جيش الاحتلال سيبدأ تحقيقاً حول إخفاقات العملية البرية في غزة
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

من المتوقع أن يشرع جيش الاحتلال الإسرائيلي قريباً بتحقيق شامل حول العمليات القتالية البرية في قطاع غزة على غرار التحقيقات في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي انتهت معظمها، وتُعرض حالياً على طاولة لجنة مختصة يترأسها اللواء احتياط سامي ترجمان.
ويُقدّر جيش الاحتلال أن تحقيقات العملية البرية ستستغرق نحو عام، ولكن تلك التي تكتمل خلاله قد تُعرض على رئيس الأركان والجمهور.
ومن بين ما ستشمله التحقيقات، أساليب القتال، وجاهزية القوات، وغياب الخطة لاحتلال القطاع والتعامل مع الأنفاق، والانتقادات الداخلية من قبل قادة ألوية وكتائب شاركوا في العدوان البري، وعدم القدرة على الحسم أمام حماس حتى اليوم، والذي يرى بعضهم أنه لا يزال بعيداً.
ويُعتبر ذلك، وفق ادّعاء صحيفة “يديعوت أحرونوت”، التي كشفت اليوم الثلاثاء عن التحقيق المرتقب، مؤشراً إضافياً على اقتراب نهاية الحرب.
وأوضحت أنه بعد أن أتمّ الجيش معظم التحقيقات المتعلقة بـ44 معركة رئيسية، والتحقيقات الاستراتيجية المرتبطة بإخفاقات السابع من أكتوبر، بدأ الجيش هذه الأيام بفحص شامل ومنظّم تحت إشراف قيادة هيئة الأركان -وهو موضوع حساس داخل الجيش أيضاً- حول أداء القوات في العدوان البري الكبير على قطاع غزة، والذي بدأ في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولفتت الصحيفة العبرية، إلى أنه حتى الآن، تم التحقيق في القتال البري الطويل والواسع النطاق في غزة، بشكل جزئي فقط، على مستوى الوحدات التي شاركت في العملية البرية، مثل الكتائب، والألوية والفرق، ولكن ليس بطريقة منهجية وشاملة، بحيث يؤدي هذا التحقيق إلى الاستمرار بل وتعزيز التغييرات الهيكلية الكبرى في الجيش للسنوات القادمة، وخصوصاً في القوات البرية، منذ تولّي رئيس الأركان إيال زمير مهامه.
وسيتطرق التحقيق إلى أساليب القتال، بما في ذلك غياب التخطيط. ومن المتوقع أن يعيّن الجيش قريباً ضابطاً رفيع المستوى برتبة لواء أو عميد لتنسيق تحقيقات المناورة البرية. ومن المرجح إجراء التحقيقات بأسلوب مشابه لتحقيقات معارك السابع من أكتوبر، بحيث تقوم طواقم تحقيق برئاسة جنرالات برتبة عقيد أو عميد بدراسة مواضيع ومحاور قتال مركزية في العملية البرية، بهدف استخلاص دروس طويلة المدى وعلى مستوى شامل.
وبحسب الصحيفة، أجرى جيش الاحتلال، منذ بدء حرب الإبادة، تحقيقات ميدانية فورية حول معارك قواته، ونقل الدروس المستخلصة على المستوى التكتيكي بسرعة إلى فرق القتال في الكتائب والألوية، من أجل التعلم السريع والاستعداد لأيام القتال التالية. ومع ذلك، لم تُجرَ بعد تحقيقات على مستويات أعلى.
ومن المتوقع أن يتناول التحقيق الشامل لهيئة الأركان، أساليب القتال التي تم اختيارها، بالإضافة إلى التخطيط العملياتي الذي لم يتضمن خطة احتياطية للسيطرة الكاملة على قطاع غزة، وذلك بسبب المفاهيم التي كانت سائدة في جيش الاحتلال ولدى المستوى السياسي في السنوات التي سبقت السابع من أكتوبر.
ونتيجة لذلك، اضطرت قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش إلى ابتكار خطة حرب عملياتية شاملة لمنطقتها في غضون أسبوعين فقط، في حين أن مثل هذه الخطط عادةً ما تُصاغ خلال شهور من العمل المنظم في هيئة الأركان، وتخضع لتحديثات منتظمة على مدار سنوات.
ويقدّر مسؤولون في جيش الاحتلال، أنه من الممكن أن تبدأ التحقيقات المتعلّقة بالعملية البرية خلال الأشهر القريبة القادمة، وإذا ما انتهت الحرب في غزة، فإن احتمال بدء التحقيقات في أوائل الخريف يزداد.
وفي كل الأحوال، من المتوقّع أن تبدأ التحقيقات حول المناورة في يناير/كانون الثاني 2026، حتى وإن استمرت المعارك في القطاع. وبحسب مسؤولين في الجيش لم تسمّهم الصحيفة فإن “حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر 1973) التي استمرت 18 يوماً احتاجت إلى سنة من التحقيق، لذا من المنطقي أن تستغرق التحقيقات هذه المرة أيضاً عاماً كاملاً، بعد حرب بهذا الطول”.
انتقادات داخل الجيش حول العمليات في غزة
في الأشهر الأخيرة، ازدادت الانتقادات، حتى من داخل جيش الاحتلال، حول أساليب القتال التي اختيرت في العملية الحالية “عربات جدعون”، وتشبه تلك التي استخدمها الجيش في عمليات الدهم المتكررة بعد “انتهاء” المناورة العام الماضي.
وتشمل هذه الأساليب، بحسب ادعائهم “أوامر إخلاء مسبقة للسكان على مدار عدة أيام، ما يُتيح لعدد كبير من عناصر حماس الفرار مع السكان المدنيين، ويترك فقط مجموعات صغيرة من المقاتلين داخل المناطق التي يدخلها الجيش”.
وكانت ذات الصحيفة، قد أوردت قبل أيام، انتقادات من قبل قادة كتائب وألوية، ناشدوا قيادة الجيش الإسرائيلي بالتحوّل إلى “أسلوب الحصار”، أي تطويق مفاجئ لمنطقة القتال ثم إخلاء السكان منها من خلال نقاط تفتيش، كما حدث خلال الأشهر العشرة الأخيرة في أماكن مثل جباليا ورفح بقطاع غزة.
وتبين في الآونة الأخيرة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، سلّم بعض تحقيقات معارك 7 أكتوبر إلى فرق مراقب الدولة، وذلك بعد تسوية توصل إليها رئيس الأركان والمراقب متنياهو إنجلمان، عقب أزمة طويلة منذ بداية الحرب. ومن المحتمل أن يقوم المراقب بفحص جودة هذه التحقيقات، بطريقة مشابهة لما تفعله لجنة ترجمان. وفي هذا السياق، أقام الجيش إدارة خاصة لتنسيق العمل المشترك مع مراقب الدولة.
في غضون ذلك، من المتوقّع أن يقدّم اللواء احتياط سامي ترجمان قريباً استنتاجاته إلى هيئة الأركان العامة، والتي ستشمل ليس فقط آراءه بشأن التحقيقات المتعلّقة بالمعارك، بل أيضاً استنتاجات شخصية قد تؤدي إلى إقالة ضباط متورطين في الإخفاقات التي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول وما زالوا يخدمون في الجيش.
ويتوقع مسؤولون في جيش الاحتلال أن تكون تقارير ترجمان شاملة وجريئة، وقد تكون الأقرب حتى الآن إلى استنتاجات مشابهة لتلك التي تخرج بها لجنة تحقيق رسمية.