“المصالحة المجتمعية” الممر الآمن للوحدة وحقن الدم الفلسطيني
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
الخامسة للأنباء – خاص
بات لا يخفى على أحد الحالة التي يعيشها الشعب الفلسطيني من صراع وتشرذم وتفكيك وتفتيت للنسيج الوطني أصاب كل مفاصل المجتمع الفلسطيني مع مرور 15 عاماً على الانقسام .
استمرت محاولات رأب الصدع لسنوات، وكان لابد من حراك قوي وشامل في ظل عدم توفر بيئة سياسية ملائمة وغطاء رئاسي ، فانطلق ملف المصالحة المجتمعية قبل خمسة أعوام بخطى ثابتة نحو الخلاص الوطني وجبر الضرر، لاستعادة العلاقات المجتمعية بين أبناء الشعب الواحد .
انطلاق قطار المصالحة المجتمعية
بدأت الجهات السياسيّة الممثلة بتيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح بقيادة النائب محمد دحلان من جهة وحركة حماس من جهة أخرى، بالإضافة لشخصيات وطنية، بالضغط وتحريك المياه الراكدة لإنهاء الملف الأسود في تاريخ الشعب الفلسطيني، وذلك بناءً على اتفاق القاهرة الموقع من 13 فصيلاً فلسطينيًّا في سبتمبر/ أيلول 2011، والذي كانت أبرز ملفاته اتخاذ القرار الصائب لإعادة اللحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وجبر الضرر والمسامحة والمصالحة وإنهاء ملفات الدم وبشكل فوري .
الجهد المصري الإماراتي
تمكنت لجنة المصالحة المجتمعية في قطاع غزة خلال الأعوام الماضية، من إنهاء ملفات العشرات من ضحايا الانقسام، و بخاصة ملفات الدم، وهي الأكثر ألماً، فقد قامت اللجنة المكونة من الكل الوطني باستثناء بعض اللجان التنظيمية التي تتبع الرئيس محمود عباس، بدفع التعويضات المالية لذوي الضحايا بدعم من دولة الإمارات العربية وجمهورية مصر العربية الشقيقة، حيث تم دفع ما قيمته 50 مليون دولار من أجل انجاز ثلثي ملفات الدم وتعويض ذوي الضحايا من طرفي الانقسام، بالإضافة لبعض الملفات الأخرى العالقة.
وأولت قيادة مصر والإمارات اهتماماً كبيراً في رعاية ومتابعة هذا الملف الذي تكلل بمهرجان كبير بالتزامن مع ذكرى استشهاد الرئيس ياسر عرفات عام 2017، حيث تم جبر الضرر فيه لـ 100 شهيد من شهداء الانقسام دفعة واحدة .
إنجازات ملف المصالحة المجتمعية
كان الوصول لحل بعض الملفات الشائكة أشبه بالحلم، ولكن بجهود من عقدوا العزم حينها تم الوصول لحلول لعدة ملفات عالقة بصيغة وطنية مشرفة، أبرز هذه الملفات:
اعتماد من استشهدوا في الأحداث ما بين العام 2005 – 2011م، كشهداء الانقسام على ملف المصالحة المجتمعية .
دراسة و حصر الملفات وفق ثلاث قضايا أساسية وهي “الدم” أي من استشهدوا نتيجة هذه الأحداث، و”الإصابات” و “الأضرار” أي من تعرضوا لأضرار مادية.
الاتفاق على أن يبدأ التنفيذ بالقضايا الحساسة والخطيرة التي تمس “الدم” ويليها الإصابات ثم الأضرار المادية ، و قد تم إنجاز نحو 174 حالة من ملف الدم أي ما يعادل الثلث .
إطلاق سراح عدد من المعتقلين في السجون بغزة، واستعادة بعض أملاك أبناء حركة فتح وبيوتهم وبعض المراكز والمؤسسات.
عودة أكثر من 260 مواطن إلى قطاع غزة بعد خروجهم قسراً من القطاع بسبب أحداث الانقسام .
بذل جهود مضاعفة من أجل إقناع باقي أهالي الشهداء بالمشاركة في ملف المصالحة المجتمعية، حيث وصلت نسبة قبول العائلات إلى 90 %.
معيقات واجهت ملف المصالحة المجتمعية
واجه ملف المصالحة المجتمعية العديد من المعيقات، يعتبر القسم الأول منها مُبرمج ومقصود من أجل التعطيل غير المبرر من قبل مؤسسة الرئاسة، وتوجيه تهديد من بعض أفراد الأجهزة الأمنية بحسب ما قالته والدة أحد الشهداء لـ “شبكة الخامسة” والتي رفضت الكشف عن اسمها .
وقالت والدة الشهيد أنها تلقت تهديداً باتصال هاتفي من شخص يدعي أنه يعمل في إحدى الأجهزة الأمنية في رام الله ، مفاده أن أي توقيع على اتفاق مع ما سماه “جماعة دحلان أو حماس” من أجل تسوية ملف الدم بالمصالحة المجتمعية سيتم قطع راتب ابنك الشهيد .
ورصدت “الخامسة للأنباء” عدة ملفات مشابهة تلقت تهديداً مباشراً بهذا الشأن ، للضغط باتجاه عدم القبول بالمصالحة المجتمعية و حقن الدماء، في محاولة جديدة لسد الأفق أمام محاولات توحيد الدم الفلسطيني وطي صفحة الانقسام .
أما الجانب الآخر من المعيقات فكان بسبب انتشار فايروس “كورونا” وفرض الحجر الصحي على سكان قطاع غزة، كبقية بلدان ومدن العالم، والذي تسبب في وقف عمل اللجنة الوطنية حفاظاً على صحة وسلامة أبناء شعبنا .
مطالبات بالعودة للواجهة
” إذا دماء أبنائي ستساهم في حل القضايا، فأنا مستعد لذلك دون مقابل وأجري على الله”
هذا ما قاله “أبو عماد” الذي فقد نجله في أحداث الانقسام الأسود وأصيب نجله الآخر، مؤكداً على أن تحقيق المصالحة المجتمعية ضرورة ملحة من أجل جبر ضرر ذوي الشهداء، وتبريد نارهم بعد سنوات عجاف من القطيعة الوطنية، وعودة المواطنين الذين تركوا قطاع غزة قسراً ينتظرون اللحظة التي تنهى بها ملفاتهم ضمن تفاهمات المصالحة المجتمعية.
يتعطش أبناء شعبنا كثيراً للانخراط في أي جهدٍ يسعى لإنجاز المصالحة، بهدف ممارسة انتماءهم الوطني الأصيل للقضية التي فقدت بوصلتها، و لقناعتهم بضرورة طي صفحة الانقسام المريرة والمؤلمة من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني كله، وإنهاء هذا الملف بشكل قاطع والذهاب إلى مصالحة وطنية شاملة.