الرئيسيةتقارير

الإجازة الصيفية في غزة.. حيرةٌ على وجوه الآباء وأطفالٌ على الأرصفة!

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

خاص الخامسة للأنباء – تقرير محمد الذهبي:

في ظل تردي الأحوال الاقتصادية بفعل الظروف السياسية والأمنية في قطاع غزة، والتي انعكست على وجوه المواطنين وأرباب الأسر، يقف الآباء ميسوري الحال أمام أشهر الإجازة الصيفية سنوياً، عاجزين عن تلبية أدنى متطلبات أبناءهم وحقوقهم في طفولةٍ صحية تسكنها البهجة.

وفي فسحةِ أملٍ على الجانب الآخر من حياة الغزيين، نجد أن فرصاً عديدة تتاح للأطفال من الطبقة فوق المتوسطة اقتصادياً، لتفريغ طاقاتهم المكبوتة خلال فترة الدراسة من خلال الأنشطة والفعاليات اللا منهجية خلال العطلة الصيفية، ليتبقى فتات المخيمات الصيفية والفعاليات اللا منهجية التي يقتصر تقديمها على بعض المؤسسات الأهلية في قطاع غزة للشرائح المهمشة من المجتمع.

وعلى هامشٍ آخر، تجد أن عدداً لا بأس به من هؤلاء الأطفال، يشغلون مقاعداً ضمن هامش “عمالة الأطفال”، فإما أمام بيوت ذويهم من خلال بسطات بيع الذرة والمشروبات المثلجة، أو الحلوى المصنعة منزلياً والنودلز، أو من خلال بيع بعض المنتجات الخفيفة كالمياه وأوراق المحارم وغيرها من الأصناف التي تجدها على المفترقات وإشارات المرور من أجل تلبية أحلامهم البسيطة بالحصول على دراجة هوائية أو سكوتر أو حتى شراء بعض القرطاسية والمستلزمات المدرسية للعام الدراسي المقبل.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

وفي السياق، أكدت وزارة التنمية الاجتماعية بغزة، على أنها تتخذ تدابيراً مكثفة للحد من ظاهرة عمالة الأطفال،والتي عدتها شكل من أشكال التسول، لاسيما إن كانت في الشوارع وعلى نواصي الطرق، مشيرةً إلى أن قطاع غزة يضم نحو عشرة آلاف طفل عامل.

المخيمات الصيفية.. فسحة للتنفس

ويتوجه آلاف الأطفال إلى المخيمات الصيفية التي تنظمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، للـمشاركة بفعالياتها الترفيهية، التي انطلقت بعد مضي أكثر من شهر على بدء الإجازة الصيفية.

ومن المتوقع أن يشارك عشرات الآلاف من هؤلاء الفتية والأطفال في مخيمات “أسابيع المرح”، التي ستستمر نحو ثلاثة أسابيع فقط، ضمن ثلاث دورات متتالية.

وتشمل أسابيع المرح، فعاليات متنوعة منها الألعاب الشعبية والفنون الرياضة والألعاب الحرة، وتتيح للمشاركين فيها فرصة الاستمتاع بأنشطة ترفيهية متنوعة، كما أنها توفر نحو ألفي فرصة عمل.

نقص في المخيمات وصعوبة بقضاء وقت الفراغ..

وفي المقابل لوحظ مع بداية الإجازة الصيفية وحتى مرور شهرين، نقص كبير في عدد الـمخيمات الصيفية، قياساً بالأعوام السابقة، بحسب ما قاله بعض المسؤولين في المؤسسات الأهلية.

ولم تعلن الكثير من المؤسسات العاملة في مجال الطفولة عن تنظيم مخيمات صيفية هذا العام، بسبب عدم ضمان تمويلها، فيما تنتظر أخرى قرارات جهات التمويل.

ويواجه معظم الأطفال صعوبة في إيجاد مكان لقضاء أوقات فراغهم خلال الإجازة الصيفية باستثناء شاطئ البحر الذي يشهد تكدساً للاستراحات وتجمعات الاستجمام.

وقال محمود عاشور، رئيس جمعية منتدى شباب فلسطين للتنمية والتأهيل، والتي لم تحظ بفرصة الحصول على مخيم صيفي لمنتسبيها هذا العام، أن غياب المخيمات ألحق أثراً نفسياً بالكثير من الأطفال، مطالباً الـمنظمات والجهات التمويلية بتنظيم فعاليات ترفيهية للأطفال بما تبقى من الإجازة الصيفية، لمعالجة الآثار النفسية التي لحقت بالأطفال، واتخاذ الترتيبات والتدابير الكفيلة، وجعلهم ينعمون بجزء من الراحة والأمان النفسي.

عمالة الأطفال بديلاً..

ولم يتردد الفتى أحمد حسان (15 عاماً)، في استغلال إجازته الصيفية للعمل في مجال النقليات، لمساعدة أسرته في توفير نفقات المنزل، حيث ينتهي يومه بشعوره بالتعب الشديد على أعتاب منزله، حاملاً في جعبته مبلغاً يتراوح ما بين عشرة إلى عشرين شيقلاً لقاء جهده طيلة اليوم.

وتسبب غياب المخيمات الصيفية بدفع كثيرٍ من الأطفال إلى العمل رغم حاجتهم لقضاء أوقات مسلية.

وقال الفتى حسان لـ الخامسة للأنباء “في بداية العطلة لم تكن المخيمات متوفرة، وبعدها جاء رمضان والعيد، ولم أسجل في أية مخيمات، وبهذا العمل أساعد في توفير جزء من مصروف البيت اليومي”.

الشوارع ملجأ.. وما باليد حيلة..

وتقول السيدة صفاء، وهي أم لخمسة طفال أكبرهم في العاشرة من عمره “يشعر أبنائي بالملل الشديد داخل المنزل، لذلك أسمح لهم بالخروج للعب في الشارع رغم خطورته، ولكن ما باليد حيلة، الصغار يجب أن يلعبوا وليس بمقدورنا تسجيلهم في أماكن خاصة بسبب كثرة تكاليفها وسوء الأوضاع الاقتصادية”.

وتكتظ الشوارع بآلاف الأطفال الذين ليس لديهم مكاناً لتفريغ طاقاتهم المكبوتة، محاولين تمضية أوقاتهم رفقة بعضهم البعض من خلال بعض الألعاب الشعبية كالـ”حجلة” للبنات وكرة القدم للأولاد.

الإجازة الصيفية فرصة للراحة والتنمية..

وتعد الإجازة الصيفية في غزة فرصة للراحة من كل الأعباء التي مرت على الطلبة في العام الدراسي، وملاذٌ للعقل والذهن من زخم المعلومات التي تلقاها خلال العام الدراسي.

ودعا الخبير التربوي بسام أبو حشيش أولياء الأمور لتحديد خياراتهم في الأماكن التي يختارونها لأولادهم، مطالباً إياهم باختيار المخيمات الصيفية التي تنمي مهاراتهم.

وقال أن كثير من المؤسسات المهتمة بالأطفال تقدم فعاليات وأنشطة من شأنها الارتقاء بمستوى الطفل بدمجه في مشاريع يمكن الاستفادة منها سواء على الصعيد الترفيهي أو التربوي.

وذكر أن المشاريع الصيفية التي يلتحق بها الطلبة، خاصة ذات الطابع التربوي والاجتماعي تعزز مهارات الطفل الحياتية، ناصحاً الأهالي بتسجيل أبنائهم فيها لأهميتها في صقل شخصية الطفل.

هل يسعد الفلسطينيون بعيدهم بلا أُضحية؟

وأوضح أن الأنشطة الحياتية والتكنولوجية تكسب الطالب الكثير من المهارات التي تفيده في مرحلته الدراسية المقبلة، داعياً إلى تنمية مواهب الأطفال الرياضية والفنية المختلفة لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وشعورهم بالتميز.

كما دعا أولياء الأمور إلى حث أبنائهم خلال فترة “الإجازة الصيفية في غزة”، على المشاركة في الأعمال التطوعية التي تجعلهم يشعرون بالمسئولية، بالإضافة إلى قراءة الكتب القصصية والتاريخية التي تثري ثقافتهم وتنميها وتجعلهم أكثر إبداعاً.

وهكذا يقضي الأطفال في قطاع غزة عطلتهم الصيفية، فيلتحق ثلةً منهم للمخيمات الصيفية المجانية التي تنظمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين والمجلس الأعلى للشباب والرياضة وغيرهما من المؤسسات الأهلية، وثلة أخرى ببعض الفعاليات التربوية اللا منهجية المدفوعة، بينما يمضي البعض الآخر إجازتهم في العمل والتسكع على الأرصفة إما لسوء أوضاعهم المعيشية أو عدم توافر الأنشطة المجانية في مناطق سكناهم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى