إسرائيل تتجند ضد الاتفاق مع إيران ولكن فرص نجاحها “ضئيلة”
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
الخامسة للأنباء – الأراضي المحتلة
تتجنّد إسرائيل، حكومة ومعارضة، ضد الاتفاق الدولي المتبلور مع إيران، ولكنّ فرصها في إحداث التغيير “ضئيلة للغاية”.
فقد غادر وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، مساء الأربعاء الماضي، إلى واشنطن بعد ساعات من عقد رئيس الوزراء يائير لابيد مؤتمر صحافيا انتقد فيه الاتفاق، مستبقا بذلك زعيم المعارضة ورئيس حزب “الليكود” اليميني بنيامين نتنياهو الذي فعل الأمر ذاته.
والجمعة، اجتمع غانتس مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، في الولايات المتحدة. وقال بيان أمريكي إن المسؤولَين ناقشا “التزام الولايات المتحدة بضمان عدم حيازة طهران سلاحا نوويا، والحاجة إلى مواجهة تهديدات إيران ووكلائها”.
وقال غانتس، الجمعة، في تغريدة عبر تويتر، عقب زيارته مقر القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) في ولاية فلوريدا الأمريكية، إن تل أبيب ستتأكد من عدم امتلاك إيران قدرات نووية “أبدا”.
والأربعاء الماضي، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد في لقاء مع الصحفيين: “أوضحنا للجميع، إذا تم التوقيع على الاتفاق، إسرائيل لن تكون ملزمة به؛ سنتحرك من أجل منع إيران من التحوّل إلى دولة نووية”.
أما زعيم المعارضة، نتنياهو فكتب على تويتر: “أنا أتعهد: مع أو بدون اتفاق- سأفعل كل شيء لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية”.
وبالإضافة إلى معارضتهم الاتفاق مع إيران، فإن ما يجمع “لابيد وغانتس ونتنياهو”، هو أنهم جميعا مرشحون لرئاسة الحكومة القادمة إثر الانتخابات المقررة في 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ويحاول السياسيون الثلاثة تسجيل معارضة علنية، للاتفاق الدولي المتبلور.
ومنذ شهور، يتفاوض دبلوماسيون من إيران والولايات المتحدة و5 دول أخرى، في العاصمة النمساوية فيينا، بشأن صفقة إعادة القيود على برنامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي أعاد فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعد انسحاب بلاده من الاتفاق في مايو/ أيار 2018.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قدم الاتحاد الأوروبي اقتراح تسوية “نهائيا”، داعيا طهران وواشنطن اللتين تتفاوضان بشكل غير مباشر، للرد عليه أملا بتتويج مباحثات بدأت قبل عام ونصف.
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية، قد أعلنت الأربعاء، استلام الرد الأمريكي على مقترحاتها لحل القضايا العالقة في المفاوضات النووية، وقالت إن طهران بدأت “دراسة تفصيلية لملاحظات واشنطن”.
وقال رئيس المخابرات الإسرائيلية (الخارجية) “الموساد” ديفيد بارنياع، الجمعة، إن توقيع الاتفاق الدولي مع إيران بشأن برنامجها النووي “ينذر بكارثة استراتيجية”.
جاء هذا في إحاطات عقدها بارنياع لرئيس الوزراء يائير لابيد، حيث قال إن الاتفاق يأتي بعد أن نجح الإيرانيون في “تطوير أجهزة طرد مركزي متطورة”، كما أن الاتفاق سيضخ لإيران “مليارات الدولارات التي سيتم تحويلها لتمويل الجماعات كحزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الإسلامي”، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.
ويرى المحلل يوناثان ليز أن الشعور يتنامى بين المسؤولين الإسرائيليين بأن إدارة بايدن ستفعل كل ما في وسعها لإنهاء المفاوضات وتوقيع اتفاق نووي مع إيران.
وكتب ليز يقول في مقال نشره في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: “من المُحتمل أن تكون فرص تغيير هذا الزخم في المحادثات النووية بعيدة، لكنّ رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، قد حشدوا حملة من الضغط العام على الولايات المتحدة والدول الأوروبية”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو عارض الاتفاق الأصلي علنيا في عام 2015 بما في ذلك في خطاب بالكونغرس الأمريكي، ما أدى إلى نشوب أزمة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما.
إلا أن الحكومة الإسرائيلية تبدو عازمة الآن على عدم الدخول في مواجهة علنية مع الإدارة الأمريكية حول الاتفاق.
وقال مسؤولون سياسيون إسرائيليون، لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، الخميس إن “لابيد مُصمم على عدم إجراء مواجهات علنية مع بايدن، مثل تلك التي قادها نتنياهو ضد باراك أوباما، قبل التوقيع على الاتفاق النووي الأصلي لعام 2015”.
ونَقلت صحيفة هآرتس عن مصادر إسرائيلية، لم تسمها قولها: “بسبب هذا خطاب نتنياهو في الكونغرس (عام 2015) أخرجوا إسرائيل من غرف الاجتماعات، رأينا أن ذلك لم يساعد، لا يمكننا تهديد علاقاتنا مع الولايات المتحدة”.
وتُركز الحملة الإسرائيلية الحالية على ما تعتبره إسرائيل “نقاطا سلبية في الاتفاق”.
وتساءل رئيس الوزراء الإسرائيلي لابيد في حديثه للصحافيين، الأربعاء: “كيف يمكن التوقيع على اتفاق مع الإيرانيين يمنحهم مئة مليار دولار سنويا، كجائزة على قيامهم بخرق جميع التزاماتهم”.
إلا أن يوناثان ليز في مقاله بـ”هآرتس”، قال: “لم تنجح إسرائيل أبدًا في التأثير على صياغة الصفقة، التي تتم صياغتها بين إيران والقوى العالمية”.
وأضاف: “كان تأثيرها الرئيسي على البنود خارج الاتفاقية نفسها، وتشمل هذه الالتزامات التزام الولايات المتحدة بعدم إزالة الحرس الثوري من قائمتها للمنظمات الإرهابية المصنفة، وسلسلة من التعهدات الأخرى التي قد تحافظ عليها الولايات المتحدة أو لا تحافظ عليها، مثل عدم إغلاق التحقيق الذي تجريه وكالة الطاقة الذرية الدولية في إيران”.
وتابع ليز: “تضغط إسرائيل على إدارة بايدن للوقوف بحزم في قضايا أخرى أيضًا: عدم رفع العقوبات عن إيران التي ليست جزءًا من الاتفاقية الأصلية، وعدم منحها ضمانات اقتصادية، في حال قررت الولايات المتحدة في النهاية الانسحاب من الاتفاقية للمرة الثانية”.
وأشار إلى أن القادة السياسيين الإسرائيليين “يدركون جيدًا أن واشنطن غير مهتمة بتنفيذ الطلب الرئيسي الذي قدموه في السنوات الأخيرة، وهو تهديد عسكري كبير ومخيف لطهران”.
ويبدي الإسرائيليون آراء متفاوتة حيال ما على إسرائيل القيام به حال توقيع الاتفاق بين القوى الدولية وإيران.
وكتب تامير هايمان، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، في مقال بصحيفة “إسرائيل اليوم”، الخميس، يقول: “إذا تم التوصل إلى اتفاق، يجب على إسرائيل أن تستعد لسيناريو يتحرك فيه برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني بكامل طاقته إلى الأمام بحلول عام 2030”.
وأضاف: “هذا يعني أنه يجب على إسرائيل إعطاء الأولوية لقدراتها التشغيلية حتى يكون لديها القدرة على وقف برنامج إيران النووي دون التسبب في اندلاع مواجهة على حدودها الشمالية، والأهم من ذلك، يجب أن تعزز الدعم الدولي لضربة محتملة، في المقام الأول عن طريق مغازلة الولايات المتحدة”.
وتابع هايمان: “نعم، ستجني إيران أرباحًا غير متوقعة من الفوائد الاقتصادية للصفقة بمجرد تنفيذها، لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن العقوبات الحالية لم تكن قادرة على إبقاء التعزيز العسكري الإيراني تحت السيطرة، قد تستخدم إيران الصفقة لتعزيز وجودها الإقليمي، لكن إسرائيل أثبتت أنها خصم جدير في مواجهة مثل هذا التهديد، في المخطط الكبير للأشياء، ستكون الصفقة أدنى من اتفاقية 2015، لكنها لن تكون كارثة لإسرائيل”.
ومن ناحيته، كتب المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية رون بن إيشاي: “إسرائيل تحاول التأثير على الأمريكيين من أجل تخريب المفاوضات، أو على الأقل لإجراء تغييرات في اللحظة الأخيرة في الصفقة، في إسرائيل، يجادل البعض بأن بايدن، مثل (مرشد الثورة علي) خامنئي، عنيد، لذلك قد ينتزع اتفاقًا أفضل من الإيرانيين، أو يقرر تعليق المفاوضات حتى تلغي طهران بعض مطالبها الإشكالية”.
وأضاف: “كما يولي البنتاغون اهتمامًا وثيقًا بالحجج الإسرائيلية عندما أثارها وزير الدفاع بيني غانتس في محادثات مع نظيره الأمريكي، لكن من غير المرجح أن يؤثر ذلك على واشنطن”.
وأكمل بن إيشاي: “لهذا السبب يجب على إسرائيل والولايات المتحدة أن تُشاركا في صياغة استراتيجية جديدة ضد إيران من شأنها أن تجدد تعهدات، بالالتزام بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية”.
وقال: “يجب أن تحتوي هذه الاستراتيجية على أربعة عناصر أساسية على الأقل، الأول: مراقبة استخباراتية صارمة لمنع إيران من تطوير جهاز متفجر نووي سراً وتحويله إلى رأس حربي أو قنبلة، مع التأكد من عدم تخصيب إيران لليورانيوم إلى مستوى أعلى من 60٪، ثانيا: الخطوات والأساليب والإجراءات المضادة التي يمكن تنفيذها إذا استعادت إيران برنامج تطوير أسلحتها النووية أو قامت بتخصيب اليورانيوم خلافًا لما تسمح به الاتفاقية؛ ثالثا: اتفاق إسرائيلي-أمريكي يحدد الشروط التي ستُعتبر إيران قد انتهكت بموجبها الصفقة التي تم إحياؤها”.
أما العنصر الرابع، بحسب بن إيشاي فهو “تفاهمات حول مبادئ العمل التي ستتخذها إسرائيل والولايات المتحدة معًا أو بشكل منفصل إذا حصلت إيران بالفعل على قنبلة نووية”.