب مُنذ نزوحها من منزلها شمال غزة إلى مخيم دير البلح في نوفمبر الماضي، ورغم الآلام الجسدية المستمرة، لا تزال مستمرة في ذلك.

تقول فداء: “إنها لا تستطيع تخيل كيفية التعامل مع الدورة الشهرية في هذه الظروف الصعبة، حيث تجد صعوبة في الحصول على الفوط الصحية، وإن توفرت، فإن استخدام الحمام دون أي خصوصية أمام أعين الرجال والنساء يجعلها تشعر بانتهاك لخصوصيتها.”

تضيف بمرارة: “كانت فترة الدورة الشهرية بالنسبة لي تعني الراحة والاعتناء بنفسي، أما الآن فقد أصبحت أعيش يومًا بيوم، أحمل ملابسي وملابس عائلتي القليلة لأغسلها في ماء البحر المالح، تمامًا مثل الجميع هنا. نسيت أنني امرأة، وأنتظر المجهول.”

الصمود في وجه الحرب

رغم القسوة والشقاء، تظهر نساء غزة قوة وصمودًا لا مثيل لهما. في وجه كل التحديات اليومية، من شح الماء إلى نقص الطعام والرعاية الصحية، يبقينّ على أمل متقد في قلوبهن. يحافظنّ على أسرهنّ ويواصلنّ حياتهنّ في أصعب الظروف، وكأنهنّ يستمدن قوتهنّ من الأرض التي يقفنّ عليها، أرض طُبعت في وجدانهنّ وحياتهنّ. هذا الصمود هو ما يجعل نساء غزة رمزًا للقوة والعزيمة في وجه الظلم والاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى