تقاريرثابت

الفوضى الأمنية في غزة حرب بلا صوت لكنها الأشرس والأخطر

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

تقرير: بسمة نصر

عامٌ على حرب الإبادة، بالأحزمة النارية، والتهجير تحت ضربات القنابل المحرمة دوليا عنوانٌ لحرب ظاهرة نقلتها الفضائيات بكل مآسيها وفصولها السوداء.

أما الفوضى الأمنية فهي حرب أخرى تنخر عظام المجتمع وتنهك مواطنيه المنهكون أصلا وإن كان صوتها أقل حدة وأكثر انخفاضا لكنها الأخطر والأشرس والأعمق أثرا والأسرع هدماً لمكونات المجتمع الغزي الذي لم يتبقَ له حصنا سوى جبهته الداخلية التي تئن بسبب غياب القانون والقوى الشرطية الرادعة للخارجين عن القانون .

عصابات قليلة تسلب أمان مجتمع بأكمله

وسط غياب القانون وانغماس الناس في معاناة تدبير متطلبات حياتهم اليومية استفرد بعض المارقين والعصابات المسلحة بالجبهة الداخلية وباتوا أدوات مُسلطة على رقاب الناس الأبرياء ولصوص يسيطرون على شاحنات المساعدات ويسرقون البيوت والمحال التجارية.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

مظاهر العنف هذه لم تتوقف عند هذا الحد بل وصلت إلى عمليات سطو مسلح طالت البنوك والمرافق العامة والكثير من عمليات الاختطاف والقتل لمواطنيين ولعاملين في مؤسسات دولية ومحلية .

انعكاسات اجتماعية خطيرة والحلول تتطلب إرادة جماعية

يقول الدكتور إياد رابعة المختص في علم الاجتماع بأن حالة الفوضى بكافة اشكالها (السياسية والاجتماعية والاقتصادية) والفلتان الذي شهده القطاع خلال الحرب الاسرائيلية على القطاع ليست وليدة اللحظة بل هي امتدادٌ لسنوات طويلة نتيجة غياب العدالة وعدم إرساء وتطبيق قواعد  القانون وطغيان حالة الفساد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الامر الذي عزز وساعد في انتشار واتساع رقعة الفوضى التي نشاهدها بشكلٍ كبير في أوساط المجتمع الفلسطيني لتشمل كافة مناحي الحياة.

وأضاف بأن العنف المنتشر وأخذ القانون باليد سيؤدي إلى انعكاسات خطيرة على المدى القريب والبعيد من تحلل للنسيج المجتمعي وتفكك في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يرتكز عليها المجتمع.

وأشار رابعة إلى أن الفلتان الذي نراه هو حالة طارئة تحدث في أي مجتمع يتعرض لأزمات وحروب مع خطورة ما سيترتب عليه من نتائج يصعب التغلب عليها في الوقت الراهن وتترك أثراً بعيد المدى يحتاج لجهود مضاعفة كي يتم علاجه.

وأكد أنه بالنظر لواقع المجتمع الفلسطيني فإنه بالإمكان القضاء على تلك الفوضى والعصابات المارقة الخارجة عن القانون عندما تتوفر إرادة جماعية سواء على المستوى الرسمي والشعبي .

غياب القانون أطلق يد الخارجين عنه وأشاع الفوضى

وعن الآثار التي سببها غياب القانون في قطاع غزة حدثنا الاستاذ يحيى محارب المحامي والناشط الحقوقي قائلاً : إن حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة قضت على كل مفاصل العمل القانوني والشرطي والقضائي ما سبّب هذه الفوضى الأمنية التي حلت بعد غياب إجراءات السلامة والأمن والأمان للمواطنين ، والتي كانت توفرها المراكز الأمنية والشرطية وجهاز القضاء الذي يعتبر من اهم أجهزة الدولة.

وأضاف محارب أن أبرز العوامل التي أدت لحالة الفلتان هذه هي تواجد آلاف النزلاء والموقوفين على جرائم خطيرة ومحكومين بالإعدام والمؤبدات بين المواطنين والنازحين في مخيمات النزوح ما ساهم في إطلاق يدهم من جديد وتعزيز حالة الفلتان والعنف والفوضى الأمنية .

وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ووفقاً للقانون الدولي الإنساني يجب أن يتحمل مسؤولية فرض حالة الأمن داخل المناطق التي يكون فيها نزاع مسلح وتسيطر عليها سلطات الاحتلال، لكن ما يحدث هو على النقيض تماما فالاحتلال هو المتسبب الأول في حالة الفوضي الأمنية ويسعى جاهداً لإرباك الجبهة الداخلية وزعزعة الأمن ونشر حالة الفساد والبلطجة.

وأكد محارب على أن عدم وجود خطة طوارىء واضحة المعالم لدى السلطات في غزة وعدم اتخاذ تدابير وقائية في مواجهة أي فلتان أمني محتمل في الأزمات والحروب فاقمت من الوضع الأمني الذي للأسف انعكس على سكان القطاع وضاعف من معاناتهم .

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

بين مطرقة حرب الإبادة وسنديان الفوضى الأمنية سكان القطاع من يدفعون الثمن

مواطنون في البيوت أو نازحون في الخيام ومراكز الإيواء يدفع الغزيون الثمن الباهض لهذه الفوضى الأمنية كما دفعوا ثمن حرب الإبادة وفقدان الأمان هو العامل المشترك بين هاتين الحربين .

وعن الخوف المستمر والقلق الملازم للمواطنين تحدثنا أم العبد النازحة من مدينة غزة إلى المنطقة الوسطى عن تعرضها لسرقة محفظتها وهاتفها وعن حالة الرعب التي شعرت بها حين تعرض ابنها الصغير (قصي) للجرح بأداة حادة وتهديد اللصوص الذين هاجموه له بالقتل إن لم يعطهم دراجته.

ومن أمام بسطته الصغيرة يحدثنا الشاب محمد حنونة عن تضرره من حالة الفلتان الأمني والبلطجة بعد أن تعرض للسرقة مرتين بعد هجوم مسلحين على السوق الشعبي وإطلاق النار وممارسة السرقة العلنية تحت تهديد السلاح ما سبب له خسارة كبيرة لم يستطع إلى الأن تعويضها.

قصص كثيرة ومختلفة يرويها الغزيون وتضاف لسجلات قهرهم اليومي وإن اختلف الرواة واختلفت تفاصيل قصصهم فإنهم حتما يتفقون على مطلب واحد هو ضرورة حمايتهم والحفاظ على أرواحهم وعلى ما تبقى لهم من ممتلكات وردع كل الخارجين عن القانون بالقانون والضرب بيد من حديد كلّ من يسلب الناس حقهم في حياة آمنة مطمئنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى