دليانيّ: الاحتلال يسعى لتفكيك المكون الوطني والمجازر لا تفرق بين كنيسة ومسجد
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

أكد رئيس التجمع الوطني المسيحي ديمتري دلياني، أن الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق بين مسلم ومسيحي، وأن ما يعيشه أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية المحتلة هو تجسيد حي لسياسة إسرائيلية تهدف إلى تفكيك المكون الوطني الفلسطيني بكل تنوعاته التاريخية والثقافية، وصولا للتطهير العرقي، الذي يشكل الهدف الصهيوني الأول.
وشدد على أن ما يتعرض له الفلسطينيون من مسلمين ومسيحيين في الضفة والقدس وغزة، هو تنفيذ ممنهج لسياسة إسرائيلية تهدف لتفكيك المكون الوطني بكل اشكاله. لافتا إلى أن الهدف الصهيوني لم يعد خفيا، وهو السعي إلى تطهير عرقي يمحو الهوية الوطنية الجامعة.
وقال دلياني في حديث لصحيفة فلسطين ، إن الفلسطينيين المسيحيين يتعرضون للملاحقة المتواصلة والمصادرة المستمرة ومحاولات الاقتلاع التي يواجهها الفلسطيني المسلم.
مشيرا في هذا الصدد إلى اعتداءات إسرائيلية مباشرة تطال كنائس ومقابر وأوقاف مسيحية، ضمن مشروع إحلالي يستهدف تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين.
ويشير إلى ما سجلته تقارير مجلس الكنائس من ارتفاع بنسبة ٤٨ في المئة، في الاعتداءات على المقدسات المسيحية منذ بداية العدوان على غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، ما يدل على أن هذا الاستهداف الإسرائيلي ليس استثناء بل سياسة مدروسة.
وأكد أن العراقيل القانونية والإدارية الإسرائيلية أمام ترميم الممتلكات الكنسية ليست سوى أدوات لتقويض الوجود التاريخي فوق الأرض الفلسطينية، إذ توظف القوانين كوسيلة لعرقلة أي شكل من أشكال الصمود، دون تمييز بين وقف إسلامي أو ملكية كنسية، باعتبارهما عوائق أمام المشروع الكولونيالي الإسرائيلي.
مجازر يومية بحق مسيحيي غزة
وتطرق دلياني لمعاناة المسيحيين في غزة جراء القصف والمجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، مشيرا لاستشهاد ٢٩ مسيحيا إثر قصف كنيسة القديس يرفيريوس بغزة، كما قتلت سيدة وابنتها في كنيسة اللاتين، ما يؤكد أن الاستهداف الإسرائيلي يطال كل فلسطيني.
وذكر أن تعداد المسيحيين في غزة تراجع خلال فترة حرب الإبادة المتواصلة إلى أقل من ٧٥٠ شخصا، يعيشون في ظروف إنسانية قاسية.
مشروع استعماري إحلالي
وبين أن سياسات الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني تمارس في إطار مشروع استعماري إحلالي جوهره نفي الهوية الفلسطينية بكل تنوعاتها الثقافية والدينية، وسحق الوجود الوطني الفلسطيني من جذوره. وأردف، دولة الاحتلال لا تتعامل مع الفلسطيني كفرد من طائفة أو ديانة، بل كجزء من كيان وطني يجب كسره أو تطهيره عرقيا، أو استيعابه قسرا ضمن منطق القوة والهيمنة.
وشدد على أن الفلسطينيين المسيحيين خبروا منذ ما قبل النكبة (١٩٤٨) وحتى حرب الإبادة الحالية على غزة، أن هويتهم الوطنية تشكل دافعا لمزيد من الثبات والانتماء، وهذا ما يجعلهم شركاء أصليين في النضال، انطلاقا من رؤية إنسانية ووطنية راسخة، ترى أن مواجهة الاحتلال تتطلب وحدة الموقف لا تعدد الولاءات.
ويتابع القول، هذا الانتماء الفلسطيني الجامع هو ما تسعى دولة الاحتلال إلى ضربه عبر التفريق بين أبناء الشعب الواحد، لكن التجارب التاريخية أثبتت ان المحاولات الإسرائيلية لزرع الشقاق فشلت، وستظل تفشل، أمام وعي شعب يعرف جيدا أن نجاته من الظلم لا تمر إلا بوحدته.
خطاب زائف
ووجه دلياني انتقادات للخطاب الإسرائيلي الذي يستخدم الدين كستار لإخفاء مشروعه الاستعماري، واصفا ذلك ب”المشروعية الزائفة”، مكملا القول، إن الحديث عن صراع ديني أو حضاري ليس إلا محاولة لتزوير الحقائق أمام الرأي العام الدولي، وتبرير القتل والتدميى باسم نصوص دينية يتم تسييسها بطريقة مريبة وخطيرة.
وعن دور الكنائس الفلسطينية في مواجهة رواية الاحتلال، قال دلياني، إن الكنائس لم تكتف بالشجب، بل انخرطت في جهود دبلوماسية وإنسانية واسعة، مستخدمة منصاتها الدولية لفضح جرائم الاحتلال.
وبين أن الكنائس الفلسطينية تعمل على فضح الرواية الإسرائيلية لدى نظيراتها في الغرب، وتدفع باتجاه تبني خطاب حقوقي إنساني يعيد الاحتلال لحقيقة أن ما يجري هو “استعمار عنصرب مغلف بشعارات زائفة”.
كما ساهمت كنائس القدس بالتعاون مع مؤسسات دولية في تقديم مساعدات طبية وغذائية لأهالي غزة، وكذلك أطلقت حملات تضامن في أوروبا رغم قيود الاحتلال على وصول هذه المساعدات، ما يؤكد الطبيعة اللاإنسانية لهذا الاحتلال. اختبار الضمير الإنساني ووجه دعوته لمسيحيي العالم لتجاوز العاطفة الدينية نحو موقف مبدئي أخلاقي، يرى في القضية الفلسطينية نموذجا لاختبار الضمير الإنساني، ويطالبهم بكسر الصمت والضغط على حكوماتهم لوقف الدعم للاحتلال، ودعم المبادرات التي تعزز بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه.
واعتبر أن الوقوف مع فلسطين ليس خيارا سياسيا فقط، بل موقفا أخلاقيا وروحيا يجب أن تتجلى فيه معاني العدالة، تماما كما فعلت الكنائس التي دعمت إنهاء الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وشدد في ختام حديثه على القول، “في زمن ترتكب فيه المجازر باسم الحضارة يصبح الصمت خيانة، ويغدو الوقوف إلى جانب فلسطين معيارا للحق والإيمان والكرامة”.