مقالات الخامسة

أكرم عطا الله: هل سيسخن البحر “البر” بين لبنان واسرائيل ؟

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

مرة أخرى تشتعل الأزمة على الحدود دائمة التوتر في المنطقة لكن هذه المرة تأتي حرارتها من البحر المتنازع على مناطقه التي أصبحت على قدر من الثراء الذي يمكن أن يشعل حرباً على الغاز بين لبنان واسرائيل، فبعد أن توقفت مفاوضات ترسيم الحدود منذ أيار مايو العام الماضي جاءت السفينة المنصة “انرحين” الى حقل كاريش للبدء باستخراج الغاز خلال أشهر بعد أن انتهى عمليات الفحص والتنقيب.

الانتقال لمرحلة الاستخراج أضاء الأضواء الحمر في بيروت التي اعتبرت وصولها وباجماع كل أطياف الخلاف اللبناني بأنه عملاً “استفزازياً ويشكل عدواناً على لبنان” كانت الدولة اللبنانية تعبر عن موقفها فيما تأخر حزب الله تاركاً تلك المساحة التي ستتطلب استدعاءه لاحقاً عندما تفشل المفاوضات.

الوسيط الأميركي وكبير مستشاري وزارة الخارجية لشئون الطاقة أموس هوكشتاين في اسرائيل لمناقشة الاقتراح اللبناني الذي قدمه الرئيس ميشال عون كحل وسط للأزمة حاسماً حالة اللغط التي سادت في لبنان على امتداد الفترة الماضية وفوضى الخطوط التي سادت ما بين خط 23 كخط خاضع للتفاوض كما يرى الوسيط الأميركي السابق فريدريك هوف وخط 29 الذي قدمته لبنان متأخراً للأمم المتحدة والحديث عن أخطاء سابقة لم تكتشفها الدولة والذي يقضي باضافة 1460 كيلو متر كمطالبة لبنانية جديدة بعد الرجوع للخبراء اللبنانيين والبريطانيين يضاف للخط 23 الذي يضم 860 كيلو متر.

الوسيط الأميركي السابق الدكتور هوف وحين كان النقاش على ال860 كيلو متر قدم اقتراحاً بالتأكيد ليس بعيداً عن التشاور مع اسرائيل ويقضي بتقسيمه الى 57% لصالح لبنان و 43% لاسرائيل وهو ما رفضه لبنان الذي تجاوزت مطالبه هذا الحد بكثير.

وهنا توفقت المفاوضات بين لبنان الذي يقدم الوسيط 500 كيلو متر بينما تقدم خرائطه مطالبات ب 2290 كيلو متر، وهنا علقت المفاوضات وانتهت نهايتها الفاترة بسبب تباعد الأطراف من جهة وبسبب مقدرة كل طرف على ايذاء الآخر فيما لو اندلعت الحرب بمعنى أن لكل منهم قوة مسلحة يمكن لها أن تتدخل ان استدعى الأمر وهو ما عبر عنه الأمين العام لحزب الله في خطابه الذي جاء تتويجاً لموقف الدولة اللبنانية كعصا يجري التلويح بها.

حزب الله هذه المرة كما تقدر الأوساط الأميركية أن الأزمة في صالحه تماماً وهو ما يفسر تريثه في الاعلان عن الموقف بعد الدولة اللبنانية باعتبار أن كل شيء سيعود له في حال عدم القدرة على التوصل لحل وهو ما عززته فشل المفاوضات السابقة بل أنه ربما ينتظر أن تبدأ الحرب لتعزيز موقفه في الداخل اللبناني كحارس للحقوق اللبنانية والأهم من ذلك أنها فرصة الاسكات صوت المطالبين بنزع سلاحه عندما يتضح أن سلاحه أو تهديده بالسلاح على الأقل هو القوة الأكثر تأثيراً ولا زال الحفاظ عليه جزء من استراتيجية الحفاظ على حقوق لبنان ولا يمكن التخلي عنه وأن نزعه ليس في صالح الشعب اللبناني.

واستدعى لبنان الوسيط الأميركي الجديد على عجل بعد وصول السسفينة اينرجين محاولاً البحث عن حل ولتجنب الحرب وما بين ال500 كيلو التي اقترحها الوسيط وما بين 2290 التي اقترحتها خرائط الجيش والخبراء قدم الرئيس اللبناني حلاً وسيطاً يقدم على زيادة 300 كيلو متر الى ال 860 ليصبح سيطرة لبنان على 1160 كيلو متر بدلاً من 2290 وهذا من شأنه أن يضمن للبنان حقل قانا فيما يسلم لاسرائيل بحقل كاريش ولأن لبنان أحوج لبدء استخراج الغاز بسبب ضائقته الاقتصادية فهو يبحث عن حلول اللحظة الأخيرة.

أزمة لبنان أنه وقع اتفاقيات التنقيب واستخراج الغاز مع شركات عالمية مثل توتال الفرنسية ويني الايطالية ونوفاك الروسية ولكنه تعرض لضغوطات هائلة منعت بدء العمل في مناطقه البحرية فيما لم يكن هناك أي ضغوطات على اسرائيل التي استمرت بالعمل بالقوة وبفرض الأمر الواقع الذي وجد تعبيره في وصول السفينة اليونانية ليعيد اثارة الأزمة من جديد ولكن هذه المرة على وقع التهديدات من الجانبين حزب الله الطرف الأكثر هدوء في هذه الأزمة والأكثر استفادة وعلى الجانب الآخر رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الذي هدد سكان لبنان المدنيين أيضاً بحرب مدمرة.

لم يخفت التهديد في الأيام الأخيرة لأن هناك انفراجة تبدت في الدبلوماسية الأميركية بل لأن الأطراف استعرضت قوتها دفعة واحدة لا يلزمها أكثر متحفزة بانتظار تداعيات المسألة وما سيحمله الوسيط الأميركي حين عودته من اسرائيل والتي من المشكوك موافقتها على المقترح اللبناني الجديد وان كان للمسألة بعداً دولياً هذه المرة أكثر من اسرائيل ولبنان بالنسبة للولايات المتحدة وهذا سيعتبر مستجداً ضاغطاً هذه المرة من قبل الولايات المتحدة التي تريد استخراج غاز المتوسط بأي ثمن سواء من لبنان أو اسرائيل لا يهم في مواجهة التهديدات الروسية والعقوبات الأوروبية على روسيا بتوفير بديل متوسطي عن الغاز الروسي اذ أن شركتين من بين الشركات التي اتفقت مع لبنان واحدة فرنسية والثانية ايطالية وفي هذا أيضاً مصلحة وفرصة لاسرائيل حيث تصبح المورد البديل لأوروبا وفي هذا ما يضعها في موقع سياسي هام حيث قدرتها على مقايضة الغاز بالسياسة مع أوروبا حين تصبح موردها الرئيسي.

ولكن أين روسيا من تلك المعادلة؟ فمن الخطأ تجاهلها حيث أن بدء اسرائيل باستخراج الغاز يشكل مساساً بالاقتصاد الروسي بلا شك ويجعل الموقف الأوروبي أكثر تصلباً تجاهها ويفتح شهيته على مزيد من العقوبات فهل يمكن لها أن تتدخل؟ لا أحد يتصور أن تبقى روسيا محايدة أمام الأضرار بمصالحها والرغبة المعلنة بكسرها بهذا الشكل ويمكن التأثير بشكل غير مباشر على حليفها الايراني وبدوره على الحليف اللبناني الذي يملك فيتو كبير على المفاوضات فروسيا قبل أشهر قليلة استقبلت وفدا من حزب الله ولا أحد يتصور أن الرئيس اللبناني حليف حزب الله قدم اقتراحه دون التشاور مع الحزب وبالتالي يمكن أن نفهم أن المقترح هو الحد الأدنى الذي يقف عنده حزب الله وخلفه حلفه الممتد في هذه الأزمة حتى موسكو فهل يمكن أن تقبل اسرائيل التي تريد مقاسمة لبنان في ال 860 كيلو متر فهل تقبل بأن تسلم للبنان 1160 كيلو؟

هنا مأزق الأزمة ليس ببعدها الاقليمي فقط بل الدولي ان كان هناك عوامل ومصالح أميركية ضاغطة باتجاه الترسيم والاسراع باستخراج الغاز هناك مصالح روسية ايرانية بمواجهة هذا الترسيم وتلك سيوفرها الموقف الاسرائيلي الذي أبدي سابقاً تجاهلاً للمطالب اللبنانية ومماطلة في المفاوضات متكئاً على أزمة لبنان الاقتصادية والضغوطات الخارجية وخطة التجويع المنظمة التي يمر بها التي تمت بتكامل اقليمي ودولي فتلك لم تكن من مصادفات السياسة وربما في هذا ما يشجع حزب الله على الحرب ليضرب عدة عصافير بحجر واحد بعد المطالبة بنزع سلاحه وتراجع حلفاءه في الانتخابات الأخيرة ليعود من خلالها لتصدر المشهد واستدعاء اجماع وشرعية السلاح سيناريو قد لا يكون بعيداً….!!!!

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى