شبكة الخامسة للأنباء - غزة
الخامسة للأنباء -تقرير خاص
لعلك تشعر بجمالية المشهد وروحانيات ما يحيط بك حينما تشاهد من حولك ملامح الاحتفال بشهر رمضان الفضيل في الشوارع العامة وأزقة المخيمات والحارات وأمام المنازل وفوق الأسطح وأمام المساجد ،وحتى في انك تشعر بها في العالم الافتراضي في السوشيال ،لكن تختلف الأشكال والأفكار من دولة لأخرى ومن مدينة لأخرى ،كل حسب تقاليده وعاداته الموروثة ولكن ما يجمع بينهم رمزية فانوس رمضان الذي تغير شكله وحجمه وفكرته من عام لآخر ،اضافة لوجود الأقمشة التراثية الملونة، المطبوع عليها الأهلّة ووجود حبال الإضاءات المبهجة ،كلّ هذه الأشياء هي مظاهر تعكس عفوية التعبير عن السعادة بحلول هذا الضيف، والأجواء الروحانية التي يعيشها المسلمون في كل أسقاع المعمورة وبالتالي فلسطين بقدسها وضفتها وغزة هي جزء منها.
تاريخ زينة رمضان
اختلفت الروايات حول زينة رمضان، وهل كانت خاصة بالمساجد، أم لكل الشوارع والطرقات، وهل هي طقس وافد أم أصيل في الشعوب الإسلامية.
ففي التاريخ الإسلامي، قيل إن الفانوس استخدم في صدر الإسلام، لإضاءة الطرق ليلًا للمسلمين، أثناء ذهابهم إلى المساجد أو في طريقهم لزيارة أقاربهم.
وفي الإطار التأصيلي ذاته، قيل إن الظاهرة مصرية المنشأ، ابتدعها الخلفاء الفاطميون، حين كانوا يخرجون إلى الشوارع ليلة استطلاع وتحري هلال رمضان، وكان الأطفال يخرجون معهم ليضيئوا لهم الطريق، وينشدون معًا بعض الأهازيج الجميلة، تعبيرًا عن سعادتهم باستقبال الزائر الكريم
الزينة هل هي تقاليد موروثة أم اسراف وتقليد ؟
رغم جمالية المشهد وطقوسه الخاصة ،إلا أن البعض يعتبر أن الأمر أصبح به اسراف كبير واستعراض وغلو أكثر من أن الأمر بات مجرد تقاليد اسلامية وتراثية منقولة، إلا أنّ الملاحظ أنّ شيوعها آخذ بالازدياد عاماً بعد عام
يذكر أن المجتمع الفلسطيني استعار هذا الأسلوب في التعبير عن البهجة والسرور من العديد من المجتمعات المسلمة التي تستخدم مثل هذه الأساليب في استقبال الشهر الكريم من إضاءة الشوارع والمنازل لإدخال البهجة والسرور والأمل لكن السوشيال ميديا أوصلت هذه الفكرة للزينة بطريقة مختلفة جعلتها تقليد أعمى يؤدي للإسراف الكبير والبعد عن الفكرة الأساسية الروحانية التي لا تكلف صاحبها أي مبالغ .
أسعار الزينة مقارنة بالوضع الاقتصادي
شاكر عبد الله ، خريج ثلاثيني يعمل في أحد محال بيع زينة رمضان، في غزة قال أن “الإقبال على زينة رمضان يبدأ قبل رمضان بأسبوعين، وأسعارها مناسبة لكن ليس بامكان الجميع شراءها من وجهة نظره ،بسبب ظروف الناس الاقتصادية الصعبة.
فقد تبدأ أفكار الزينة بفانوس مثلا وحبل زينة مضيء بمبلغ 20 شيكلاً ( 6 دولار ونصف تقريباً) وتنتهي بعضها ب200 شيكل قرابة ال65 دولاراً
حسين المصري رجل خمسيني يعمل موظف حكومي، قال للخامسة للأنباء إن “زينة رمضان طقوس مستحدثة تعبر عن بهجة الإنسان بصيامه، وأنا أضع الزينة منذ خمس سنوات، وهي دليل فرح على قدوم الشهر الفضيل”.
ولا يكاد يخلو بيت من بيوت الفلسطيين يخلو من هذه الزينة حتى لو بشيء رمزي ،لكن في الزمانات كانت الزينة عفوية وتشاركية في الحارات يجمع أهالي الحارة مبلغ ليقوموا بتزيين الحارة ،لكن صراحة هذا العام هناك بهرجة ومبالغة في الشراء والأسعار التي جعلتنا نعمل حساب خاص لشراء هذه الزينة بسبب ارتفاعها بشكل ملحوظ.
