دلياني: في صميم كل أم فلسطينية قلبٌ يتألم.. وجبهةٌ تصمد.. ورسالةٌ لا يستطيع الرصاص إسكاتها

“في الوقت الذي تنحني فيه شعوب الأمة العربية إجلالًا للأم، باعتبارها صانعة القيم ومهندسة البُنى الأخلاقية للمجتمعات، تتجسّد الأمومة في فلسطين، وتحديدًا في غزة، كحالة نضالية فريدة تجاوزت أبعادها الرمزية، لتغدو في صميم معركة وجودية تستهدفها عقيدة عسكرية صهيونية ترى في استمرارية الحياة الفلسطينية تهديدًا ينبغي تصفيته”. وبهذه العبارات التي تعكس خصوصية الأمومة الفلسطينية تحت القصف والحصار، استهل ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، تهنئته للأم الفلسطينية في ذكرى عيدها، مؤكدًا أن ما تواجهه الأم في فلسطين، لم يَعُد يُقاس بميزان الحنان والعطاء، بل بمعايير الصمود والمواجهة في وجه مشروع استيطاني إباديّ لا يستهدف الأرض فحسب، بل يسعى لاقتلاع الإنسان الفلسطيني من جذوره الحيوية والتاريخية.
وأكد القيادي الفتحاوي أن الأم الفلسطينية، وبالذات في غزة، أصبحت مُستهدَفة بوصفها تجسيدًا حيًّا لجوهر وجودنا الوطني، مشيرًا إلى أن استهدافها هو تجسيد لعقيدة ترى في الرحم الفلسطيني بُنية ديمغرافية ينبغي سحقها. وقال: “حين يُذبح أكثر من 18,000 طفل وطفلة فلسطينيين – أي ما يقارب 40% من أصل أكثر من 48,000 شهيد وشهيدة سقطوا خلال سبعة عشر شهراً من حرب الابادة – تحت أنقاض 85,000 طن من المتفجرات الاسرائيلية التي أُلقيت عمدًا على أحياء مدنية، لا يمكن تفسير ذلك إلا كجزءٍ من بنية استراتيجية تستهدف الأم ذاتها، بوصفها حاضناً بيولوجيًا للاستمرارية الوطنية”.
وأضاف دلياني: “إن القصف الإسرائيلي المتعمد على مراكز التلقيح الاصطناعي، وأقسام الولادة في المستشفيات، وعلى كل ما يمتّ إلى القدرة على الإنجاب والرعاية، تمثّل خرقًا صارخًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وتُجسّد الإرادة السياسية للاحتلال في تقويض الحق الفلسطيني في الحياة من منبعه الأصيل: الأم”.
واستطرد دلياني قائلاً: “في غزة، كل أنشودة أُم لطفلها تُخنق بطائرة استطلاع، وكل مهد مولود يُدفن تحت الأنقاض، وكل بكاء رضيع يُخمد بطلقة قناص إسرائيلي، لتصبح الأمومة نفسها ساحة معركة وصورة صادمة لفداحة الانحطاط الأخلاقي في العقيدة العسكرية والسياسية الإسرائيلية”.
وفي ختام تصريحه، شدّد المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح على أنّ الأمهات الفلسطينيات لسن مجرّد شهودٍ على المأساة، بل هنّ جبهة الصمود الأخلاقي والوجودي في معركة البقاء الفلسطيني، ويمثّلن الدرع الأخير في وجه عقيدةٍ عنصريةٍ اباديةٍ تستهدف استئصال الذات الوطنية من رحمها. وأردف: “صمود الأم الفلسطينية هو في جوهره فعل مقاومة وجودية ورسالة حضارية للعالم مفادها أن الأم التي تُنجب رغم الموت، وتحتضن رغم القصف، وتناضل رغم الألم، هي الحارس الأخير لهذا الوطن، وضمانةٌ حقيقيةٌ لاستمراريته عبر الأجيال، وانه في صميم كل أم فلسطينية قلبٌ يتألم، وجبهةٌ تصمد، ورسالةٌ لا يستطيع الرصاص إسكاتها.”