مقالات الخامسة

آلاء النجار.. أيوبة القرن .. و ثلاث خنساوات معا

بقلم حمدي فرّاج

لا توجد كلمات في قاموس اللغة ، أي لغة في العالم ، تستطيع ان تربط على قلب أم فقدت عشرة أطفالها في ضربة واحدة و دقيقة واحدة ، كما مع الأم آلاء النجار الطبيبة في مستشفى بخانيونس ، ستجف مآقي دمعها ، سيتلاشى بياض عينها و يتحول الى أحمر قان ، سيتضاعف معدل نبض قلبها ، و لن يعود طبيعيا أبدا أبدا ، ستمزق شهادة طبها ، ستتحول الى نمرة متوحشة ، ستفتح حوارا مفتوحا مع نفسها ، و مع زوجها الجريح ، والد الأطفال العشرة ، و مع أمها و أبيها ، جدي الأطفال العشرة ، و قد تقرأ في عينيهما بعض لومهما : لماذا تركتيهم يا آلاء ؟ لم أتركهم وحدهم يا أبي ، تركتهم مع ابيهم حبيبهم و أحبائه ، مع من لا يقل حبه لهم عن محبتي ، تركتهم كي أذهب لمن هم في حاجتي اكثر منهم ، الى أطفال آخرين نجوا من اضراس تنين صهيون على عربات جدعون ، عبر خراريف التاريخ .و هل كان وجودي مع أطفالي الذين “كانوا” ، سيحميهم ، و سيمنع التنين من افتراسهم .

الحوار المفتوح سيمتد ليطول الاله في عليائه ، لماذا يا ربي تأخذهم دفعة واحدة ، ماذا فعلت لتعاقبني هذا العقاب غير المسبوق و غير المعهود و الذي لا يستطيع بشر أي بشر تحمله ، أو كنت تظن انني “أيوبة” ؟ حتى لو أنني أخطأت و أذنبت ، هل يكون العقاب ان تفقدني إياهم كلهم ، فلا أعد اكحل عيوني بهم ، و أذني بسماع ضحكاتهم و بقية أصواتهم ، حتى حين كانوا يختصمون و يتعاركون ، حتى أنني لم استطع تمييز ركان عن رسلان عن جبران ، و لا ايف عن سيدين عن ريفان ، ماذا فعلت لكي تتم معاقبتي على هذا النحو ، بل ماذا فعلوا هم لكي تكون هذه نهايتهم في حياة لم يبدأوها بعد .

سرعان ما ستوقفي الاستغراق في هذا الحوار العدمي ، الذي دشنه البعض العربي و الفلسطيني في لوم الضحية و تمكين الجلاد من الانسحاب ، و الذي سرعان ما سيعود على عربات جدعون محسنة و متطورة ، على متنها تنين جديد بأضراس جديدة يبحث عن آلاء أخرى ، جاء ليغتال المدرسة و المستشفى و المدينة و القطاع و الضفة و القدس و الجليل و النقب و فلسطين بكاملها و يحولها الى إسرائيل ، بدون إغتيال اطفالك و كل الأطفال على شاكلة اطفالك ، ما كان ليحقق أغراضه المريضة ، بل لا بد من اغتيال الطفولة الفلسطينية و الأمومة ، و الاحلام و شهادات الطب و القصائد المعلقة على ضفائر الفلسطينيات .

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

علقي في جيدك ، وعلى ضفائرك صور اطفالك العشرة ، و أسماءهم ، بعد ان تمزقي شهادة الطب ، و اقتحمي شوارع العالم ، خنساء جديدة ، بل ثلاث خنساوات في آلاء نجار عملاقة ، لتنقذي ما تبقى من أطفالنا و طفولتنا ، و قولي ما قالته أم ايمان حجو قبل عشرين سنة : الآن لا يستطعوا قتلها من جديد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى