مقالات الخامسة

انتخابات دولة الاحتلال وجاهزية الحالة الوطنية الفلسطينية

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كتب: صادق الشافعي:

هناك إجماع تقريباً على أن الانتخابات الأخيرة في دولة الاحتلال لم تأتِ بجديد نوعي فيما يتعلق بطبيعة الحكم الذي سينتج عنها. فهناك اتفاق شبه تام أن الحكم الجديد سيكون امتداداً وتواصلاً مع سابقيه في يمينية مكوناته وفي جوهر وطبيعة علاقاته مع الطرف الفلسطيني بمفاصل تلك العلاقة الأساسية والمتكاملة:
– رفض أي اتفاق أو حتى تفاوض حول قيام كيان وطني فلسطيني على أي جزء من ارض الوطن المحتل.
– الاستمرار في الاستيطان على أراضي الضفة المحتلة والتوسع فيه وبلا حدود، بل والدعوة الى ضم الضفة الغربية.
– استعمال أقصى درجات العنف المفرط والدموي أسلوباً وحيداً في التعامل ومواجهة أي تحرك وطني فلسطيني في تصديه للاحتلال وسياساته التوسعية والعدوانية.
البعض يضيف عن حق إلى أوصاف الحكم الجديد صفة “الفاشية”، مستنداً في ذلك الى طبيعة وتاريخ وعلاقات وممارسات قوى وأحزاب ورموز فاشية أصبح من المؤكد انضمامها الى طاقم الحكم الجديد.
في المقابل فإن الحالة الوطنية الجماهيرية الفلسطينية جاهزة ومستعدة وقادرة على التصدي   والتعامل مع حكم الاحتلال الجديد بطبيعته ومع قواه الموصوفة وبرامجها الأكثر عدوانية ودموية.
يؤكد ذلك، الفعل النضالي المبادر الى الاشتباك مع العدو المحتل ومهاجمته في مواقعه، وهو فعل يمتد من جنين الى نابلس الى الخليل مروراً بالقدس، ليصل الى غزة كما بدأ قبل يومين، حسب إعلان دولة الاحتلال بذاتها.
وهذا الفعل النضالي يحصل من موقع التصدي والاقتدار لاحتلال العدو واعتداءاته بكافة أشكالها وتنوعها، ويوقع في العدو خسائر بشرية ومادية.
ما ينقص الحالة الوطنية الفلسطينية العامة هو وحدة القيادة السياسية الوطنية ووحدة برنامجها النضالي الوطني ووحدة مواقفها ووحدة أدواتها الكفاحية.
وهذه كلها نتائج كريهة لحال الانقسام البغيض الذي تعيش فيه وتعاني منه الحالة الوطنية منذ سنوات طويلة.
وإذا كان “إعلان الجزائر” وضع، وبموافقة كل التنظيمات المشاركة فيه الأساسَ الوطني لاستعادة الوحدة المفقودة على كل المستويات وفي كل المجالات، فإن مسؤولية التنظيمات تصبح وضع الآليات العملية والواقعية، ومعها التوقيتات، لنقل هذا الاتفاق من الورق الى حيز التنفيذ العملي والواقعي على كل المستويات وفي كافة المجالات.
وبكل ما يفرضه ويتطلبه ذلك من مواقف صادقة ومسؤولة، ومن استعداد عالٍ لتقديم التنازلات المطلوبة والمتبادلة.
وأيضا، بكل ما يفرضه ويتطلبه من فائدة، بل ضرورة، العودة الى جمهرة أهل الوطن وتشكيلاتها المجتمعية كمرجعية لعملها لمشورتها ولأخذ رأيها والاستماع إلى ملاحظاتها وطلباتها ومقترحاتها.
بدون كل ما تقدم، يبقى إعلان الجزائر مجرد كلام جميل وحبر على الورق، ويبقى الانقسام بكل تعبيراته وويلاته وبلاويه على حاله.
ولا بأس للمساعدة في تحقيق الهدف المرجو المذكور من استدعاء الدور والعون العربي.  خاصة، وأن القمة العربية الأخيرة حملت اسم “قمة فلسطين” وكان جوهرها فعلاً وبشكل عام   فلسطيني بامتياز، وكذلك جاءت مخرجاتها وقراراتها.
هذه القمة العربية لم تتخذ بالتحديد قراراً بتشكيل لجنة عربية من الدول المشاركة في القمة لمتابعة مهام تنفيذ مخرجات إعلان الجزائر، وفي الجوهر والمقدمة منها استعادة وحدة النضال الوطني الفلسطيني بقواه وتنظيماته السياسية والنضالية، وبمؤسساته وأدواته، وان تكون اللجنة الموصوفة بمسؤولية دولة الجزائر.
وبذلك يكون المؤتمر قد أبقى هذه المهمة بمسؤولية دولة الجزائرية منفردة. ولكن يبقى من الطبيعي أن يظل الباب مفتوحاً أمامها لطلب المساعدة من دول عربية عند وحسب الحاجة ونوعها.
الطرف الفلسطيني المعني الأول بهذا الأمر لم يبادر من جهته حتى الآن الى القيام بأي خطوة عملية او دعوة لإنجاز هذه المهمة الوطنية الأساسية، لا كهيئات وطنية جامعة ولا كتنظيمات منفردة أو كتنظيمات متشاركة متفقة ومتفاهمة.
ولا تزال الساحة الوطنية تخلو من أي مبادرات أو مقترحات متكاملة ومحددة للتعاطي مع هذا الأمر المصيري لا بالجملة ولا بالتقسيط. مع أن جوّ العلاقات الوطنية العامة هو أقرب الى الإيجابية وخال من الخلافات الحادة أو المشاكل المعقدة. ولا يزال مبكراً توقُّع ان تتقدم الجزائر بمقترحات وصيغ محددة.
السؤال الذي يفرض نفسه إلى متى يبقى الجمود في هذا الأمر ويستمر سيداً للموقف الوطني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى