مقالات الخامسة

ارتفاع الاسعار .. سياسة المستعمر أم فساد واستغلال


د.ماجد أبودية
ارتفاع الاسعار في المناطق التي تشهد ازمات وحروب امرا ليس غريبا، كما حدث في سوريا ولبنان والسودان وحاليا مصر، لكن الغريب هو غياب الضوابط سواء الدور الرقابي الحكومي او الوازع الاخلاقي، مما هيأ الاجواء للطمع والاحتكار وانتشار الفساد الذي ضجر منه المواطنين وصرخوا صرخة غضب.
هذا الحراك الشعبي الغاضب من احد مسبباب ازماته العديدة وهو غلاء الاسعار، هو جرس انذار يجب التعامل معه بمسؤولية عالية، لضمان نقاء هذا الحراك وحمايته من الاحتواء من اية طرف تدور في اذهانه المخططات، وتحقيق هدفه بتلبيه مطلبه بعودة الاسعار الى طبيعتها وهو امرا ليس مستحيل اذا ما تحمل الجميع مسؤولياته ووقف عندها.
*مبالغ طائلة تدفع مقابل الحصول على تنسيق*
اصل الحكاية يبدأ من صراع التسابق بين تجار غزة للحصول على تنسيق وادخال بصائعهم، مما جعلهم فريسة سهلة لبعض الفاسدين المتنفذين *(مسؤولين في حكومة رام الله، وتجار من الضفة)*، وابتزازهم بدفع مبالغ طائلة مقابل تقديم دور التنسيق، او شراء دور احد التجار، ويصل الدفع لبعض البضائع مثل الملابس حوالى 100 الف دولار، وبالمناسبة الفاعلين في هذا المجال والذين يملؤن جيوبهم من امعاء المواطنين ودماء ابناؤهم معروفين بالاسم، وارقام جوالاتهم، وحساباتهم البنكية، وحتى اشعارات تحويل المبالغ المالية، فأين دور جهاز الرقابة، واين اجهزة الامن منهم، واين حكومة محمد مصطفى التي اشبعتنا شعارات منهم.
ولم يقف الامر عند هذا الحد، عند خروج شاحنات البضائع من معبر كرم ابوسالم، على التاجر ان يدفع مبالغ طائلة لزعماء قطاع الطرق، هذه المليشيات التي تشكلت من اصحاب السوابق وخريجوا السجون وبعضهم من العائلات تحت حماية الاحتلال، واهمال اجهزة امن غزة، الى جانب عناصر يستعان بهم لحماية الشاحنات حتى وصولها الى بر الامان المخازن، ولا تستغرب ان اجرة شاحنة النقل يصل الى 8 الاف شيقل، كل هذه الزيادة في التكاليف تضاف الى فاتورة الاسعار الاصلية، لينشأ سعر جديد مرتفع، وفي ظل الطلب المرتفع والفجوة الكبيرة بين العرض والطلب، ان النفس لأمارة بالسوء، يطفو على السطح جشع التجار واحتكارهم للبضائع، في ظل استسلام تام من الضحية المواطن البسيط، الذي اثخنته المعانة و انهكته ظروف الحرب ولم يعد قادر على التمرد او الاعتراض على شئ.
هذا الحراك الشعبي احيا العنفوان في داخل الفلسطيني، الذي هو بطبيعته متمرد، ليعيد الى المجتمع الفلسطيني القيم الوطنية وقيم الاصالة التي هدمتها حرب الابادة
هذا الحراك هو امل لنا لننهض من بين الركام، ونعيد بناء ذاتنا، ونهدي من اضلوا الطريق الى رشدهم، ونعيد صواب من فقدوا صوابهم، ونقتص بكل من يتربص بشعبنا او يتامر عليه، او يسعى لنشر الفوضى والزعرنة والخوف والرعب في نفوس المواطنين الضعفاء.

اذا شخصنا مسببات مشكلة غلاء الاسعار جيدا، يمكننا رسم خارطة طريق نحو حلول واقعية، لا يكون فيها اية طرف ضحية، ويغلق المجال امام الاحتكار، دون الخوض في تفاصيل من المسؤول عن ادارة غزة حاليا، ومن سيكون غدا.
*والمياه تسير من تحت اقدامنا دون ان نشعر*
*الاونروا*
ادان العالم اجمع قرار الكنيست الاسرائيلي بقطع العلاقة مع الاونروا، وحظر نشاطها في الاراضي الخاضعة لسيطرة الكيان، دون ان يغير في الواقع شئ.
بدأت عمليات احلال ذكية بمشاركتنا دون قصد او معرفة، حيث انتشرت فكرة المدارس المناطقية برعاية اليونسيف، التي ستشرف مستقبلا على قطاع التعليم بديلا عن الاونروا.
واستحوذت منظمة الصحة العالمية، على القطاع الصحي عبر اذرع من المؤسسات الدولية الناشطة والعاملة في غزة
وظل يؤرق الكيان على الدوام الية توزيع المساعدات، والجهة التي ستتولى عملية التوزيع تحت اشراف الكيان في حال غياب الانروا، بعد ان فشلت كل خياراته حينما رفض الجيش الصهيوني تولي هذه المسؤولية، ولم تقبل اية شركات اجنبية، وظل الرهان ان يكون هناك مجلس من عائلات غزة ليقوم بهذا الدور، الذي رفض سابقا، ويجب ان يرفض مستقبلا.

امامنا تحديات كبيرة، كان منها أزمة غلاء الاسعار، ولن تنتهى الازمات الا بانتهاء هذا العدوان الهمجي، بعدها معا فقط سنكون قادرين على تخطي الصعاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى