أقمار الصحافةالرئيسية

حمزة الدحدوح.. الصحفي الذي رفض الرحيل واختار البقاء في قلب المعركة

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

حمزة الدحدوح.. أقمار الصحافة إعداد: طارق وشاح

في زمنِ أصبحت فيه الشهادةُ هي الثمن الذي يدفعهُ من يرفع صوت الحقيقة، كان حمزة شاهداً لا يُرغم، وصوتاً لا يخفت ،فلم يكن مجرد صحفيٍ يوثق، بل كان ابناً باراً، ورفيقَ دربٍ لأبيه، وصاحب رسالةٍ آمن بها حتى الرمق الأخير.

وُلد الشهيد الصحفي حمزة وائل الدحدوح في السابع من تموز/ يوليو 1996 في مدينة غزة. ترعرع بين أحضانها، وتشرب حبها من والده الصحفي المخضرم وائل الدحدوح.

في مدارس غزة أنهى تعليمه الأساسي، ثم سار على خطى والده فالتحق بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، ليتخرج حاملاً شهادة البكالوريوس في الصحافة والإعلام.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

لم يبحث حمزة عن بريق الشهرة، بل بدأ مشواره من القاعدة، كمساعد مصور ومعاون في غرف التحرير الميدانية لقناة الجزيرة خلال تغطية الحروب على غزة. ثم انتقل إلى شركة “عين ميديا” التي أسسها الشهيدان ياسر مرتجي ورشدي السراج، ليتدرب ويعمل برفقة طواقمها، مُصقلًا موهبته وإرادته.

الابن والرفيق في قلب العاصفة :

عندما اندلعت حرب الإبادة الجماعية على غزة، كان حمزة حاضرًا إلى جانب والده في الميدان لتغطية يوميات العدوان في كافة مناطق القطاع. كأحد أفراد طاقم الجزيرة بغزة، وهو أكبر أبناء الزميل وائل الدحدوح.

يقول والده وائل الدحدوح بكلمات تختزن كل آلام الأرض وأمل المؤمنين: “ماضون رغم الحزن والفقد، باقون على العهد في هذا الطريق الذي اخترناه طواعية وسقيناه بالدماء”.

ثم يتساءل بألم الأب: ” فكيف إذا كان الولد البكر؟“، لافتا إلى أن نجله حمزة كان كل شيء بالنسبة له. وأن هذه “دموع الحزن والفراق وليست دموع الخوف والجزع“، هي “دموع الإنسانية التي تفرقنا عن أعدائنا، نرجو أن يرضى الله عنا ويكتبنا مع الصابرين“.

الصديق والزميل.. الهمة والأخلاق

يتذكر المصور الصحفي محمد أبو دقة زميله حمزة فيقول.: عملت مع الشهيد حمزة على مدار فترات طويلة، كان خلالها مثالا يحتذى به في المهنية والأخلاق الرفيعة، والهمة العالية.

ويضيف: “حمزة إنسان حنون، معطاء، ويحب المهنة ويعشقها مثل أبيه. كان لديه إحساس كبير بمعاناة سكان غزة وحرص على كشف جرائم الاحتلال“.

ويكشف أبو دقة عن قرار حمزة المصيري، قرار البقاء، فيقول إن حمزة رفض السفر من قطاع غزة قبل أسبوع من استشهاده. وقرر البقاء ليكمل رسالته الإعلامية، وليبقى إلى جانب والده.

الوصية الأخيرة من حمزة الدحدوح لوالده قبل يوم من استشهاده

إنك الصابر المحتسب يا أبي، فلا تيأس من الشفاء ولا تقنط من رحمة الله، وكن على يقين أن الله سيجزيك خيرًا لما صبرت“.

بهذه الكلمات المؤثرة ، وجه حمزة رسالته الأخيرة لوالده عبر مواقع التواصل الاجتماعي. لم يكن يعلم أنها ستكون آخر منشوراته، كلمات حملت كل الحب والوفاء والإيمان. لتهدي أباً كان بحاجة إلى كلمة قوة من ابنه البكر.

الفقدان يتوالى.. الأم والأخت والأخ

لم يكن رحيل حمزة أول فقدان في العائلة، ففي 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ارتقت أمه آمنة الدحدوح. وأخته شام، وأخيه محمود، وابن شقيقته آدم، مع عدد من أفراد العائلة. بعد أن قصفت طائرات الاحتلال المنزل الذي نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

الشهادة .. في طريق الحقيقة

وفي السابع من كانون الثاني/ يناير 2024، ارتقى حمزة الدحدوح شهيداً برفقة زميله مصطفى ثريا. في جريمة حرب جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الإجرامي.

قصفت طائرات الاحتلال سيارةً كانت تقل مجموعة من الصحفيين خلال عملهم ضمن طاقم الجزيرة في منطقة نزوح المدنيين.

رحل حمزة جسداً، لكنه ترك وراءه إرثاً من الوفاء: الوفاء للوطن، والوفاء للحقيقة، والوفاء للأب. لقد اختار البقاء فكتب اسمه في سجل شهداء أقمار الصحافة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى