تقاريرثابت

النقود التالفة في غزة: أزمة متصاعدة تفاقم المعاناة اليومية وسط الحصار والحرب

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

إعداد: خليل قنن

تعيش غزة تحت وطأة حصار مستمر وعدوان متكرر، مما يترك بصماته على جميع جوانب الحياة اليومية، ومن بينها النظام النقدي. باتت النقود القديمة والمهترئة تُشكل أزمة متفاقمة في ظل انقطاع التدفقات النقدية وصعوبة استبدال الأموال التالفة.

ومع اقتراب الحرب من إكمال عامها الحادي عشر، يزداد الوضع سوءًا، حيث تعيق هذه الأزمة التجارة والأنشطة الاقتصادية اليومية، مما يضع عبئًا إضافيًا على كاهل السكان.

رفض قبول العملات القديمة

إن رفض التعامل في العملات القديمة التالفة، في الحياة اليومية بغزة، لا يؤثر فقط على الجانب الاقتصادي، بل يمتد تأثيره ليشمل البعد النفسي والاجتماعي للسكان.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

حيث يعاني المواطنون من شعور بالإحباط والعجز عند محاولتهم تلبية احتياجاتهم اليومية، إذ يصبح المال الذي يملكونه بلا قيمة عملية في نظر البائعين. هذا الموقف يُشعر الكثيرين بفقدان الثقة في النظام الاقتصادي المحلي، ويزيد من التوتر الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة، خاصةً عندما يواجهون صعوبة في إجراء أبسط المعاملات النقدية.

يقول أحمد أبو عوض، نازح من خان يونس: “أعاني يوميًا عند شراء الضروريات الأساسية لأن العديد من الباعة يرفضون قبول الأوراق النقدية القديمة، على الرغم من أنها قابلة للاستخدام بشكل قانوني.”

ويضيف أحمد: “الأمر يزداد سوءًا عندما لا تتوفر لدينا بدائل للحصول على أوراق نقدية جديدة. أغلبنا لا يملك حسابات بنكية، مما يجعلنا معتمدين بشكل كامل على النقود الورقية والمعدنية المتداولة في الأسواق. وفي ظل استمرار رفض هذه العملات، نجد أنفسنا في موقف لا نحسد عليه، حيث يصبح المال الذي نمتلكه بلا فائدة حقيقية، وهو ما يزيد من معاناتنا اليومية.”

هذه الأزمة تُرغم البعض على العودة إلى منازلهم دون تلبية احتياجاتهم، ما يضيف عبئًا جديدًا على حياتهم اليومية.

النقود المعدنية والتجارة

ولم تقف الأزمة عند الأوراق النقدية فقط، بل امتدت إلى النقود المعدنية، خاصة فئات الشواقل الصغيرة. كثيرًا ما يُرفض تداول القطع المعدنية المخدوشة أو التالفة، ما يحدّ من القدرة على إجراء المعاملات التجارية البسيطة.

ومن المهم التأكيد على أن النقود المعدنية التالفة لا تؤثر فقط على عمليات الشراء الصغيرة، بل تتسبب أيضًا في تعطيل العديد من الأنشطة اليومية.

علاء عمر، أحد سكان دير البلح، يوضح أن سائقي الأجرة يرفضون التعامل بالقطع التالفة، مما يؤدي إلى تراكم الأموال وعدم القدرة على استخدامها بفعالية.

ويقول علاء:”المشكلة ليست فقط في رفض السائقين للنقود المعدنية المشوهة، بل أيضًا في ندرة الحصول على قطع نقدية صالحة للاستخدام، مما يصعّب دفع الأجرة أو الحصول على البضائع الصغيرة.”

ويشير إلى أن العديد من المواطنين باتوا يتجنبون الشراء من الأسواق أو التنقل عبر سيارات الأجرة بسبب هذا النقص، مما يعرقل سير الحياة اليومية ويزيد من الضغوط على الأسر الفقيرة التي تعتمد على هذه الفئات بشكل كبير.

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

تداعيات القصف الإسرائيلي على النظام المصرفي

ازدادت أزمة النقود سوءًا بعد تدمير العديد من الفروع المصرفية خلال الغارات الإسرائيلية، ما أدى إلى تعطيل نظام الصراف الآلي وتعقيد عملية الحصول على السيولة.

في تصريح سابق لسلطة النقد الفلسطينية، أكدوا أن انقطاع التيار الكهربائي المستمر وحالة الطوارئ جعلت من الصعب إعادة تشغيل هذه الفروع، مما تسبب في نقص حاد في الأموال الجديدة وصعوبة تداول الأموال التالفة.

مقترحات حلول

للخروج من هذه الأزمة، يتطلب الأمر تعاونًا مشتركًا بين السلطة الفلسطينية والمؤسسات المالية لتوفير حلول عاجلة، مثل:

1. إطلاق حملات استبدال نقدي: يجب تنظيم حملات لتبديل الأوراق النقدية القديمة والتالفة بأخرى جديدة من خلال نقاط توزيع معتمدة في الأسواق الكبرى.

2. زيادة الوعي بين السكان: يمكن نشر الوعي حول حقوق المواطنين في استخدام الأوراق النقدية القديمة من خلال وسائل الإعلام المحلية، وإلزام المتاجر وسائقي السيارات بقبولها.

3. إعادة تأهيل النظام المصرفي: ينبغي تسريع عمليات إصلاح فروع البنوك وتحديث ماكينات الصراف الآلي، خاصة في المناطق الأكثر تضررًا.

نظرة مستقبلية وحلول ممكنة

إن أزمة النقود القديمة في قطاع غزة هي أحد جوانب الحياة التي تتأثر باستمرار بالحصار والعدوان الإسرائيلي. هذه الأزمة تضع مزيدًا من الأعباء على المواطنين، وتستلزم حلولًا جذرية لتوفير النقود السليمة وتعزيز الاقتصاد المحلي.

وبالنظر إلى الظروف الحالية من الحرب والحصار، فإن الدفع الإلكتروني قد يكون غير عملي بسبب ضعف البنية التحتية والانقطاعات المستمرة في الكهرباء والإنترنت. لذلك، تبرز الحاجة إلى حلول واقعية تتناسب مع الواقع المعاش، مثل تحسين آليات استبدال النقود القديمة بالتعاون مع المؤسسات المالية المحلية والدولية.

كما يمكن أن يكون إنشاء مراكز محلية لإعادة تدوير النقود المتدهورة بالتنسيق مع البنوك الفلسطينية خطوة هامة لضمان استمرار تداول العملات السليمة بين المواطنين، على الرغم من التحديات الاقتصادية واللوجستية التي يفرضها الوضع الراهن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى