الرئيسيةتقارير

حكاية الإنقسام الأسود من البداية للنهاية..

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الخامسة للأنباء – تقرير خاص – سعيد الطويل

تاريخياً الخلاف السياسي الفلسطيني لم يبدأ بأحداث الاقتتال الداخلي بين عناصر حركتيّ فتح وحماس في حزيران 2007، إنّما هو انقسام تعود جذوره إلى بدايات الانتفاضة الأولى أواخر العام 1987، وتحديداً مع تأسيس حركة حماس ، التي حملت أيديولوجية ومشروع خاص بها، إذ رفضت الاندماج في منظمة التحرير الفلسطينية.

بدأت حركة فتح في مرحلة “إعادة التفكير” فيما يتعلّق بالعمل العسكري المسلح ضدّ الكيان، والتوجه نحو نهج المفاوضات كسبيل لتحقيق السلام في فلسطين، وهو سبب آخر عمّق الفجوة بين فتح وفصائل المقاومة الفلسطينية، ومن بينها حماس، منذ ربع قرن مضى.

بعد قيام السلطة، برز الخلاف الأيديولوجي بين حماس وفتح فيما يتعلق بسُبل مواجهة الاحتلال فالسلطة لها مقدرات وفتح تحمي مشروعها ،وحماس حركة معارضة لها أساليبها في المقاومة

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول من العام 2000، هبت الفصائل الفلسطينية كافة لمواجهة إجرام الاحتلال الإسرائيلي ، وتوالت خلالها العمليات الفدائية التي كانت تقع في عمق الكيان؛ رداً على القتل الممنهج وحملات اعتقال الفلسطينيين بالجملة، من قبل جيش الاحتلال.

اتفاق القاهرة 2005

مارس 2005 وقبيل الانسحاب بأشهر ظهرت مرحلة جديدة بين حماس وفتح ، توحد فيها الهدف وهو مقاومة الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، وبدأت جهود مصالحة الطرفين، برعاية مصرية حتى التوصل لاتفاق القاهرة بين الفصائل، بالعام 2005

أهم ما نص عليه اتفاق القاهرة 2005:

▪︎أن تلتزم فصائل المقاومة بالتهدئة مقابل التزام “إسرائيلي” بوقف كافة أشكال العدوان ضد الفلسطينيين، والإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين.

▪︎عقد الانتخابات المحلية والتشريعية وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية.

▪︎اعتماد الحوار بين كافة القوى الفلسطينية، وتحريم الاحتكام للسلاح في الخلافات الداخلية.

الانتخابات التشريعية وما تبعها من أحداث

25 فبراير 2006: تنظيم ثاني انتخابات تشريعية فلسطينية بالضفة والقطاع، بعد انتخابات عام 1996، وهي أول انتخابات تشارك فيها حماس.

26 فبراير 2006: المفاجأة الكبرى بفوز كبير لحركة حماس بواقع 76 مقعداً من أصل 132 مقعداً، بينما فازت قائمة حركة فتح بـ 43 مقعداً، وقائمة ” أبو علي مصطفى ” بثلاثة مقاعد.

28 مارس 2006: رفضت حركة فتح المشاركة بحكومة أغلبيتها حمساوية، فشكّلت حركة حماس حكومة في قطاع غزة ، برئاسة اسماعيل هنية.

17 مايو 2006: وزير الداخلية السابق الشهيد سعيد صيام شكّل ما أسماه “القوة التنفيذية” بواقع 3 آلاف عنصر، من عدّة أجنحة عسكرية، بهدف “حماية المواطنين وممتلكاتهم”، كما أعلن صيام حينها.

وبعد تشكيل القوة التنفيذية بدأت الأحداث تلتهب في قطاع غزة بشكل خاص، إذ شبّت مواجهات دامية بين عناصر تلك القوة و كتائب القسام في المواجهة مع عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إذ راح ضحيّتها مئات الفلسطينيين بين قتلى وجرحى

تزامن مع أحداث الاقتتال الداخلي، موجة اغتيالات واعتقالات شنتّها قوات الاحتلال ضد قادة الفصائل في الضفة المحتلة وقطاع غزة، بهدف الضغط على الفلسطينيين.