أجواء الزينة في فلسطين
القدس العتيقة وتحدي الاحتلال
ما إن تثبت رؤية هلال شهر رمضان، ويدخل الشهر الفضيل الأبواب، حتى تتحول مدينة القدس العتيقة، وضواحيها وشوارعها، إلى خلية نحل كبيرة، وتبدأ أعمال التزيين والتجميل للمدينة من قبل سكانها بلمساتهم السحرية الخاصة، فتظهر في أجمل حلّة.
فعبر قرون مضت، شكل شهر رمضان في مدينة القدس العتيقة مشهداً خاصاً لا يمكن مشاهدته في أي مكان على وجه هذه الأرض، حين ينفض بروحانياته وإيمانياته غبار الاحتلال الإسرائيلي رغم قسوته وبشاعته، ويزين المدينة بأبهى صورها وأجملها.
وفي أحياء القدس العتيقة الممتلئة بالإنارة من كل جانب، تتوزع على جانبي شوارعها الضيقة فوانيس مضاءة وملونة، في مشهد صمود لأهل المدينة طالما حاول الاحتلال أن يغيبه، إلا أنه يتجدد كل عام بتحدي المقدسيين “الاستيطان والتهجير والتهويد”.
بالنسبة لسكان مدينة القدس، ليس شهر رمضان كباقي الشهور؛ فقدوم هذا الزائر عنوان “للفرحة والبهجة والصمود”، فتجدهم جميعاً يتشاركون تزيين شوارعهم وأحيائهم وأسواقها التاريخية، رغم كل الإجراءات التي تقوم بها بلدية الاحتلال لقتل فرحتهم وتنغيص حياتهم، خاصة في الشهر الفضيل.
فخلال سيرك داخل أحياء المدينة التي تكسو المظلات الكبيرة والملونة أعلى شوارعها الضيقة لتقي المارة من حرارة الشمس، تجد على جانبي الطرق الفوانيس والأهلة المضيئة، وعبارات التوحيد المخطّطة المزخرفة، موزعة بصورة جمالية لتعبر عن هوية المدينة، وتعكس روح الحياة فيها، في حين تفتح محالها التراثية أبوابها منذ ساعات الصباح حتى مطلع فجر يوم جديد لتستقبل الزبائن والمارة بأجود أنواع العطور والكعك والبهارات والتمور وغيرها من روائح المدينة.
الضفة الغربية والزينة المميزة
أجواء احتفالية تعيشها مدن وبلدات الضفة الغربية، استعداداً لاستقبال شهر رمضان المبارك لهذا العام، من خلال تزيين المنازل.
وتشهد محال بيع الزينة، حركة نشطة، حيث المواطنين يقبلون على شراء الزينة الرمضانية بشكل كبير.
ويحل الشهر الكريم، في ظل معاناة الضفة الغربية، من اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين بشكل مستمر.
وتعتبر زينة رمضان، في الضفة الغربية عادة لصنع البهجة في المنازل ابتهاجا بقدوم الشهر الفضيل.
كما أن كل عائلة تصنع الطقوس الخاصة بها، من مأكولات وزينة وعادات، رمضان طعم خاص والفوانيس تظفي بهجة.
غزة المحاصرة تتزين رغم الوجع
على الرغم من أن شهر رمضان، هو الأسوأ اقتصادياً على الغزيين ورغم الحصار الخانق لقطاع غزة، إلا أن هذا كله لا يمنع المواطنين من الاستمتاع باستقبال شهر رمضان على طريقتهم الخاصة.
وما يلفت النظر للمارة في سوق الزاوية الكائن في ميدان فلسطين هو كثرة الزينة المضيئة الخاصة بشهر رمضان المبارك والتي برؤيتها يتسلل من خلالها للنفس أجواء شهر رمضان.
ولا تكاد تخلو حارة في غزة أو شارع أو منزل في هذه الأيام من زينة شهر رمضان المبارك ومن الفوانيس الضخمة المضيئة والمعلقة على الحبال.
وعلى قدم وساق تبدو الاستعدادات واضحة في مساجد قطاع غزة، حيث يشرع القائمون على المساجد في إضاءة مأذنة وقبة المسجد بالألوان الجميلة، وتزيين الشوارع التي تحيط بها، فيما ينشغل الشباب بتعليق الزينة والفانوس الرمضاني أمام باب المساجد من الخارج، وآخرين من الداخل، منشغلين بتنظيف أروقة المساجد وزواياه التي يجلس فيها الكثير لتلاوة القران الكريم في رمضان.
وتتميز مساجد قطاع غزة بإقبال غير عادي عليها من الأهالي خلال رمضان؛ حتى إن صلاة التراويح والقيام تستمر إلى ساعات متأخرة من الليل.
ختاماً يعد تجهيز زينة المنازل في فلسطين كسائر الدول العربية والاسلامية والجاليات، لشهر رمضان المبارك من الأشياء الأساسية التي تسعى إليها ربات البيت لرسم البهجة والسرور على وجوه أطفالها لكن هناك اختلاف بنقل الفكرة وايصالها بالشكل البسيط فقد أصبحت عبئاً اضافياً في النفقات الرمضانية .