مقالات الخامسة

أثمان استمرار الحرب تلقي بظلالها على الخيارات الإسرائيلية

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

بقلم: امير مخول

وفقا لصحيفة يسرائيل هيوم فإن الجيش الاسرائيلي لن ينسحب من لبنان كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار لمدة ستين يوما، بل سيُبقي على وجوده في الجنوب. تسوّغ اسرائيل ادعاءاتها بأن الجيش اللبناني ينتشر بوتيرة بطيئة سواء في الجنوب ام على الحدود مع سوريا، كما ويتباطأ في تفكيك قدرات حزب الله وفقا للاتفاق، بل تتهمه اسرائيل بـ”المماطلة”. من الواضح انه ورغم محاولات نفي التصريح من مصادر غير رسمية، الا ان إسرائيل تستغل على الأرض فترة الشهرين، سعيا لخلق واقع ميداني عسكري جديد يختلف عما كان لغاية السابع من أكتوبر 2023، فبناء على تقديراتها العسكرية فإن “حزب الله يضمد جراحه ومعني بالهدوء من اجل انجاز هذه المهمة” خاصة وانه “بات في وضع أضعف”.

– نشر موقع “شومريم” الاستقصائي بأن الحكومة قد رصدت ميزانية بمقدار 15 مليار شيكل (نحو 4,2 مليار دولار) مخصصة لترميم وتطوير البلدات والمرافق في المنطقة الحدودية مع لبنان سعيا لعودة النازحين الاسرائيليين. بينما اعتبر رئيس منتدى البلدات الحدودية موشي دفيدوفيتش، ان ما يحدث في الشمال هو “ضربة مميتة للمشروع الصهيوني في شمال اسرائيل” باعتبار ان الميزانيات بحد ذاتها لا تحقق الهدف بعودة عشرات الاف النازحين منذ بداية الحرب، كما انها وبسبب انعدام وجود خطة حكومية متكاملة فقد ادت الى صراعات على الموارد بين البلدات المختلفة، في حين ان حجم الدمار والاضرار فادحة سواء بالمباني ام بالمرافق العامة والبنى التحتية ام بالزراعة والسياحة والصناعة.

– ينقل الاعلامي يواف ليمور عن استطلاع اجرته حركة شبابية اسرائيلية تحمل مسمى “الاتجاه شمالا” فإن 93% من الشباب النازحين من الشمال من جيل 20 – 35، لا ينوون العودة الى هذه المنطقة، ويضيف بأن أوساطا منهم قد تأقلموا مع العيش أماكنهم الجديدة في مركز البلاد كما تسود حالة اليأس من احتمالية ان تعود الامور الى سابق عهدها.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

– بناء على هذه التقديرات الاسرائيلية فإن الجيش قد حقق انتصارا حربيا في الجبهة الشمالية، بينما هذا الانتصار لا ينعكس على الواقع السكاني والجبهة الداخلية في الشمال. القلق لا يزال يساور الجمهور الواسع بصدد ماذا سيحصل مستقبلا في المواجهة مع حزب الله والتي ترافق المنطقة منذ أكثر من عقدين. ويرى سكان الشمال الاسرائيليون بأن مصدر القلق الاكبر هو “التعليم ومصدر الرزق وفوق ذلك كله مصير هذه المنطقة التي تلقت ضربة قاسية للغاية” فيما أحد تجليات هذه القلق تعود الى هجرة السكان اليهود من هذه المنطقة وتركها او كما يشير الموقع فإن “اسرائيل قد انتصرت عسكريا لكنها خسرت منطقة الشمال”، على النقيض من ركيزة جوهرية من العقيدة الصهيونية تقول بأن حيثما يوجد بيت يهودي يوجد أمان.

– وفقا لردود فعل السكان النازحين من فإن المسؤولية تقع على عاتق اثنين، اولهما نتنياهو المنشغل في ملفاته القضائية وفي صيانة ائتلافه الحاكم ومؤخرا بوضعه الصحي؛ والاخر هو وزير المالية سموتريتش والذي “بدلا من اعلان العام 2025 عاما لإعادة تأهيل المنطقة الشمالية، الا انه اختار ان يكون عاما لفرض السيادة الاسرائيلية” في الضفة الغربية والضم.

