الاحتلال يتأهب للجبهة الشمالية.. ماذا يعني تشكيل لواء ههاريم؟
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
تتسع كرة اللهب المشتعلة في قطاع غزة وينتشر لهيبها إلى دول الطوق، التي باتت على صفيح ساخن بانتظار شرارة الحرب.
وتشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية حالة من التصعيد المستمر منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما تشهد الحدود السورية الإسرائيلية في الجولان المحتل حالة من الترقب الحذر، سجلت خلالها حوادث أمنية خلال الشهور الماضية، تمثلت بإطلاق قذائف صاروخية قابلها قصف إسرائيلي على مواقع جنوبي سوريا.
وأمام هذا المشهد المعقد تحاول تل أبيب الهروب إلى الأمام في جميع جبهات القتال، التي دخلتها منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث ترتفع حدة التصعيد مع حزب الله في جنوبي لبنان تارة، ثم تعود للتهدئة مرة أخرى، تضرب في عمق الأراضي اللبنانية، وتتلقى عدة ضربات من حزب الله محدودة القوة والمساحة إلا أنها أجبرت كثير من الإسرائيليين على النزوح من المناطق الشمالية.
أعلن جيش الاحتلال قبل أيام عن تشكيل لواء عسكري جديد باسم “ههاريم” (لواء الجبال)، برئاسة العقيد ليرون أبلمان، وسيباشر مهامه العسكرية بعد عدة أسابيع، ويتبع للقيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، ليكون متخصصا في خوض القتال الجبلي وسط التضاريس الصعبة والمناطق الجبلية مع لبنان وسوريا وفق ما أعلن عنه جيش الاحتلال في موقعه الرسمي.
وسيتركز نشاط اللواء وعمله العسكري في منطقة الجبال على طول الحدود مع لبنان والجولان المحتل، وعلى طول خط وقف إطلاق النار مع سوريا، وخاصة في مناطق جبل الشيخ وجبل الروس “دوف” ومزارع شبعا المحتلة.
وسيكون لواء “ههاريم” جزءا من فرقة “باشان 210″، وسيحل بدلا من لواء “حيرمون 810” الحالي الذي سيدمج تحت قيادة اللواء الجديد، الذي أقيم عقب تحليل الاحتياجات العملياتية للجيش أثناء الحرب “كجزء من ملاءمة الاستجابة والرد العملياتي على الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا”، بحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
وعن مهام وهدف تشكيل اللواء يقول العميد ناجي ملاعب المحلل العسكري والإستراتيجي في حديثه لـ”عربي21، إن “مهام هذا اللواء الجديد هجومية وليست دفاعية، ليكون حالة من التصعيد العسكري الإسرائيلي إذا عجز جيش الاحتلال تحقيق أهدافه من خلال عمليات القصف والتدمير وملاحقة قادة الحزب والمقاومة، لكنه الآن على ما يبدو أنه ليس بحاجة لإدخال العنصر البشري طالما أنه يمتلك تقنيات لا يمتلكها خصمه ومهام هذا اللواء هو التوغل لفتح الطريق للآليات إذا أرادت إسرائيل التقدم البري”.
ويضيف ملاعب أن “التشكيلات العسكرية التي تنشرها إسرائيل على حدودها الشمالية، متلائمة مع قتال الجبال نظرا لطبيعة المنطقة، لذلك عندما تعلن أنها أنشأت لواء ضمن الفرقة 210 يعني أن مهام هذا اللواء ليست لمهام دفاعية إنما مهام هجومية”.
ولفت إلى أن الدعم الأمريكي غير المسبوق وغير المحدود “لم يضع أي شروط على الجبهة الشمالية لإسرائيل وهذه الجبهة تعيش معادلة دعم أمريكي لإسرائيل أعلنها بايدن تمثلت بأن الولايات المتحدة لن تترك إسرائيل مستقبلا تحت التهديد، وأن هذا التهديد القادم من الشمال يجب أن ينتهي عندما يحين الوقت”.
