تحولات المزاج العام

كتب: صلاح هنية:

المزاج العام اليوم بات أكثر وضوحاً في تجليّاته وله انعكاساته على أرض الواقع، ولم يعد يجامل او يوارب بل بات واضحاً في التعبير عن مكوناته، وهذا متغير مهم وهو ليس ضمن أولويات النخب السياسية حتى في أكثر لحظاته وضوحاً، كونه لم يكن له منذ زمن طويل ميزان ولا قبان.
اليوم ما كان أولوية لم يعد أولوية لأن جيلاً ناشئاً له باع طويل في تشكيل هذا المزاج، وهؤلاء لم يعيشوا التجربة التاريخية بحكم العمر ولم يعايشوا رموزها الذين كُتب فيهم شعر ونُظمت لهم أغانٍ، وفي هذا الخضم نساء منهن أمهات ومنهن صبايا في ريعان الصبا لهن خبراتهن ورؤيتهن التي يعتبرنها محوراً ولا يرين أن هناك من يفرض عليهن الرؤيا.
هناك من خرج صوب السواتر الترابية في نابلس لرفع الحصار بالفعل وليس بالتمني على أحد أن يرفع الحصار، وجلُّهم ليس لديهم مصالح اقتصادية ولا تجارية تعطلت، والنصف الآخر ليس طالباً جامعياً قلقاً على محاضراته بل هم عينة مختلفة تماماً.
اليوم لم يعد هناك حاجة للتوعية بخصوص قضايا عامة كانت تتطلب توعية وضغطاً وتأثيراً، لأن الرأي العام لم يعد كما كان يتدلّع ويتغنج في خضم قضايا عامة تمس جوهر حياته كان يضعها خلف ظهره ويمضي دون إعارتها أي اهتمام بالمطلق.
عملياً منذ اليوم لن يتعامل الناس مع صندوق الانتخابات كما كانوا يفعلون لأن معاييرهم تغيرت بالكامل.
لم يعد الناس ينظرون لقضاياهم الحياتية مثل نظرتهم السابقة، بل بمعايير مختلفة تماماً، لأن الرأي العام تغيرت رؤيته للأمور بالكامل.
الأطفال باتوا يوجهون الأسئلة الصعبة تماماً عن الديمقراطية والتعددية السياسية وآلية صناعة القرار ومدى القدرة على التأثير على القرار، وببراءة يوجهونها لناس يظنون أنهم مفاتيح بمفرداتهم البسيطة الجميلة وليس بالمصطلحات المعقدة.
البلد بات لديها معايير مختلفة تماما للمقاومة الشعبية وأدواتها بحيث تصبح معبرة عن الشعب برمته.
والعمل الأهلي بات تقييمه في المزاج العام مختلفاً تماماً وليس بعدد المواد الورقية المنشورة ولا مواقفه التي باتت غالباً مكررة، بتنا بحاجة إلى رؤيا مختلة تتوافق مع المزاج العام.
لن اطرح بدائل ولا حلولاً ولكن سنكون كلنا ضمن الوضع العام دون أي حرَد سياسي ودون طلاق سياسي، فقط لنكون مكوناً من القادم، ونمهد من الآن أننا مع أي تغيير.