قراءة:

• هناك اتجاه جدي في المستويين السياسي والامني يدعم فكرة عدم انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان بعد انتهاء فترة الستين يوما من وقف إطلاق النار بينها وحزب الله. يقوم هذا الموقف على اعتبار ان اسرائيل انتصرت عسكريا، وبأن “التباطؤ في انتشار الجيش اللبناني يشكل انتهاكا للاتفاق” و”يتيح لحزب الله استعادة جزء من قدراته”. بينما على المستوى التكتيكي فإن الابقاء على شريط حدودي ولو مؤقتا فيه رسالة الى لبنان والى الدول الشريكة في مراقبة وقف إطلاق النار والقوات الدولية بأن اسرائيل تقوم بترسيخ قاعدة تعامل تقوم على حرية الحركة والتدخل العسكري العملياتي في لبنان وفقا للتوافق الاسرائيلي الامريكي الثنائي. كما وترى ان التحولات بعد سقوط نظام الاسد في سوريا، تتيح لإسرائيل التحكم بالحدود اللبنانية السورية وهو جزء من تمددها في اراضي السورية.

• الفجوة الكبيرة بين ما تعتبره حكومة نتنياهو انجازات عسكرية وحسم المعركة مع حزب الله حربيا، وبين اهداف الحرب وفي مقدمتها “عودة النازحين واستعادة الامن والامان واعادة ترميم المنطقة”، باتت على جدول الاعمال الجماهيري الاسرائيلي، وقد تعمق التصدعات داخل الائتلاف الحاكم، بينما خارجيا قد تدفع اسرائيل ومن منطلق الامن القومي ان تعيد النظر في فكرة البقاء العسكري في لبنان. كما قد تدفع نحو الحسم لصالح احترام وقف إطلاق النار وتمديده. وللتنويه فإن التقديرات الامريكية تؤكد بخلاف الموقف الاسرائيلي بأن الجيش اللبناني يقوم بتنفيذ كامل لالتزامات الدولة اللبنانية.

• الاصوات الصادرة عن سكان ومسؤولي البلدات الحدودية الاسرائيلية وتذمرها من اولويات نتنياهو فيها مؤشرات لاحتمالية حدوث تحول في المزاج العام الاسرائيلي، باعتبار ان حكومة نتنياهو لن توفر لهم اعادة البناء ولا الانتعاش الاقتصادي الشخصي او العام. فيما ان المؤشرات للتحول الاعمق هي الموقف من سموتريتش، وقد تكون اول التصريحات التي تشير الى تناقض الاولويات بين سكان الشمال الاسرائيليين وبين اولوية الاستيطان والضم. من باب المقاربة، تتماشى هذه الاصوات مع شعار “الاموال لأحياء الفقر وليس للمستوطنات” الذي شاع في سنوات السبعين والثمانين وكان له اثر كبير في احداث تحولات في الراي العام الاسرائيلي واسقاط حكومة شامير في حينه لصالح حكومة رابين.

في الخلاصة:

– من الوارد احتمال عدم التزام اسرائيل بالانسحاب من جنوب لبنان بعد انهاء مهلة وقف إطلاق النار، مما قد يدفع الى تجدد المواجهة الحربية. بينما توجد احتمالية أكبر لتمديد وقف إطلاق النار وعدم تجدد القتال وذلك اذعانا لمتطلبات الجبهة الداخلية ولحقيقة ان اهداف الحرب الاسرائيلية لم تنجز.

– على ضوء الاثر الاقتصادي الهائل ومحدودية الموارد، بدأ المجتمع الاسرائيلي يتلمس اثمان الحرب واسقاطاتها الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك هناك بدايات لإدراك التناقض بين اولوية ضم الضفة الغربية كما يريدها وزير المالية، وبين خطة تطوير كبرى للبلدات الاسرائيلية الحدودية مع لبنان والمنطقة الشمالية، مما قد يعمق التصدعات داخل الائتلاف الحاكم.

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

– تفيد معظم التقديرات الاسرائيلية الى ان جيش الاحتلال بات منهكا ومستنزفا في قطاع غزة مما قد يعزز الموقف القائل باحترام وقف إطلاق النار في الشمال والسعي الى صفقة التبادل في غزة.

– التصدعات في المجتمع الاسرائيلي تتعمق ويتفاقم أثرها، وحصريا على ضوء الضربات الاقتصادية وغلاء المعيشة والاهمال الحكومي وقانون التجنيد العسكري، مما قد يشكل عاملا يدفع الى الحد من الحرب المفتوحة وطويلة الامد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى