محاولة إغتيال “حسن نصرالله” … إسرائيل تشن هجوم عنيف على بيروت

شن طيران الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، هي الأعنف منذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في قصف كان الهدف منه هو الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، فيما أكدت مصادر مقربة من الحزب أن نصر الله يوجد “في مكان آمن”، نافيةً المزاعم الإسرائيلية.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن سقوط شهيدين و76 جريحاً في حصيلة أولية للعدوان الذي استهدف حارة حريك في الضاحية الجنوبية. وشوهدت سحب من الدخان تغطّي سماء الضاحية الجنوبية حيث استهدفت الغارات ما بين طريق المطار وحارة حريك. وقالت وسائل إعلام عبرية إن الهدف من الاستهداف هو اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله. وقالت إذاعة جيش الاحتلال نقلاً عن مصدر عسكري قوله إن عدة طائرات من طراز إف- 35 “شاركت في الغارات بواسطة قنابل خارقة للحصون والهدف هو مقرّ هيئة أركان حزب الله الرئيسية والمستهدف الرئيسي حسن نصر الله”، فيما ذكرت القناة 12 العبرية أن جيش الاحتلال يفحص ما إذا كان نصر الله موجوداً في المكان المستهدف.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن مصادر أمنية قولها إن حسن نصر الله في مكان آمن وما تتداوله وسائل الإعلام الإسرائيلية غير صحيح. وقالت وسائل إعلام عبرية إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قطع مؤتمراً صحافياً في مقر الأمم المتحدة بعد إطلاعه على الأمر، كما أنه سيقدم عودته إلى إسرائيل. وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن مشاورات أمنية تجري في إسرائيل لبحث نتائج الهجوم.
وذكر مصدر أمني أن حجم الدمار هائل في الضاحية وهناك توجيهات بتعزيز عناصر الإسعاف والدفاع المدني بالآليات وإرسالها من مراكز مختلفة إلى الموقع المستهدف. وأضاف أنه “من المبكر معرفة إذا كانت هناك شخصية معينة من حزب الله مستهدفة بالعدوان في ظل الدمار، كما أن المنطقة سكنية مدنية ومكتظة بالسكان”. وقال مصدر نيابي في حزب الله لـ”العربي الجديد” إن العدوان اليوم على الضاحية الجنوبية لبيروت تجاوز كل الأسقف والضوابط، وما حصل لن يهز المقاومة وبيئتها.
وأوضحت وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب أبلغت الولايات المتحدة قبل تنفيذها الهجوم، فيما أكدت إذاعة جيش الاحتلال أن حالة تأهب قصوى في صفوف منظومة الدفاع الجوي وخدمة الإسعاف تحسباً لشروع حزب الله في موجة قصف مكثف بعد الضربة الإسرائيلية. وأكدت القناة 12 الإسرائيلية أن نتنياهو أعطى الضوء الأخضر للهجوم على الضاحية قبل أن يبدأ خطابه في الأمم المتحدة.
وقال جيش الاحتلال في بيان مقتضب على “إكس” إنه هاجم المقر المركزي لحزب الله، “والذي يقع تحت بنايات سكنية في قلب منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت”، بحسب زعمه، مضيفاً، في بيان لاحقاً، أن رئيس الأركان هرتسي هليفي أنهى جلسة لتقييم الوضع بعد الهجوم على مقر حزب الله، وشدد على الاستعداد العالي في الهجوم والدفاع. واستدعت الجبهة الداخلية الإسرائيلية المزيد من جنود الاحتياط في أعقاب الهجوم.
وزعمت القناة 12 الإسرائيلية أن نصر الله أصيب على أقل تقدير في الهجوم، وقالت إن محاولة الاغتيال خُططت منذ فترة فيما انتظرت إسرائيل الفرصة، مضيفةً أن “المعلومة الذهبية” حول مكان وجود نصر الله وصلت بعد ظهر اليوم. وأفادت القناة بأن الولايات المتحدة علمت بالهجوم قبل تنفيذه بوقت قصير، وطالبتها إسرائيل بردع إيران عن الرد. من جانبها، ذكرت صحيفة يسرائيل هيوم، أن إسرائيل لا تستبعد رداً إيرانياً قوياً، لكن مصادر أميركية تحدثت لموقع والاه العبري أكدت أن الولايات المتحدة لم تعلم بالهجوم مسبقاً.
وتشير المعلومات الأولية إلى أن العدوان الإسرائيلي تم بأكثر من غارة ويعد أقوى استهداف لبيروت منذ بدء الحرب، مضيفة أن الغارات خلّفت أضراراً كبيرة في مكان الاستهداف فيما تحاول سيارات الإسعاف الوصول لبدء عمليات المسح. وقالت وسائل إعلام تابعة لحزب الله إن “العدو الإسرائيلي شنّ حزاماً نارياً على المنطقة الواقعة بين طريق المطار وحارة حريك”، مشيرة إلى أن الغارات دمرت أربعة مبان في المكان المستهدف.
من هو القيادي اللبناني حسن نصرالله:
الأمين العام الثالث لحزب الله اللبناني. تولى منصبه يوم 16 فبراير/شباط 1992 خلفا للأمين العام السابق عباس موسوي، الذي اغتالته إسرائيل بإطلاق صاروخ على موكبه.
تلقى تعليما دينيا في مراكز وحوزات شيعية في لبنان والعراق وإيران. لقب بـ”سيد المقاومة”، نظرا للدور الذي قام به حزبه في تحرير جنوب لبنان عام 2000 من الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر لمدة 22 عاما، ثم في مواجهة إسرائيل في حرب يوليو/تموز 2006.
وكان له أيضا دور كبير في تدبير عمليات تبادل لإعادة أسرى لبنانيين وعرب وجثامين مقاومين كان يحتجزها الاحتلال.
كانت خطبه الحماسية وشخصيته القوية من العوامل التي أكسبته شعبية في العالمين العربي والإسلامي، وكانت كلماته تحظى بمتابعة واسعة واهتمام كبير.
غير أن هذه الشعبية سرعان ما تدهورت بعد وقوف حزب الله إلى جانب النظام السوري في قمع الثورة السورية، التي اندلعت عام 2011 وطالبت بإسقاط الرئيس بشار الأسد
فقد شارك حزب الله -إلى جانب حركات مسلحة أخرى تدعمها إيران- في الحرب التي شنها النظام ضد الثوار في سوريا، وارتكب عناصره مجازر في كثير من البلدات والمدن السورية، وساهموا في موجة التهجير التي عانى منها ملايين السوريين، ومن ثم انهالت انتقادات كثيرة على الحزب وعلى قيادته، وخاصة حسن نصر الله.
عاد اسمه إلى واجهة الأحداث مع عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة في فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تلاها عدوان إسرائيلي على قطاع غزة استمر شهورا وقتل فيه آلاف الشهداء.
فقد أعلن نصر الله عن فتح “جبهة في جنوب لبنان لدعم وإسناد المقاومة الفلسطينية”، وهي الجبهة التي قال في عدد من خطبه إنها لن تهدأ إلا بعد إنهاء الحرب على غزة.
غير أن هذه المبادرة هي الأخرى تعرضت لانتقادات، واعتبر كثيرون أنها “لم تكن بالمستوى المطلوب”، وأنها ظلت تحت سقف محدود لم يرد الحزب تجاوزه.