تقرير أميركي: دعم واشنطن لحقوق الإنسان يتهاوى تحت أنقاض غزة

كشف معهد “كوينسي” الأميركي في تقرير حديث عن تناقضات عميقة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن شعار “دعم حقوق الإنسان” الذي ترفعه واشنطن أصبح مجرّد غطاء لتبرير تفوّقها العسكري ومبيعاتها الضخمة للأسلحة، حتى في ظل الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، لا سيما في غزة.
وذكر التقرير أن المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل بلغت 17.9 مليار دولار في عام 2024، بالتزامن مع الدمار الذي لحق بقطاع غزة، دون أن تُرفق بأي شروط تقيد هذا الدعم رغم الانتهاكات الواضحة التي ارتكبتها تل أبيب. وأشار إلى فشل الكونغرس في كبح جماح مبيعات الأسلحة، ما جعل الحديث عن التزام واشنطن بالقيم الحقوقية “أسطورة دفنت تحت أنقاض غزة”.
وأكد المعهد أن الإدارات الأميركية المتعاقبة استخدمت ملف حقوق الإنسان كسلاح سياسي ضد خصومها، بينما تغاضت عن الانتهاكات التي يرتكبها حلفاؤها، وعلى رأسهم إسرائيل. وانتقد التقرير إدارة الرئيسين السابق والحالي، بايدن وترامب، لتوسيع دعمهما غير المشروط لإسرائيل رغم سلوكها المخالف للقوانين الدولية.
شعارات حقوق الإنسان… أداة لخدمة الهيمنة الأميركية
وهاجم التقرير خطاب إدارة بايدن بشأن “أولوية حقوق الإنسان”، معتبراً أنه تحوّل إلى أداة دعائية لخدمة الطموحات الجيوسياسية الأميركية في مواجهة قوى كبرى مثل روسيا والصين. واستشهد بما وصفه بـ”مفارقة قمة الديمقراطية” عام 2021، التي شاركت فيها أنظمة غير ديمقراطية، ما يُظهر الانتقائية الأميركية في تطبيق القيم التي تنادي بها.
وأوضح التقرير أن واشنطن باعت أسلحة في عام 2022 إلى 57% من الأنظمة الاستبدادية حول العالم، بينما استغلت الحرب في أوكرانيا لتبرير تعزيز مبيعات السلاح تحت غطاء حماية حقوق الإنسان.
غضّ الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية
رغم تعهدات بايدن بتشديد شروط تصدير السلاح ومنع استخدامه في ارتكاب الفظائع، أكد معهد كوينسي أن هذه المعايير لم تطبّق على إسرائيل، حيث استمر الدعم المالي والعسكري دون قيد أو شرط، في تجاهل صريح للانتهاكات التي شهدها القطاع خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
وأشار التقرير إلى أن تقرير الخارجية الأميركية لعام 2024 ركّز على انتهاكات دول مثل روسيا والصين، متجاهلاً السلوك الإسرائيلي في غزة، مكتفياً بإدانة حماس وتأكيد “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”.
أصوات داخلية قلقة من السياسات الأميركية
كما كشف التقرير عن تزايد التوتر داخل وزارة الخارجية الأميركية، حيث عبّر عدد من موظفيها عن قلقهم من التناقض بين سياسات الإدارة وواجبهم القانوني والدستوري. وقال إن بعض المسؤولين حاولوا وقف صفقات الأسلحة إلى إسرائيل، لكن اعتراضاتهم قوبلت بالتجاهل، ما يعكس تغليب مصالح صناعة الدفاع على المبادئ الحقوقية.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي نفسه فوجئ بحجم الدعم المفتوح الذي تلقّاه من واشنطن، مقارنة بتجارب سابقة كانت فيها الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا لكبح العمليات العسكرية، ما يشير إلى تبدّل خطير في أولويات السياسة الأميركية.