الرئيسيةتقارير

غزة تغرق في شبر مياه.. فهل من مغيث؟

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

“المنخفض الجوي في غزة”- الخامسة للأنباء – تقرير محمد الذهبي:

ما معنى أن يخرج الراصد الجوي مشهراً منخفضاً جوياً جديداً في وجه قطاع غزة ببنيته التحتية المُتهالكة جراء الحصار المفروض على غزة منذ أزيد من ستة عشر سنة، إلى جانب أربعة حروب مدمرة مع نسبة إعمار لا تتجاوز 20% مما دمّره الاحتلال بالمجمل سواء على مستوى البنية التحتية أو المباني والمنشآت؟

هل كانت غزة بخير في المنخفضات الماضية؟ أو صارت بخيرٍ في التجربة الأخيرة مع هذا الشتاء نهاية سنة 2022 المنصرمة؟ في الحقيقة إن غزة تغرق كما في الظلام والبطالة والفقر، في تحدياتٍ كبيرة كل شتاء، ليس أولها الفيضانات والسيول المحدودة، ولا آخرها غرق المنازل وإغلاق الطرقات وعرقلة مصالح المواطنين.

مئات المنازل، لاسيما في مناطق المخيمات المنتشرة في أنحاء متفرقة من قطاع غزة لا تقوى على حمل انهيارات التربة ومواجهة ظروف المناخ القاسية بعدما خلفته سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية طيلة ستة عشر سنة من دمار ووهن.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

البنية التحتية متهالكة

وقال حسني مهنا، مدير دائرة الإعلام في بلدية غزة أن بعض المناطق ما زالت تعاني إشكاليات، وهي بحاجة إلى شبكات لتصريف المياه، بعد التدمير الذي تعرضت له البنية التحتية خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في 2021.

وأشار في حديثٍ لـ الخامسة للأنباء، إلى أن بلدية غزة تعاني بشكل كبير نقص الإمكانات والمستلزمات، في حين نوه زهدي الغريز، رئيس لجنة الطوارئ الحكومية، إلى أن البنى التحتية بغزة انتهى عمرها الافتراضي، في ظل معايشة القطاع لأربع حروب عسكرية وسط دعم دولي محدود جداً.

وأوضح أن الحكومة بغزة قدرت بعد الحرب الأخيرة، أن الأموال المطلوبة لإعادة ترميم البنية التحتية في غزة تصل إلى حوالي 92 مليون دولار، لكنها لم نحصل على شيء سوى الفتات.

ويشكو رؤساء بلديات قطاع غزة من تأخر عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير في 2021، والذي استهدف الاحتلال الإسرائيلي خلاله البنية التحتية بشكلٍ أساسي.

الدكتور يحيى السراج، حذّر كرئيس لاتحاد بلديات قطاع غزة، قبل بداية شتاء 2022-2023م، من تأخر إعادة إعمار البنى التحتية التي استهدفها الاحتلال الإسرائيلي خلال اعتداءاته المتوالية على قطاع غزة.

وكان السراج قد أوضح أن ذلك خلّف دماراً كبيراً في خطوط الصرف الصحي والمياه وأماكن تجمع مياه الأمطار، الأمر الذي عزز خطورة وقوع فيضانات وغرق مناطق بأكملها.

الاحتلال يتعمد إغراق المناطق الحدودية

وفي ظل المعاناة الناجمة عن ضعف البنية التحتية، يأتي الاحتلال الإسرائيلي ليزيد الطين بلّة في كل شتاء، من خلال تعزيز المعاناة للمواطن الفلسطيني، ولاسيما في قطاع غزة المحاصر، من خلال فتح العبارات والسدود في المناطق الحدودية المحاذية للقطاع، مما يخلف أضراراً كبيرة في خطوط الصرف الصحي وشبكات تصريف مياه الأمطار، إلى جانب ما يتركه من دمار على الأراضي المحاذية للمناطق الحدودية، خصوصاً الزراعية منها.

ورغم كافة الجهود التي تبذلها البلديات في محاولاتها لإصلاح البنى التحتية، إلا أنها تبقى محاولات هشة وضعيفة، تسقط في كل مرة أمام غزارة الأمطار التي تحول مناطق عدة في غزة إلى مستنقعات وسيول، مما يؤدي لتضييق الحركة في الشوارع ويجبر المواطنين على الانتظار حتى تنجح طواقم الدفاع المدني ووزارة الأشغال العامة بإعادة فتح الطرق بعد تصريف وسحب مياه الأمطار.

اللايك هو السّبب.. فلاتر التواصل الاجتماعي.. متعةٌ جمالية أم كمين وخداع؟

وتتعرض عدة مناطق في مدينة غزة، سنوياً لفيضانات محدودة وغرق جرّاء تجمّع مياه الأمطار نظراً لانخفاضها أو سوء التصريف فيها، في حين تطلق بلديات قطاع غزة نداءات للجهات الدولية والمحلية لإعطاء إعادة إعمار البنية التحتية أولوية سريعة وعاجلة، وذلك بسبب أن عملية تأخير تنفيذها تضاعف من حجم المأساة الجاثمة على صدور المواطنين.

وفي المنخفض الجوي السابق، وهو الأول من نوعه خلال موسم شتاء 2022-2023م، أكدت لجنة الطوارئ الحكومية بغزة، على أنها تجاوزت كل المشكلات بعد ساعة من هطول الأمطار، التي أغرقت أنحاء عديدة في قطاع غزة وعطلت حركة السير فيها، بل وشلّت حياة المواطنين حرفياً.

مضاعفة معاناة المواطنين

وعملت إسرائيل في المنخفض الأول على غزة، على مضاعفة معاناة المواطنين من خلال ضخ كميات كبيرة من المياه باتجاه القطاع الذي يعاني أصلاً من سوء البنية التحية، الأمر الذي أدى إلى محاصرة مواطنين داخل منازلهم ومنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية إلى أن تمكنت الجهات المختصة من تذليل العقبات وإعادة الوضع إلى ما كان عليه من خللا تصريف المياه العالقة بسبب الرواسب وانجراف التربة وغيره من العوامل.

وأثار فتح الاحتلال الإسرائيلي السدود المائية المحاذية لقطاع غزة شرقاً، حالة من الغضب في صفوف المواطنين من سكان المناطق الشرقية وبالتحديد مدينتي دير البلح وخان يونس، بعد أن أغرقت مياه السدود عشرات المنازل وأدت إلى تدمير عدد منها بشكل كامل، إلى جانب تدمير مئات الدونمات الزراعية وإلحاق الخسائر بالمحاصيل، التي جرفت مع السيول المتدفقة باتجاه البحر.

واضطرت عشرات العائلات في منطقة وادي السلقا في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، لمغادرة منازلها بعد أن غمرتها المياه التي أحدثت أضراراً كبيرة بمقتنياتها.

ويتعمد الاحتلال في كل شتاء إلحاق الضرر بالمنازل والمزارع القريبة من الحدود، من خلال فتح السدود المائية المتجمعة داخل الكيبوتسات والمستوطنات القريبة من غزة، وذلك عقب امتلاء السدود لديه بكميات كبيرة من مياه الأمطار، حيث يتم تصريفها باتجاه قطاع غزة على دفعةٍ واحدة.

خوف لدى سكان المناطق الحدودية

ويقول المواطن خليل أبو مراحيل، أن الخوف بات يزداد لدى سكان المنطقة من تكرار مشهد فتح السدود في أي لحظة، مؤكداً على أن الاحتلال يعمد في كل مرة إلى إفراغ الفائض من مياه الأمطار لديه في المناطق الحدودية من قطاع غزة، مما يسبب ضرراً كبيراً في منازل المواطنين ومصالحهم الزراعية والتجارية.

ولفت إلى أنه لا يوجد خطط لحماية المنطقة من هذا الخطر الكبير الذي يهدد أمن المواطن واستقراره، سوى من خلال وضع السواتر الترابية لتدعيم جوانب الوادي، مؤكداً على أن ذلك غير مجدٍ مقابل كمية المياه الكبيرة التي تجرف الكثبان الرملية وتخرجها عن مسارها.

غزة تغرق في شبر مياه! هل أصبحت هذه حقيقةً لا مناص منها؟ فمهما حاولت جهات الاختصاص، ومهما حاول المواطنون، ستبقى غزة رهن شبر المياه، إلى أن يأذن الله بأن ينهض حيٌّ في هذا العالم من أجل أكثر من اثنين مليون مواطن يعيشون رهناً لأقسى ظروف الحياة بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق، والذي يأتي في كل شتاء منذ أكثر من ستة عشر عاماً ليُذكر المواطن الغزي بواحدة من مآسيه المتراكمة، والتي يتعمد الاحتلال الإسرائيلي تكريسها وسط صمت دولي خارج حدود الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى