ثلاث نقاط تؤجل الرد الفلسطيني: مبادرة ويتكوف تصطدم بعقدة الضمانات والانسحاب والمساعدات

كشفت تقارير صحفية أمريكية أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أبدت تحفظات على عدد من البنود الجوهرية في مقترح التهدئة الذي طرحه المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف لوقف الحرب الدائرة في قطاع غزة. ووفقًا لما أورده موقع أكسيوس الإخباري، فإن الحركة رصدت ثلاث نقاط خلافية رئيسية تعرقل قبولها بالمبادرة الأمريكية رغم ما تحظى به من دعم إسرائيلي وأمريكي رسمي.
النقطة الأولى تتعلق بانعدام الضمانات الملزمة لتحويل الهدنة المؤقتة إلى وقف دائم لإطلاق النار. وتطالب حماس بتعهدات واضحة تحول دون تكرار سيناريو انهيار التهدئة السابقة في مارس الماضي، عندما استأنفت إسرائيل القتال من طرف واحد دون اتفاق نهائي، وهو ما تعتبره الحركة تهديدًا حقيقيًا لأي اتفاق مستقبلي.
أما النقطة الثانية، فتتعلق بغياب نص صريح بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي أعاد احتلالها بعد انهيار هدنة مارس، خصوصًا في شمال غزة وممر نتساريم. وتعتبر حماس أن تثبيت هذا الوجود العسكري على الأرض بعد أي تهدئة، يُفقد الاتفاق مضمونه ويجعل الاحتلال واقعًا دائمًا.
النقطة الثالثة التي أثارت قلق حماس، بحسب أكسيوس، هي عدم وضوح آلية توزيع المساعدات الإنسانية، لا سيما فيما يخص “صندوق المساعدات الجديد” الذي أُعلن عنه مؤخرًا بدعم أمريكي وأوروبي. وتخشى الحركة أن تُستخدم آلية التوزيع كورقة ضغط سياسي أو وسيلة لفرض شروط ميدانية غير معلنة.
وبينما أكد البيت الأبيض، يوم الخميس، أن إسرائيل وافقت رسميًا على مقترح ويتكوف، لم تصدر حماس موقفًا نهائيًا بعد، لكنها أعلنت أنها تدرس المقترح بعناية. وفي هذا السياق، نقلت وكالة رويترز عن القيادي في الحركة سامي أبو زهري أن المسودة المطروحة “تعكس الرؤية الإسرائيلية ولا تشمل التزامات بإنهاء الحرب أو انسحاب الجيش الإسرائيلي، كما لا تضمن تدفق المساعدات بالشكل المطلوب”.
من جهته، اعتبر الدكتور باسم نعيم، أحد كبار مسؤولي حماس، في تصريح لوكالة أسوشيتد برس، أن “الرد الإسرائيلي على المقترح يعني في جوهره تكريس الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة”، مؤكدًا أن الصيغة الحالية لا تلبي الحد الأدنى من مطالب الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها وقف العدوان ورفع الحصار.
ورغم هذا الموقف المتحفظ، أوضح نعيم أن حماس لا تزال تتعاطى مع المقترح بروح من المسؤولية الوطنية، في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة يعيشها القطاع المحاصر، وفي ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية لإيجاد مخرج سياسي من الأزمة المتواصلة منذ 7 أكتوبر 2023.
تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات الحالية تجري في ظل توسيع منظومة المساعدات الدولية بقيادة أمريكية لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، فيما تشير تسريبات إعلامية إلى أن المقترح الأميركي ينص أيضًا على مراحل لإعادة الانتشار العسكري الإسرائيلي بعد تنفيذ تبادل الأسرى، لكن دون تحديد جدول زمني واضح أو ضمانات قانونية ملزمة، وهو ما يضعف الثقة في إمكانية تنفيذ الاتفاق الكامل.
وبين تباين المواقف والتأرجح في التصريحات، تبقى فرص نجاح مبادرة ويتكوف مرهونة بقدرة واشنطن على تقديم ضمانات فعلية، وتحقيق توازن بين مطالب الطرفين، في وقت بات فيه المدنيون في غزة هم الخاسر الأكبر في ظل استمرار الحرب وتباطؤ الحلول السياسية.