بالتفصيل.. ليبيا وإسرائيل: مغامرات إيلي كوهين وموافقة الدبيبة على التطبيع لكن ليل ليبيا اشتعل
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
الخامسة للأنباء – وكالات
اشتعل ليل ليبيا، أمس الأحد، في أعقاب إعلان وزارة الخارجية الإسرائيلية عن لقاء جمع وزير الخارجية إيلي كوهين بوزير الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، في إيطاليا الأسبوع الماضي.
وخرجت تظاهرات في عدة مواقع في ليبيا بما فيها العاصمة طرابلس، وأغلق متظاهرون الطرق وأشعلوا النيران رفضًا لهذا اللقاء التطبيعي، ورفعوا الأعلام الفلسطينية، فيما أصدرت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس قرارا يقضي بوقف عمل وزيرة الخارجية.
وقرر رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، إيقاف المنقوش عن عملها وإحالتها إلى التحقيق، وتشكيل لجنة تحقيق ترأسها وزيرة العدل وتضم وزير الحكم المحلي ومدير إدارة الشؤون القانونية والشكاوى بمجلس الوزراء.
لكن، قال اثنان من كبار المسؤولين في الحكومة الليبية لوكالة أسوشيتد برس، اليوم الإثنين، إن رئيس الوزراء كان على علم بالمحادثات بين وزيرة خارجيته وكوهين في إيطاليا .
وقال أحد المسؤولين للوكالة الأميركية إن الدبيبة أعطى الضوء الأخضر للاجتماع الشهر الماضي عندما كان في زيارة لروما. وأضاف أن مكتب رئيس الوزراء رتب اللقاء بالتنسيق مع المنقوش.
رئيس CIA يفحص مع الدبيبة إقامة علاقات مع إسرائيل… وحرج الدبيبة
في كانون الثاني/ يناير من العام الجاري، كشفت وكالة الأنباء أسوشيتد برس الأميركية أن رئيس المخابرات الأميركية، ويليام بيرنز، فحص في لقاء مع الدبيبة في الشهر ذاته، إمكانية إقامة علاقات بين إسرائيل وليبيا، لكن الدبيبة رد بأنه غير قادر على ذلك بسبب الرأي العام الرافض للتطبيع مع إسرائيل.
وأكد مسؤول في الحكومة الليبية في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس، اليوم الإثنين، دون ذكر اسمه، أن تطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل تمت مناقشته لأول مرة في اجتماع بين الدبيبة ومدير وكالة المخابرات المركزية الذي زار العاصمة الليبية في كانون الثاني/ يناير.
وقال المسؤول إن رئيس الوزراء الليبي أعطى موافقة مبدئية على الانضمام إلى اتفاقات أبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة، لكنه أعرب عن قلقه بشأن رد الفعل الشعبي العنيف في دولة معروفة بدعمها السابق للقضية الفلسطينية.
وقال جليل حرشاوي، وهو زميل مشارك متخصص في ليبيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن ومقره لندن، إن دبيبة سعى إلى إرضاء الحكومات الأجنبية لأنه تعرض لضغوط متزايدة من الأمم المتحدة ودول أخرى بشأن الجمود السياسي في ليبيا.
وقال الحرشاوي إن قرار رئيس الوزراء الليبي بإيقاف وزير خارجيته عن العمل “يهدف بلا شك” إلى تهدئة الغضب الشعبي.
مغامرات إيلي كوهين
يُعرف في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية أن وزير الخارجية، كوهين، ليس مسؤول ملف العلاقات الخارجية بالفعل، بل أن نتنياهو يعتمد الوزير رون ديرمر، سفير إسرائيل السابق في واشنطن، كمبعوث في القضايا الخارجية الهامة والإستراتيجية مثل العلاقات مع الولايات المتحدة أو التطبيع مع السعودية.
كذلك يُعرف أن كوهين على أنه “هاوي”؛ فهو من جهة لم يشغل أي منصب دبلوماسي أو سياسي رفيع له صلة بالعلاقات الخارجية والدولية؛ ومن جهة ثانية، بأنه يهوى العناوين المثيرة كأنه يحقق اختراقات في العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية غير المطبعة رسميًا مع دولة الاحتلال.
غالبًا، تتولى الأجهزة الأمنية مثل الموساد والشاباك ومجلس الأمن القومي إدارة العلاقات وتطويرها مع الدول العربية، وليس وزارة الخارجية، لكن كوهين يحاول منافسة هذه الأجهزة إعلاميًا، ما دفع في الساعات الأخيرة رئيس أركان الجيش السابق ورئيس قائمة “المعسكر الوطني”، بيني غانتس، القول إن “علاقات إسرائيل الخارجية مسألة حساسة وخطيرة. عندما تتصرف من دوافع محصورة بالعلاقات العامة والعناوين الرئيسية، دون أي مسؤولية أو تفكير مسبق، فهذا ما يحدث. سواء في العلاقات الخارجية أو الأمن أو الاقتصاد أو التعليم، حكومة نتنياهو حكومة مهملة وفاشلة ويجب أن تسقط”.
