تحقيق عبري يكشف: إنقاذ الأسرى تراجع أمام أهداف الحرب السياسية

إنقاذ الأسرى تراجع أمام أهداف الحرب.. كشفت صحيفة هآرتس العبرية، في تحقيق موسّع نُشر اليوم السبت، عن وجود فجوة كبيرة بين الأهداف المعلنة لحكومة بنيامين نتنياهو في حربها على غزة، وبين الواقع الميداني المتعلق بحماية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع.
خلفية التحقيق
منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023 وحتى نهاية مايو 2025، شنت “إسرائيل” عمليات عسكرية متواصلة في غزة، بزعم القضاء على حركة حماس واستعادة الرهائن. ورغم التصريحات الرسمية التي تؤكد التزام الجيش بحماية الأسرى، كشف التحقيق عن أن العمليات العسكرية الإسرائيلية عرضت حياة عشرات الأسرى للخطر، وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 20 منهم.
أبرز محاور التحقيق
تحذيرات مبكرة تجاه خطر العمليات:
في أبريل 2025، وجّه ضباط احتياط في سلاح الجو تحذيرات صريحة من أن استمرار القصف يعرّض الأسرى للخطر. إلا أن القيادة العسكرية رفضت تلك التحذيرات، مدعية أن الجيش يعرف مواقع الأسرى ولن يصيبهم، وهو ما تبيّن لاحقًا عدم دقته.حادثة عيدان ألكسندر ومتان تسينجاوكر:
قصفت قوات الاحتلال مبنى فوق نفق كانا بداخله دون علم بوجودهما. نجا ألكسندر بأعجوبة، ما كشف عن ضعف استخباراتي خطير في تحديد مواقع الأسرى.قصف متكرر قرب أماكن احتجاز الأسرى:
أدلى أسرى أُفرج عنهم ضمن صفقة تبادل بشهادات تؤكد تعرضهم للقصف من قبل الجيش أثناء احتجازهم، ما أدى لإصابة بعضهم وتحرك خاطفيهم من مواقعهم خوفًا من القصف.مقتل أسرى بأيدي خاطفيهم:
في عدة حالات، أقدم آسرو الأسرى على قتلهم فور اقتراب قوات الاحتلال، خشية القبض عليهم. من بين الضحايا: إيتاي سفيرسكي، كارمل جات، وهيرش بولين.اعترافات متأخرة للجيش:
بعد ضغوط من عائلات الأسرى، أقر الجيش بمسؤوليته عن مقتل بعضهم نتيجة القصف، كما حدث في قضية الغندور في نوفمبر 2023. وأوضح أن القوات لم تكن تعلم بوجودهم في المواقع المستهدفة.تضارب الأولويات ونقص التنسيق:
أقر مسؤولون عسكريون بأن إنقاذ الأسرى ليس دائمًا أولوية، وأن القرارات تُتخذ في ظل غياب معلومات دقيقة، ما يؤدي إلى قرارات مبنية على تقديرات آنية غير مؤكدة.
إنقاذ الأسرى تراجع أمام أهداف الحرب
أبعاد سياسية واستراتيجية
سلط التحقيق الضوء على تسييس الحرب، حيث تشير وثائق داخلية واحتجاجات شعبية إلى أن استمرار العمليات العسكرية يخدم أهدافًا سياسية داخلية، بعيدًا عن الاعتبارات الإنسانية أو حماية الأسرى. كما تحدث عن أزمة ثقة حادة بين أهالي الأسرى والمؤسسة العسكرية، في ظل شعور بأن الأسرى يُستخدمون كورقة سياسية.
دلالات التحقيق
فشل استخباراتي مركب: كثير من العمليات نُفذت دون يقين بوجود الرهائن في المواقع المستهدفة، رغم تأكيدات القيادة.
تناقض الأهداف: الجمع بين “الحسم العسكري” وإنقاذ الأسرى ثبت أنه مستحيل في بعض الحالات.
أثر داخلي بالغ: هذه الحوادث أحدثت صدمة داخل المجتمع الإسرائيلي وزادت من حدة الانتقادات للحكومة والجيش.
تحول في الرأي العام: تتصاعد الضغوط لإعادة ترتيب الأولويات، وطرح مبادرات تنهي الحرب وتعيد الأسرى.
يُظهر تحقيق هآرتس تعارضًا واضحًا بين الأهداف المعلنة لإنهاء الحرب في غزة واستعادة الأسرى، وبين السياسات المتبعة على الأرض، حيث تم التضحية بحياة عدد من الرهائن نتيجة القصف الإسرائيلي أو ردود فعل آسريهم. ما يزيد من حدة الانقسامات داخل “إسرائيل” ويضع القيادة السياسية والعسكرية تحت مجهر المساءلة.