بئساً لكم وتباً لكم

كتب: فراس ياغي
يُنهي الرئيس دونالد ترامب زيارته لثلاث دول خليجية إستطاع خلالها ان يَحصلْ على اكثر من ثلاثة تريليونات من الدولارات لصالح الإستثمار الامريكي ضمن مفهوم الصفقات الإقتصادية الكبرى وفي كافة المجالات وبالذات العسكرية، وفي نفس الوقت لم يحدث أي إنجاز بما يتعلق بالقضية المركزية في المنطقة، حرب الإبادة على وفي غزة والقضية الفلسطينية.
والشيء المهم هو تصريحه الأخير قبل مغادرته عندما قال: ” ستحدث امور إيجابية في غزة في الشهر القادم”، وهذا يعني أنه يُعطي فرصة أخرى لِ رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” ليستمر في حرب الإبادة في غزة مقابل إدخال المساعدات الإنسانية، حيث قال الرئيس ترامب أيضا: “سنعمل على إطعام الذين يتضورون جوعا في غزة”
واضح بأن إدارة البيت الأبيض تتوافق مع “نتنياهو” في إستمرار العمل العسكري حتى فرض الإستسلام وخضوع حركة حماس والمقاومة، أي أن موقف البيت الأبيض هو نفس موقف نتنياهو، إبادة وقتل وتدمير وتهجير داخلي إلى ما يُسمى المناطق الإنسانية حيث ستستلم أمريكا ملف توزيع المساعدات لإستخدامه كسلاح في الحرب وفق الخطة المعلنة، وفي نفس الوقت يستمر الكذب الذي إسمه مفاوضات في حين الهدف هو فرض شروط الإستسلام
إدارة الرئيس “ترامب” مرة أخرى تتنصل من وعودها وتلحس ضماناتها، فكما فعلت في كانون ثاني/يناير. عندما توافقت مع السيد “نتنياهو” وأعطته كل الاضواء بكل الوانها لإستئناف حرب إبادة وإستخدام سلاح التجويع “67 يوم لم يدخل القطاع لا غذاء ولا دواء ولا وقود ولا شيء والمعابر جميعها مغلقة” لأجل تركيع المقاومة وإخضاعها وفرض شروط إستسلامها، وهاي وبعد بادرة حسن النية التي بادرت فيها حركة “حماس” بالإفراج عن الأسير “إلكسندر عيدان” مقابل إدخال المساعدات والضغط على نتنياهو وحكومته للذهاب إلى مفاوضات جدية لأجل التوصل إلى صفقة تؤدي إلى نهاية المذبحة والمجزرة الدائرة في غزة، وبدل من ذلك تُصعد حكومة نتنياهو من هجماتها وقصفها وكأن غزة تتعرض للحرب منذ بدايتها، مئآت الشهداء ودمار يطال المستشفيات لا مثيل له
الرئيس “ترامب” حَصل على ما يريد، أشعر الجميع بأنه سيضغط على نتنياهو لوقف الحرب، والوسطاء ضغطوا على “حماس” لكي تتعاطى مع نوايا “ترامب”، ليتبين أن النية كانت الحصول على التريليونات لا غير، وقصة غزة يكفيها مخدر إسمه “ويتكوف” و “بوهلر” مفعوله لعدة أيام وحتى تنتهي زيارة الرئيس “ترامب” دون منغصات ومطالبات بوقف حرب الإبادة
الغريب رغم أنه متوقع، أن الدول العربية الثلاث التي زارها الرئيس “ترامب” وحَصّل منها صفقات وآلاف مليارات الدولارات، لم تشترط هذه الإستثمارات الضخمة بوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي، بل كانت تريد فقط احداث تضخيم إعلامي بإسم الضغط الأمريكي على نتنياهو لكي يوافق على صفقة وعلى دفعات مع ضمانات بعدم إستئناف الحرب بين الدفعات وإستمرار التفاوص حتى الإتفاق على إستدامة لوقف إطلاق النار لتمرير الزيارة وكأنها الحدث الأهم في العالم، خاصة أن رضا الرئيس “ترامب” أهم بكثير من دماء أطفال ونساء ورجال غزة
نعم، وللأسف الأعراب كانوا جزءا لا يتجزأ من المُخدّر، وجزء من مناورة الخداع المسماه “ضغط أمريكي وخلافات ستدفع الرئيس ترامب لكي يغادر في القطار بدون صديقه نتنياهو”، نعم غادر “ترامب” منفردا وتحَصّل على قطار لا نهاية له من الدولارات، وبقي “نتنياهو” منغمسا في قتل الفلسطينيين في غزة والضفة ودون أي إزعاج أمريكي، بل كما قال المبعوث الأمريكي “ويتكوف” على عتبة نهاية الزيارة للرئيس “ترامب”: “لن نضغط على إسرائيل ولن نُجبرها على توقيع صفقة تبادل اسرى لا تريدها”
“الشهر القادم ستحدث امور إيجابية في غزة”، هذا ما قاله الرئيس “ترامب”، ويبدو انه يقصد أن “نتنياهو” سيُنفذ المهمة حتى الشهر القادم. وبعدها إما لا تكون هناك “حماس”، أو سيتم إخضاعها وفقا للأحلام والأوهام النتنهاوية.
بئس تلك العروبة، وبئس تلك الامة الإسلامية، لأن لا “ترامب” المسيحي الأمريكي، ولا “ويتكوف” اليهودي الأمريكي. أقرب لأهل غزة وفلسطين، وحرصهم لا يأتي دون استغلال مفهوم المصالح وبالذات الإقتصادية، لكن وكما يبدو، أنظمة تلك العروبة، وأنظمة تلك الأمة الإسلامية “السنية” عداؤها للمقاومة وحماس أكبر من عداء أعدائها للمقاومة، بئسا لكم، فمن يباد هم إخوتكم وخواتكم وأطفالكم، مع ان ذلك عمليا ليس دقيقا، فالدم الفلسطيني في غزة والضفة لا علاقة له بدماء الأعراب ومسلمي السنة…بئساً لكم وتباً لكم