الأورومتوسطي: إسرائيل تصعّد جرائم الإبادة الجماعية في غزة وسط غياب الردع الدولي
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من التصعيد الخطير في جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في قطاع غزة، خاصة مع تكثيف عمليات القتل الجماعي خلال الأيام الأخيرة.
وأوضح المرصد أن التصعيد الإسرائيلي يتم في ظل غياب أي إجراءات للمساءلة أو الردع الدولي، وفي وقت تشهد فيه التغطية الإعلامية لانتهاكات الاحتلال تراجعًا واضحًا نتيجة انشغال العالم بالمواجهة العسكرية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران.
ووثّق المرصد استشهاد أكثر من 350 فلسطينيًا خلال الأيام الأربعة الماضية فقط، وإصابة المئات، إضافة إلى ارتفاع أعداد المفقودين، في ظل اتساع رقعة الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت منازل المدنيين، ومناطق الإيواء، ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية.
وأشار إلى أن أكثر من 70 فلسطينيًا استشهدوا منذ فجر اليوم الجمعة، بينهم العشرات أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات غذائية، ما يشكّل دليلًا إضافيًا على استخدام إسرائيل للمجاعة كسلاح ضمن سياسة ممنهجة للإبادة الجماعية.
ووثق المرصد استمرار النمط المنهجي للهجمات الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، إذ قُتل اليوم الجمعة 11 فردًا من عائلة واحدة في مجزرة استهدفت منزل عائلة عياش بمنطقة المعسكر غرب دير البلح كما قُتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل في غارة استهدفت منزلًا بحي التفاح شمال شرق غزة، فيما أسفر قصف آخر على نقطة لشحن المواد الغذائية وسط المدينة عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم طفلان.
وقال ليما بسطامي، مديرة الدائرة القانونية في المرصد: “الحياة في غزة تنحصر اليوم في دائرة موت مفرغة لا مفرّ منها: تبدأ بقصف متعمَّد لتجمّعات المدنيين، فينزف الجرحى حتى الموت، ويُواجه المرضى مصيرهم وحدهم مع انهيار المنظومة الصحية، بينما يبقى المفقودون عالقين تحت الأنقاض؛ ثم يُهجَّرُ الناجون إلى خيام تخلو من أبسط مقوّمات البقاء؛ ثم يُحكم الحصارُ الدائرةَ بتجويعٍ منظَّم، بينما يُستهدف بالرصاص والقذائف مَن يحاول بلوغ نقطة مساعدات.
وتابعت “هذا التسلسل المحسوب والمروّع، الذي يجمع بين التجويع، والحرمان المنهجي من مقوّمات النجاة، والقتل المباشر من كل زاوية، يُثبت نية إسرائيل تدمير السكان الفلسطينيين في غزة جزئيًا أو كليًا، مستوفيًا أركان جريمة الإبادة الجماعية”.
واكدت أن استمرار آلة الإبادة الجماعية هذه في ظلّ تعاجزٍ دوليٍّ عن التدخل يُغلق بدوره دائرة العدالة على العالم أجمع، كما أُغلقت دائرة الموت على أهل غزة.
وطالبت جميع الدول أن تتحرك الآن لوقف هذه الجريمة، ومحاسبة مرتكبيها، وإنقاذ ما تبقّى من شرعية المنظومة الدولية.”
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن أكثر من 680 ألف فلسطيني اضطروا للنزوح منذ استئناف العدوان الإسرائيلي في 18 مارس/آذار، في وقت لم يتبقَّ فيه من قطاع غزة سوى أقل من 18% من المساحة خارج السيطرة العسكرية الإسرائيلية أو أوامر التهجير القسري. ومع غياب أي ملاذ آمن، يُجبر المدنيون على الاحتماء في مواقع نزوح مكتظة، أو ملاجئ مؤقتة، أو مبانٍ متضررة، بل وحتى في الشوارع والمناطق المفتوحة، في مشهد يعكس انهيار الحد الأدنى من مقومات الحياة.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ استئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 18 مارس/آذار، بعد إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار، أسفر عن مقتل أكثر من 5,400 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال.