وسبقه في التصريحات رئيس حزب “ييش عتيد” الذي قال إن الإعلان “غير المسؤول” عن اللقاء بين كوهين والمنقوش، “تصرف غير احترافي وغير مسؤول وفشل خطير في الحكم. إنه صباح العار القومي والمخاطرة بحياة الإنسان من أجل عنوان رئيسي (في وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية)”.
ليست هذه المرة الأولى التي يلعب فيها كوهين دور الهاوي، ففي الأشهر الأخيرة صدرت تصريحات عن “مسؤول إسرائيلي” بأن التطبيع مع السعودية “مسألة وقت” و”بات قريبًا”، وتتضارب مع تصريحات رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، الذي قال إن التطبيع “ليس قريبا”.
ويبدو أن كوهين يقف خلف هذه التسريبات غير الدقيقة بحثًا عن دور “تاريخي” له في التطبيع مع السعودية، رغم أن هذا الملف يديره أمام الولايات المتحدة نتنياهو عبر الوزير ديرمر.
الطريق للبيت الأبيض تمر عبر إسرائيل
سعت أنظمة عربية عديدة إلى فتح قنوات اتصال أو إقامة علاقات غير علنية مع إسرائيل، لتحسين علاقاتها مع البيت الأبيض. وما يجري هذه الأيام على خط واشنطن – الرياض – تل أبيب لا ينفصل عن هذا السعي. فالسعودية طرحت عدة مطالب إستراتيجية لإدارة بايدن أبرزها إقامة حلف دفاعي على غرار “ناتو” وتزويدها بأسلحة متطورة، والثمن بالمقابل يكون التطبيع مع إسرائيل.
وسبق السعودية إلى ذلك عدة أنظمة عربية، منها الحكم العسكري في السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن عن إقامة علاقات مع إسرائيل في مقابل رفع العقوبات الأميركية عن السودان. وقبل الحكم العسكري، سعى عمر البشير إلى فتح قنوات اتصال مع الموساد عبر مدير المخابرات السودانية حينها، صلاح عبد الله قوش على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في العام 2019، لإنقاذ حكمه برفع العقوبات الأميركية والحصول على مساعدات تقنية إسرائيلية في مجال الزراعة والصحة.
والأمثلة عديدة ولا تنحصر على الأنظمة العربية، بل على أنظمة أفريقية كذلك.
نجل حفتر في إسرائيل
سبق لقاء المنقوش بكوهين، لقاء نجل خليفة حفتر، صدام، بمسؤولين إسرائيليين.
ذكر تقرير إسرائيلي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أن صدام حفتر، نجل قائد ما يسمى الجيش الوطني الليبي، الجنرال خليفة حفتر، وصل إلى إسرائيل حاملا رسالة من والده تطلب مساعدة عسكرية سياسية إسرائيلية، وفي المقابل تعهد بإقامة علاقات دبلوماسية في المستقبل بين ليبيا وإسرائيل.
وذكر التقرير الذي نشره حينها محلل الشؤون الاستخبارية في مدونته في موقع “هآرتس”، يوسي ميلمان، أن الزيارة استمرت ساعة ونصف الساعة في مطار بن غوريون.
ولم يوضح ميلمان مع من التقى صدام حفتر أثناء توقفه في مطار بن غوريون، “لكن والده أجرى اتصالات سرية مع إسرائيل في الماضي، ومندوبو شعبة ’تيفيل’ في الموساد التقوا معه أكثر من مرة. كما أجرى مندوبون من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي اتصالات مع جهات ليبية في السنوات الأخيرة”.
وبحسب ميلمان، فإن إسرائيل كانت تهتم دائما بليبيا، بسبب موقعها الجيو إستراتيجي على البحر المتوسط وبجوار مصر، وكذلك بسبب جالية يهودية كبيرة التي كانت في ليبيا وتأثيرهم بعد هجرتهم إلى إيطاليا.
وتابع ميلمان أنه في موازاة ذلك، أجرى مندوبون إسرائيليون اتصالات “ذات طابع سياسي وإنساني مع نظام القذافي، في سنوات الالفين. وركز هذه الاتصالات نجل القذافي، سيف الإسلام، وشارك فيها رجال أعمال يهود من أصول ليبية”.
ووفقا لميلمان، فإن الموساد والشاباك أجريا اتصالات مع حفتر من أجل إحباط إرسال شحنات أسلحة “مسروقة” من المخازن الليبية إلى حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان. وأشار ميلمان إلى أن إسرائيل أيدت حفتر في الصراع الليبي الداخلي، لكن في مرحلة لاحقة تقرر في الموساد أنه ينبغي إقامة علاقات مع الحكومة الرسمية في طرابلس.