حاولت أطراف عديدة وقف الدم الفلسطيني النازف في الشوارع والحارات.

وثيقة الأسرى ومرحلة كسر العظم

25 مايو 2006: انعقاد الحوار الوطني، تحت مظلة “وثيقة الأسرى” التي أطلقتها  قيادات الأسرى لتحقيق المصالحة بين حركتي حماس وفتح، والتي لاقت ترحيباً من الفصائل.

فشل الحوار وفشلت بعده كل الجهود والوساطات التي حاولت إنهاء الاشتباكات بين حركتي فتح وحماس.

ديسمبر 2006: دعا الرئيس محمود عباس إلى عقد انتخابات تشريعية جديدة، وهو ما رفضته حماس بشكل مطلق، ما أشعل الأوضاع مجدداً.

واستمرت أجواء التوتر مع دخول عام 2007.

اتفاق مكة الشهير

8 فبراير 2007: وقعت حركتا فتح وحماس “اتفاق مكة”، بمبادرة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي دعا الطرفين للحوار في بلاده، وجرى الاتفاق على تشكيل الفصائل حكومة وحدة وطنية، وهو ما باء بالفشل أيضاً، ولحقه اشتباكات أخرى.

نص اتفاق مكة على الآتي:

▪︎تحريم دم الفلسطيني، واتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات، التي تحول دون إراقته. واعتماد لغة الحوار كأساس وحيد لحل الخلافات السياسية في الساحة الفلسطينية.

▪︎تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.

▪︎تفعيل وتطوير وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية

أحداث الانقسام الأسود

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

14 يونيو 2007: استمرّت الاشتباكات بين عناصر حماس “القوة التنفيذية” وعناصر فتح “الأجهزة الأمنية”، حتى تاريخ 14 يونيو، تخلّلها عمليات اطلاق نار متبادل وخطف بين الطرفين، وانتهت تلك الأحداث الدموية بسيطرة حركة حماس على كل المواقع الأمنية في قطاع غزة، وبعد هذا التاريخ بات القطاع بالكامل تحت سيطرة حماس.

في ذات اليوم: أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حالة الطوارئ، وأقال حكومة اسماعيل هنية، والتي رفضت قرار الرئيس، معلنةً أنها ستواصل عملها كحكومة تسيير أعمال، فيما كلّف عباس سلام فياض، رئيس الوزراء السابق، بتشكل حكومة جديدة.

ماذا حدث بعد انتهاء الحرب الأولى على غزة ؟

مطلع 2009: بعد انتهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والذي استمر 21 يوماً، وخلّف نحو 1300 شهيداً، تجدّدت الوساطة بين فتح وحماس، برعاية مصرية،  إذ أعدّت القاهرة خلاصة أفكارها فيما باتت تعرف بـ”الورقة المصرية” وطرحتها في سبتمبر 2009.

لم تؤت الجهود المصرية ثمارها، بسبب تعنّت حركة حماس، ورغبتها بإضافة تعديلات على الورقة المصرية، التي كانت وافقت عليها فتح.

منتصف 2010: لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان، عُقد على أثره لقاء بين فتح وحماس بالعاصمة السورية دمشق بتاريخ 9 نوفمبر 2010، وجرى الاتفاق على عقد لقاء آخر، وهو ما لم يحدث، وتبادلت الحركتان الاتهامات بالمسؤولية عن تعطيله.

حراك 15 آذار

15 آذار 2011: امتداداً لموجات الثورات العربية، ارتفعت أصوات الشباب الفلسطيني مطالبين بإنهاء الانقسام والعودة للوحدة الوطنية، وكانت تظاهرات 15 آذار التي خرجت بالتزامن في غزة والضفة المحتلة، إلّا أنها قوبلت بالصدّ والقمع.

