الرئيسيةحكايا في زمن الحرب

حكايا في زمن الحرب.. نيفين الدواوسة: شاهدةٌ على المجازر ومنقذة للأرواح

"كأننا نولد من جديد، من قلب الموت والدمار؛ نعيد تعريف الحياة، ونصبح شهودًا على الألم."

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

حكايا في زمن الحرب إعداد: شيماء مقداد

لم تتوقع نيفين الدواوسة، ابنة الواحد والعشرين عامًا، أن تتحول من شابة تحلم بمستقبل مشرق إلى مسعفة تتنقل بين ركام الحرب، ورائحة الدماء في غزة، محمولةً على آلام وآمال من حولها.

ففي الوقت الذي يحاول فيه الجميع الهروب من جحيم القصف، تأخذ على عاتقها واجب إنقاذ الأرواح، مضحيةً بحياتها، لتصبح كل لحظة بالنسبة لها اختبارًا حقيقيًا للإرادة.

نيفين، التي كانت تعيش في مدينة بيت لاهيا، خسرت أكثر من 50 شهيدا من أفراد عائلتها، وخرجت منها مجبرة نازحة إلى جهة الغرب، بعد أن صارت شاهدة على المجازر و الدمار الذي لحق بحياتها وحياة أسرتها منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على شمال قطاع غزة وحصاره، تقول: “كان الأمر أشبه بكابوسٍ، كل شيء يتفكك من حولنا، حاولت أن أكون جزءًا من الحل، لا أن أكون مجرد ضحية، فبقيت في الشمال طوال عام بسبب نقص الممرضات والمسعفين”.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

لم تستطع البقاء مكتوفة الأيدي حين سمعت صرخات الجرحى، كان لزاما على نيفين أن تتحرك، تتحسس جروح الأطفال وأنينهم، تركض لإسعافهم وهي خائفة وجائعة ووحيدة.

وفي لحظات مروعة، شهدت على انهيار القيم الإنسانية تحت وطأة الحرب، حين تحولت المدرسة التي كانت مأوى لها و لآلاف من النازحين إلى ساحة لمجازر الإسرائيلية البشعة.

في ذلك الوقت، لم تكن نيفين مجرد مسعفة بل كانت صوتاً للحقيقة، توثق بصوتها المرتعش وبصورها المؤلمة واقعًا يفوق الوصف. تُظهر شجاعتها في الوقوف أمام آلة الحرب، وتضمد بيديها جراح أبناء شعبها المكلوم.

“أنت الشاهد اليوم على ما لا يُمكن نسيانه، تفتك بك الصواريخ، لكن ما يقتلك هو الحنين لحياة كنت تعيشها، وأحلام كنت تستيقظ من أجلها كل صباح”.

كانت أحلام نيفين بسيطة، تسير في شوارع المدينة في ضوء الصباح، تحلم بإقامة مشروع صغير يساعد عائلتها في التغلب على مشاق الحياة، وما أن بدأت بتحقيق الحلم، أطفأت الحرب بريقها، ودمرت مدينتها وقتلت سكانها، وأجبرتها على النزوح من مدينتها بعد عام كامل من الصمود.

لم يكن حلمها مجرد مشروع تجاري؛ بل كان تعبيرًا عن طموحاتها ورغبتها في تحقيق الاستقلال. ومع ذلك، وفي لحظة واحدة، سقطت قنابل الحرب على حلمها كالسحب السوداء، وتحول محل الهدايا الذي كان رمزًا للأمل إلى مجرد حطام.

“كل فقدٍ هو جرحً في القلب، لكن الأرواح التي ننقذها تعيد لنا الأمل، وتذكرنا بأن وجودنا هنا لسبب”.

لم تكن رحلة نيفين خالية أبدا من التحديات، فقد شهدت العديد من اللحظات المروعة، فقدت أصدقاءها المقربين، وشهدت أمهاتٍ يبكين على فقدان أبنائهن.

ومع تصاعد الأحداث، كانت تستجيب للنداءات العاجلة، تساعد الضحايا، وتقدم الدعم النفسي للذين فقدوا أحباءهم. تقول: “في كل مرة أساعد فيها مصابًا، أرى في عينيه صورة من كنت أحلم أن أكونه؛ شخصًا يحمل الأمل للناس على الرغم من كل الألم”.

وبينما يشتد الحصار وتغلق جميع منافذ الأمل، تجد نيفين نفسها في خضم أزمة إنسانية خانقة، حيث تشتد الحاجة للماء والغذاء. ومع انقطاع المساعدات الإنسانية، تواجه تحديات تفوق قدراتها البشرية، لكن عزمها على الصمود يصبح جليًا. تتجاوز كل الصعوبات، متمسكةً بفكرة أن الأمل هو ما يحفظ الروح حية حتى في أصعب الأوقات.

رغم كل ما مرت به، تستمر في أداء رسالتها الإنسانية، مشبعةً قلبها بالإيمان بأن الحياة يجب أن تستمر، وأن الأمل يجب أن يُزرع حتى في أكثر الأماكن ظلمة، تصبح نموذجاً للصمود والعطاء، حيث تمثل روح غزة المقاومة التي لا تُقهر، وتُعبر عن التزامها العميق برسالة المسعف الذي يتحدى الموت في كل لحظة.

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

كل ما تتمناه نيفين اليوم، أن تنتهي الحرب، ويكتفي العالم من الموت والدمار، وتعود لتنتشل عائلتها من تحت الأنقاض، وتودعهم وتدفنهم كما يليق بالشهداء.

حكايا في زمن الحرب
نيفين الدواوسة
حكايا في زمن الحرب
نيفين الدواوسة
حكايا في زمن الحرب
نيفين الدواوسة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى