توتر غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب: مسؤولون أمريكيون يحذرون من أن إسرائيل “خرجت عن السيطرة”

كشفت مجلة بوليتيكو الأمريكية، نقلاً عن مصادر خاصة، أن مسؤولين كبارًا في الإدارة الأمريكية أبلغوا أحد الحلفاء العرب بقلقهم العميق من أن “إسرائيل خرجت عن السيطرة”، في ظل تصعيد عسكري جديد في قطاع غزة أدى إلى مقتل أكثر من 40 مدنيًا، رغم تعهد تل أبيب لواشنطن بأن يكون ردّها “محدودًا وحذرًا”.

وقالت المجلة إن هذا الهجوم فجّر غضبًا داخل البيت الأبيض، الذي بدأ يُظهر علنًا استياءه من سلوك حكومة بنيامين نتنياهو، بعد أسبوعين فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن “اتفاق سلام تاريخي” لإنهاء الحرب في غزة.

وبحسب المصادر، نقل نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس رسالة “صارمة” من ترامب إلى نتنياهو خلال لقائهما في القدس، شدد فيها على ضرورة الالتزام ببنود وقف إطلاق النار، وتجنّب أي خطوات أحادية مثل ضمّ الضفة الغربية.

ووفق التقرير، ازداد التوتر بين الجانبين بعد تصويت الكنيست الإسرائيلي لصالح قرار الضم، وهو ما اعتبره ترامب “خطوة مستبعدة تمامًا” في هذه المرحلة، محذرًا في مقابلة صحفية من أن إسرائيل “قد تفقد الدعم الأمريكي” إذا واصلت هذه السياسات.

ونقلت بوليتيكو عن مسؤول أمريكي رفيع أن التصريحات الأخيرة من كبار أعضاء الإدارة الأمريكية “تعكس مشاعر الرئيس الحقيقية تجاه ما يجري في إسرائيل”، مشيرًا إلى أن صبر واشنطن بدأ ينفد تجاه تصرفات حكومة نتنياهو.

في المقابل، حاولت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، تهدئة الأجواء، مؤكدة أن “خطة السلام للرئيس ترامب تسير في الاتجاه الصحيح”، وأن واشنطن تعمل عن قرب مع تل أبيب لتثبيت الهدوء وتنفيذ الاتفاق.

ورداً على الغضب الأمريكي، أصدر نتنياهو بيانًا باللغة الإنجليزية وصف فيه تصويت الكنيست بأنه “استفزاز سياسي متعمد من المعارضة”، في إشارة إلى محاولته احتواء الأزمة مع البيت الأبيض.

ويرى مراقبون أن نتنياهو يواجه معضلة سياسية داخلية بين سعيه لكسب دعم الأحزاب اليمينية المؤيدة للضم في الانتخابات المقبلة، وخشيته من خسارة الدعم الأمريكي الذي يُعدّ ركيزة أساسية لشرعيته السياسية.

من جانبه، وصف نائب الرئيس فانس تصويت الكنيست بأنه “حيلة غبية جدًا” و”إهانة شخصية” له، بينما اعتبر وزير الخارجية ماركو روبيو أن القرار “يهدد اتفاق السلام ويقوّض جهود التهدئة”.

وتشير التقديرات في واشنطن إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تمر بأخطر اختبار منذ سنوات، وسط مخاوف متزايدة من أن يؤدي سلوك حكومة نتنياهو إلى انهيار اتفاق غزة وتحول الخلاف السياسي إلى أزمة دبلوماسية مفتوحة بين الحليفين.