⭕️الوثيقة المصرية 2011

4 مايو 2011: وقعت الفصائل الفلسطينية بالقاهرة على الورقة المصرية، التي كانت طُرحت سابقاً (وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني)، وأقيم احتفال موسع بحضور الرئيس عباس والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزير خارجية مصر في حينه نبيل العربي، إضافة لخالد مشعل.

نصت الورقة المصرية 2011 على الآتي:

تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، بحيث تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية، وانتخاب مجلس وطني جديد.

إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة بإشراف عربي ودولي.

إعادة بناء وهيكلة وتوحيد الأجهزة الأمنية.

إضافة لبنود أخرى لها علاقة بالمصالحة الاجتماعية، وتشكيل لجنة وطنية من الفصائل لتنفيذ الاتفاق.

لم يكن مصير الورقة المصرية مغايراً لما سبقها من جهود لإنهاء حالة التشرذم والانقسام الفلسطيني، إذ لم يتم العمل بما جاء فيها، حتى اللحظة.

إعلان الدوحة 2012

6 فبراير 2012: توقيع “إعلان الدوحة” للمصالحة الفلسطينية، بحضور أمير قطر في العاصمة القطرية الدوحة، ووقع الإعلان الرئيس محمود عباس، نيابة عن حركة فتح، وخالد مشعل نيابة عن حركة حماس، بهدف تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية.

إعلان الدوحة نص على الآتي:

التأكيد على الاستمرار في خطوات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة محمود عباس، تكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء في إعمار غزة.

التأكيد على استمرار عمل اللجان التي تم تشكيلها.

التأكيد على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة “الورقة المصرية” لبدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في الضفة الغربية وقطاع غزة و القدس .

ظلّت الأوضاع في قطاع غزة والضفة المحتلة، على حالها، بعد “الورقة المصرية” و”إعلان الدوحة”، دون تغيّر واحد يُذكر باتجاه إنهاء الانقسام، حكومتان منقسمتان، اعتقالات سياسية من الطرفين، وجمود في السعي لتطبيق ما تم الاتفاق عليه لتحقيق المصالحة، حتى تاريخ 23 إبريل 2014.

اتفاق الشاطئ 2014
23 إبريل 2014: أعلنت حركتا فتح وحماس التوصل لاتفاق مصالحة، تحت مظلة اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، بعد لقاءات جرت بين الطرفين على مدار يومين، وهو ما عُرف باتفاق “الشاطئ”.

اتفاق الشاطئ نص على الآتي:

العمل على إنشاء حكومة توافق وطني تعلَن خلال 5 أسابيع.

إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، بعد 6 أشهر على الأقل، من تشكيل الحكومة.

2 يونيو 2014: أدّت حكومة الوفاق الوطني اليمين القانونية، وضمت في عضويتها وزراء من الضفة الغربية وقطاع غزة على أمل وضع حد للانقسام المستمر منذ العام 2007.

وكسابقه، فشل اتفاق الشاطئ في تحقيق المصالحة، إذ لم يستطع حسم ملفات هامة وحساسة، ظلّت العائق أمام إنهاء الانقسام، وتفعيل حكومة الوفاق، أبرزها ملف رواتب موظفي حكومة غزة السابقة، وملف معبر رفح، إضافة لأزمة الكهرباء المتفاقمة، وملف الانتخابات.

لقاءات الدوحة 2016

فبراير 2016: عقدت حركتا فتح وحماس عدة لقاءات متتالية بالعاصمة القطرية الدوحة، واكتفى الطرفان بعدها بالإعلان عن توصلهما إلى “تصور عملي” لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني، بدون الإفصاح عن مضمونه، ولم يتغير شيء  على الساحة الفلسطينية بعد تلك اللقاءات.

الاتفاق الكبير في القاهرة 2017

تسلمت هيئة المعابر والحدود في السلطة الفلسطينية رسميا في اكتوبر 2017 مسؤولية معابر قطاع غزة، بحضور وزراء من الحكومة الفلسطينية ومسؤولين في المخابرات المصرية، حسب الجدول الزمني الذي حدده اتفاق القاهرة الموقّع بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مؤخرا.

وتسلمت السلطة الفلسطينية كافة مهام العمل والإشراف بشكل رسمي على معبر رفح الحدودي مع مصر، ومعبر كرم أبو سالم التجاري جنوب قطاع غزة، إلى جانب معبر بيت حانون “إيريز” شمال القطاع.

وصل حينها وفد مصري إلى قطاع غزة عبر حاجز بيت حانون، برئاسة القنصل المصري في رام الله خالد سامي واللواء همام أبو زيد، وذلك للإشراف على عملية تسليم المعابر الحدودية للحكومة الفلسطينية.

وينص اتفاق المصالحة -الذي وقعته حركتا فتح وحماس برعاية مصرية في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي- على تسليم إدارة معابر القطاع للحكومة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.

لقاءات الفصائل في اسطنبول 2020

في 24 سبتمبر/أيلول 2020، خرجت حركتا فتح وحماس ببيان مشترك أعقب اجتماعات في العاصمة التركية إسطنبول، بُحثت خلالها المصالحة الفلسطينية عبر الذهاب للانتخابات وحلحلة الملفات العالقة بين الحركتين منذ الاقتتال الفلسطيني صيف 2007، وقرر الطرفان إحالة ما توافقا عليه إلى لقاء قيادي يجمع الأمناء العامين للفصائل، ويسبق إعلان الرئيس الفلسطيني رسميا عن موعد الانتخابات.

وقالت حركتا فتح وحماس إنه وخلال اجتماعاتهما في إسطنبول الشهر الماضي، جرى إنضاج رؤية متفق عليها تقدم للحوار الوطني الشامل بمشاركة القوى والفصائل الفلسطينية، ويتم الإعلان النهائي والرسمي عن التوافق الوطني في لقاء الأمناء العامين تحت رعاية الرئيس محمود عباس، على أن لا يتجاوز ذلك الأول من أكتوبر/تشرين الثاني، ليبدأ المسار العملي لتطبيق المصالحة الفلسطينية.

اتفاق الجزائر 2022 (الفرصة الأخيرة)

بعد قرابة سنة من اللقاءات المتوالية، تمكنت مبادرة الجزائر من جمع شتات الفصائل الفلسطينية، بالتوقيع،
، على اتفاق جديد باسم “إعلان الجزائر”. في 12 أكتوبر2022

واختارت الجزائر بعناية مكانًا يحمل رمزية تاريخية عميقة في الذاكرة الفلسطينية، لاحتضان حفل مراسيم التوقيع على “وثيقة المصالحة”، وهو القاعة الكبرى لقصر المؤتمرات بالعاصمة، والتي شهدت انعقاد “المجلس الوطني الفلسطيني” وإعلان الرئيس ياسر عرفات قيام الدولة الفلسطينية في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1988.

وأكد الاتفاق المعلن “اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام، واعتماد لغة الحوار والتشاور لحل الخلافات على الساحة الفلسطينية، بهدف انضمام الكل الوطني إلى منظمة التحرير الفلسطينية”.

ونصت مبادرة الجزائر على “تفعيل آلية الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لمتابعة إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية والشراكة السياسية الوطنية”.

وشدد الإعلان على “تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك عن طريق الانتخابات، وبما يسمح بمشاركة واسعة في الاستحقاقات الوطنية القادمة في الوطن والشتات”.

واليوم وفي الذكرى السادسة عشر للانقسام الأسود، نقول أنه
لا يوجد تحوّل من سلطة إلى دولة فلسطينية، حقّاً، قبل إنهاء الانقسام الفلسطيني– الفلسطيني. وقد باتت لهذا الانقسام تداعيات وأمر واقع نتج عنه، لم يعد ممكناً معالجته بمجرد التوصل لاتفاقيات، الأمر يحتاج انتخابات وتنفيذ الإتفاقيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى