مقالات الخامسة

الضغط والتأثير والهدف المأمول

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كتب: صلاح هنية: 

اكتشفت، مؤخرا، أن ممارسة الضغط والتأثير ليست بأعلى جودتها في بلادنا، ولم تخرج عن ردة فعل هائجة مائجة ومن ثم تخبو دون نتائج وهي نتاج لحالة الاحتقان التي نعيشها وانعدام قنوات التأثير على صناعة القرار في البلد، وبالتالي تلك المهارة تتآكل وتغيب وتبقى هبات لا اثر لها.
ولأنها علم من العلوم الحديثة ولم نحسن بلورتها وتعزيز نظرياتها وتكتيكاتها غابت عن الوجود، وساد الاعتقاد أن هبة هنا وهبة هناك تعوض هذا الفراغ السائد في الضغط والتأثير، وبإمكان من شاء أن يعتبر نفسه مؤثرا وضاغطا لاعتقاده انه يفعل ذلك ولكن بالمعايير هو وهي ليسا كذلك بالمطلق.
فجأة، يأتي نور من النفق ونتيجة لبلورة تجربة صغيرة ومتواضعة تمثلت بلجنة حي في أحد أحياء المدينة تتبلور نواة حملة تأثير وضغط متواضعة جنينية، إلا أنها تذهب في الاتجاه الصحيح أولى خطواتها. نحن لسنا فوضويين ولا عدميين ولكننا أصحاب حق وأصحاب رؤية ونريد أن نربح ويريد الطرف الآخر أن يربح أيضا، فكان الخيار طاولة نقاش في المدينة لطرح مشكلتهم وهمهم ورؤيتهم واقتراحهم وجدول زمني، سعدت بتلك المجموعة الرائعة التي تمتلك أدوات الضغط والتأثير وتعرف طريقها وتضعها في إطارها القانوني.
في غفلة من الوقت، ذهبت مجموعة أخرى لرفض بناء مدرسة في الحي تحت يافطة الإزعاج والأزمة المرورية، وأن غالبية أبنائهم في مدارس خاصة فلمن ستبنى مدرسة حكومية!!!!!!!، وهنا، لم يحسنوا مفهوم الضغط والتأثير بالمطلق لأنهم أولا لم يعرفوا أهمية المدرسة ضمن مسافة المشي للطلبة وسهولة الوصول لها، وبعض من احتج هم أولياء أمور أو أساتذة في مدارس بات موقعها غير مناسب بحكم التوسع في محيطها بينما تفتقد أحياء كبرى لمدرسة حكومية مثلا، وعندما طرح أحد الخبراء سؤالا يعبر عن وعي: لو أن ست عمارات بمعدل 150 مركبة تصطف في المحيط هل هي اقل ضررا من المدرسة ؟!!!!! انفض السامر وسكت شهريار عن الكلام المباح.
واستمر المسير عكس مفاهيم الضغط والتأثير باتجاه ضرورة نقل حاوية النفايات من بداية الشارع إلى وسطه أمام العمارة المجاورة لعمارتي وليس أمام عمارتي، وضرورة أن ينظم السوبرماركت إلقاء مخلفات الكرتون ووضع حاوية خاصة بينما استطيع أن ألقي مخلفاتي في الأرض الفارغة أمامي وأمارس الاحتجاج في ذات الوقت، واعتقد أنني أمارس الضغط والتأثير في تلك الحالة.
لم يتمكن صديقي من التعبير عن احتجاجه على ارتفاع أسعار الخضار والفواكه مترفعا عن نيل وصف أنه لا يستطيع توفير احتياجاته كلها ضمن هذه الأسعار فألقى الكرة في ملعبي لأنني استطيع، قلت له: “ايد على ايد بركة، خلينا نرفع صوتنا معا” فأبى، خضت النقاش بالأمر وأعربت عن احتجاج الناس من ارتفاع الأسعار ويأتيك بالأنباء من لم تنبئ (أستاذ تنساش التمباك ارتفع سعره) وكان تاجر خضار وفواكه في سوق الخضار يجلس بجانبه ليقول له: اكتب لكي يخف عنا في احتجاجاته و”خلينا نترزق”، لكن بسطاء الناس تلقوا الأمر وسعروا منتجات أخرى ارتفعت أسعارها وقالوا، إن علبة حليب بودرة لم ينخفض سعرها منذ سنوات طويلة بل ارتفع ولا حل لها لا بالكوتا ولا بتنوع استيراد الأصناف.
وحسنا فعلت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية وشركة كهرباء محافظة القدس عندما دعت الأطراف كافة لبحث الاعتداءات على الشبكة الكهربائية واستطاعت تشكيل رأي عام ضاغط باتجاه معاداة السرقة والاعتداءات.
أمامنا فرص متاحة أن احسنا استخدامها لخدمة المصلحة العامة سنفلح وأن أضعناها غرقنا بالشائعة وتقديم الخاص على العام ومعاداة كل شيء واعتماد أسلوب الرد والرد على الرد. المطلوب أن تعتمد المؤسسات أسلوب التأثير لتشكيل رأي عام ضاغط ومناصر للقضايا العامة ليكون جدارا حاميا لنجاح المؤسسات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى