برامج ومشاريع ونشاطات كثيرة … وأين التغيير المستدام!!
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كتب: عقل أبو قرع:
في ظل تزاحم النشاطات والورشات واختتام الفعاليات خلال هذه الأيام، وفي ظل تراكم وتكرار وتعدد برامج ومشاريع وفي مجالات مختلفة لجهات مختلفة، يتساءل الكثير من الناس حول مدى نجاح هذه المشاريع في تحقيق الأهداف التي وضعت لها، حيث من المعروف ان من مؤشرات تقييم نجاح الأداء للمشروع أو للخطة أو للبرنامج، هو مدى الفعالية في تحقيق الأهداف التي تم وضعها مسبقا، أي إذا ما تم تحقيق الأهداف المعلن عنها في بداية المشروع أو الخطة.
وهناك مشاريع وخطط تنتهي بأعمال في واد وأهداف المشروع في واد آخر، وهذا يعني ومهما كان ما يتم إنجازه، التبذير والتشتت والابتعاد عن الأهداف الحقيقية، ومنها معادلة التكاليف والإنجازات والاستدامة والاستفادة والأثر المتواصل، حيث قد يتم إنجاز الأهداف المعلنة، إذا نفذت من قبل جهات مختلفة أو بوسائل أو إدارات مختلفة، قد يتم إنجازها بتكاليف أو من خلال إنفاق مبالغ متفاوتة من الميزانية، وهنا يأتي دور أهمية التقييم في تبيان مدى الفعالية في تحقيق الإنجازات وبالجودة والنوعية المطلوبتين، ولكن بأقل التكاليف.
ونعرف أنه يحدث في الكثير من الأحيان أن ينتهي المشروع أو الخطة وكأنها لم تكن، أي تتبخر مع تبخر الميزانية المرصودة لها، ويختفي الأثر مع انتهاء صرف آخر مبلغ من ميزانية المشروع، وبالتالي يكون ذلك خسارة، ومع كثرة المنظمات والجهات المانحة، وتنوع المشاريع للتنمية أو للتوعية أو لغير ذلك، يكون الاستثمار في هذه المشاريع، وما يتطلب من ورشات عمل ومؤتمرات وخبراء ودراسات وأبحاث وتغطية إعلامية ومستشارين محليين ودوليين، يكون خسارة كبيرة، لأن هذه الأموال يتم تسجيلها تحت بند مساعدة أو دعم أو تنمية الإنسان أو المجتمع الفلسطيني.
وسواء أكان ذلك في الخطط الاستراتيجية، أم في برامج تطويرية، أم من خلال حملات المساعدات الإنسانية والإغاثة الطارئة، أم حتى في حملات الدعم والمناصرة والضغط وحشد التأييد أو إجراء الدراسات والأبحاث وإصدار أوراق السياسات والحقائق، من الضروري بل الأساسي أن تكون عملية المتابعة والتقييم والمساءلة والتعلم جزءا أساسيا بل حيويا من ذلك، وما يمكن أن يترتب عليهما، من تأكيد أو غير تأكيد للنتائج والإنجازات وبالتالي الوصول إلى الأثر المطلوب المستدام الذي ينشده الجميع.
ووضع خطة تواكب تقدم المشروع ومتابعتها، يعني متابعة ما يتم إنجازه على ارض الواقع، مقارنة مع ما من المفترض تحقيقه خلال مدة زمنية محددة، وبالتالي تحديدا إذا كانت هناك عقبات ومشاكل أو الابتعاد عن المسارات الأصلية، وما سبل حلها، وإعلام إدارة الجهات المنفذة والمانحة بذلك، وبناء عليه يتم نقاش إمكانية تغيير أسلوب أو اتجاهات العمل، أو إعادة دراسة افضل الوسائل لاستخدام المصادر، ولبعض الجهات المانحة، في العادة تكون تقارير عمليات المتابعة ومدى نجاعتها، شرطا من اجل الالتزام بتوفير أو صرف المصادر المادية وغيرها للفترة التالية.
وتقييم المشروع، هي عملية أعمق واشمل وأكثر تحليلا، تهدف إلى تحديد إذا ما كان هناك أثر أو آثار لما يتم القيام به، وبالأخص في المدى المتوسط والبعيد، والتقييم للمشروع يتم في العادة في منتصف المشروع أو بعد الانتهاء منه، ومثلا إذا كانت مدة المشروع خمس سنوات، من المفترض أن يكون هناك تقييم بعد 3 سنوات ومن ثم بعد انتهاء خمس سنوات، وفي العادة يتم التقييم من خلال مقابلات مع أفراد أو جماعات أو من خلال استمارات أو زيارات للموقع أو مجموعات محددة مختصة، وبالطبع من خلال مراجعة التقارير الدورية والبيانات والمعلومات التي تراكمت خلال مدة المشروع.
وفي ظل الزخم الكبير من النشاطات والدعوات من كل طرف هنا أو هناك، بات من المطلوب على من عمل ويعمل في مجالات عديدة وخلال سنوات متراكمة وانفق أموالا على مشاريع وبرامج، أن يقوم بمراجعة وبتعمق ما تم ويتم القيام به وبالتالي تحديد الأسباب التي أدت إلى الفشل في إحداث التغيير ولو بشكل جزئي، ومن ثم وضع الخطط المستقبلية لتلاشي أخطاء الماضي، والأهم ترسيخ نظام المتابعة والمساءلة والتعلم والتقييم كجزء أساسي من فلسفة العمل، والتركيز على تحقيق النتائج وبشكل تراكمي منطقي بطيء ولو بشكل بسيط، التي تقود في المحصلة وبشكل تلقائي إلى إحداث التغيير والأثر المطلوب المستدام، الذي بات الجميع يبحث عنه ويتوق إلى الوصول إليه، ولكن من الواضح لا يعرف أين يجده وكيف يصل إليه.