وأكّد أنّ مراكز توزيع المساعدات، التي يُفترض أن تشكّل ملاذًا إنسانيًا آمنًا للمدنيين، تحوّلت في الواقع إلى مصائد موت، إذ تُستهدف فيها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي التجمعات المدنية المحيطة بها بالتزامن مع تفاقم المجاعة، ما يتسبب في سقوط أعداد متزايدة من الضحايا الذين لا يسعون سوى إلى البقاء على قيد الحياة.
وأفاد المرصد بأن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من 120 فلسطينيًا منذ يوم الاثنين الماضي، أثناء توجههم إلى مراكز الإغاثة أو أثناء انتظارهم لاستلام المساعدات، وسُجّلت نحو 20 حادثة مماثلة خلال الأسابيع الأربعة الماضية، تشير إلى نمط منهجي من استهداف المدنيين الجياع.
وشدد المرصد على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد تجاهل هذه الجرائم أو التهرب من المسؤولية عنها عبر سرد روايات عامة ومبهمة، تدّعي وجود “مشتبه بهم”، دون تقديم أي دليل، في حين تُظهر التحقيقات الميدانية أن الضحايا كانوا مدنيين عزّلًا، من بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء وكبار السن.
وأشار المرصد إلى أن ذلك يتم في ظل تعمد إسرائيل تقليص عدد نقاط توزيع المساعدات من أكثر من 400 نقطة كانت تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة إلى أربع فقط، تُدار حاليًا ضمن نظام شبه عسكري تشرف عليه مؤسسة “صندوق غزة الإنساني” (GHF) المدعومة أمريكيًا، وتحرسه شركات أمن خاصة وقوات إسرائيلية.
وقد أدى ذلك إلى حرمان مئات الآلاف من المدنيين من الوصول الآمن إلى الغذاء والدواء، وتحويل مراكز الإغاثة إلى ساحات قتل جماعية، يتردد كثيرون في الاقتراب منها خشية القتل أو الإصابة.
ومنذ أن فرضت إسرائيل آليتها الخاصة لتوزيع المساعدات الإنسانية، وثّق الأورومتوسطي تورّط جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب عصابات محلية تعمل بالتنسيق معه، وعناصر من شركة الأمن الأمريكية المشرفة على تلك المراكز، في عمليات قتل بحق مدنيين فلسطينيين أثناء اقترابهم من مراكز التوزيع، رغم عدم تشكيلهم أي تهديد فعلي.
وحث المرصد الأورومتوسطي الدول والكيانات على ممارسة جميع الضغوط الممكنة على إسرائيل لإجبارها على التوقف عن قتل المُجوّعين وإنهاء العمل بآليتها غير الإنسانية لتوزيع المساعدات، والدفع فورًا باتجاه استعادة الوصول الإنساني ورفع الحصار الإسرائيلي غير القانوني عن قطاع غزة، باعتباره السبيل الوحيد الكفيل بوقف التدهور الإنساني المتسارع وضمان دخول المساعدات الإنسانية والبضائع، في ظل الخطر الوشيك بحدوث مجاعة، وضمان إنشاء ممرات إنسانية آمنة بإشراف الأمم المتحدة لضمان وصول الغذاء والدواء والوقود إلى جميع مناطق القطاع، مع نشر مراقبين دوليين مستقلين للتحقق من الامتثال.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر شامل لتصدير الأسلحة إليها أو قطع الغيار أو البرمجيات أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها.
ودعا لوقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري والاستخباراتي والأمني المقدمة لإسرائيل فورًا، بما في ذلك تجميد الأصول المالية للمسؤولين السياسيين والعسكريين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر على سفرهم.