وكان قائد الفرقة 210 الجنرال تسيون راتسون في إحاطة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، قال إن “تشكيل اللواء الجديد سيقدم استجابة عملياتية نوعية، ويتيح إمكانية الاستعداد للدفاع والهجوم، في سيناريوهات متنوعة تناسب التضاريس، على الجبهتين اللبنانية والسورية بشكل متزامن”.
ويشير العميد ملاعب إلى أن الإعلان عن تشكيل اللواء في الوقت الراهن يعتبر رسائل إعلامية إسرائيلية، ترسلها تل أبيب بعد أن كانت نواياها تجاه جبهة لبنان غير معلنة سابقا، إلا أنها الآن بدأت ترسل رسائل وتعتمد بشكل أكبر على العمل الدبلوماسي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ودول أوربية أخرى، للضغط من أجل عودة حزب الله سبعة كيلومتر عن الحدود الإسرائيلية.
ويأتي تأسيس اللواء الجديد، بحسب المراسل العسكري للموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” يوآف زيتون، على خلفية التوترات على الحدود الشمالية مع لبنان، التي تسببت بإجلاء أكثر من 80 ألف إسرائيلي من الجليل الأعلى، مع استمرار القتال ضد حزب الله وتبادل القصف منذ أكثر من 5 أشهر.
ويضيف المراسل العسكري أنه “إلى جانب القتال ضد حزب الله، تتعامل إسرائيل أيضا مع الكثير من التحديات والتهديدات على الساحة السورية، وعليه أتت الحاجة لهذا اللواء الجديد، الذي أقيم استمرارا لخطة العمل للقيادة الشمالية، وتحليل الاحتياجات العملياتية للجيش الإسرائيلي أثناء الحرب”.
ويرى العميد ملاعب أن هذه الخطوة الإسرائيلية تهدف أيضا إلى رغبة دولة الاحتلال بـ”عودة النازحين من شمال إسرائيل، وسبق هذه الخطوة خطوات أخرى، منها إرسال لواء جولاني الذي هزم في الشجاعية وتم سحبه بحجة إعادة هيكلته، تم إرساله إلى الجبهة الشمالية”، متسائلا: “لكن هل يمكن لتل أبيب أن تكون قادرة على إيقاف هذا التهديد طالما أنها مستنزفة في غزة؟”.
ويرى ملاعب أن “إسرائيل حاليا غير جاهزة لإيقاف هذا التهديد، وحزب الله لم يتعامل بكامل ترسانته العسكرية وما زالت جبهة الإشغال التي فتحها حزب الله، تستدرج طاقة كبيرة لدى إسرائيل من القبة الحديدة والدفاع الجوي، الأمر الذي أراح المقاومة الفلسطينية في غزة، لذلك أدى هذا الأمر واجبه من دون أن ترفع المقاومة سقف استعمالها ذخيرتها واحتياطها من العتاد العسكري، لكن حزب الله قد يكون مستعد لتوسيع الحرب إذا أرادت إسرائيل توسعتها، وهذا ما يجعل الحزب لا يرغب لكنه مستعد بينما إسرائيل ترغب لكنها ليست مستعدة”.
ويختم ملاعب حديثه بالقول إن إسرائيل في الوقت الحالي لديها ما يكفيها من تورط في العدوان على غزة، لذلك هي لا ترغب بالتوسع وهناك ضغوطات على إسرائيل في الشمال وقت تتضرر في حال وسعت الجبهة، ومن غير المتوقع أن توسع الجبهة طالما أنها غارقة في غزة، إضافة إلى الانتفاضة في الضفة الغربية، وهذا الوقت ليس مناسب لإسرائيل في مواصلة الأعمال الحربية سواء على جبهة لبنان أو جبهة الجولان المحتل وتكتفي إسرائيل بالرد على أي عمل من الجولان باستهداف حزب الله في لبنان.