دمار هائل في رفح تكشفه أقمار صناعية مع تواصل اجتياح الاحتلال
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
نشر موقع “بيلينغكات”تقريرا مدعما بصور الأقمار الصناعية، يظهر مدى الدمار الذي لحق بمدينة رفح، ولجوء سكانها الذين أجبرهم الاحتلال على النزوح منها، إلى البحث عن تحديثات هذه الصور، للاطمئنان على منازلهم، في ظل استمرار الاجتياح الإسرائيلي للمدينة للشهر الرابع على التوالي.
ويقول أحد سكان حي تل السلطان الواقع غرب رفح عبر موقع “إكس”: “من فضلكم، هل يمكنكم مساعدتي في الحصول على صورة حديثة لمنطقتي السكنية في تل السلطان للتحقق من وجود منازلنا؟”.
وأشار التقرير إلى أن مثل هذه الطلبات، أصبحت منتشرة لدى العديد من الباحثين في المصادر المفتوحة، الذين يوثقون اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة منذ أكثر من 10 أشهر.
في هذه المناسبة، كانت القضية الأوسع نطاقا، كان موقع بلينغكات يراقبه بالفعل منذ عدة أسابيع.
بقي 224 مبنى فقط قائما في تل السلطان
في أيار/ مايو من هذا العام، غزت القوات الإسرائيلية مدينة رفح من أجل فرض سيطرتها على الحدود بين غزة ومصر – وهي شريط من الأرض يبلغ طوله ثمانية أميال ويشار إليه باسم “ممر فيلادلفيا”. وأظهرت الصور الأخيرة التي قدمتها Planet Labs PBC قدرا كبيرا من الدمار ليس فقط على طول الممر، ولكن في الأحياء التي تبعد كيلومترين عن الحدود مثل منطقة شرق تل السلطان.
وباستخدام بيانات البناء من OpenStreetMap، وجد موقع بلينغكات أنه من بين حوالي 670 مبنى في الحي الشرقي من تل السلطان، بقي 224 مبنى فقط قائما.
وبناء على الصور التاريخية من Google Earth، من الممكن أن نرى أن المنطقة السكنية إلى حد كبير تم بناؤها منذ أكثر من عقد من الزمان. ولكن تم هدم معظم المباني بين 18 تموز/ يوليو و4 آب/ أغسطس 2024، بعد وصول الجيش الإسرائيلي. وكان المنزل الذي حدده الفرد الذي تواصل عبر X أحد تلك التي تم هدمها.
وفي أيار/ مايو، حدد الرئيس الأمريكي جو بايدن “خطا أحمر” لإسرائيل خلال مقابلة مع شبكة CNN. إذا دخلت القوات الإسرائيلية إلى المراكز السكانية في رفح، مثل تل السلطان، فإن إدارته ستبدأ في الحد من الأسلحة التي ستزودها الولايات المتحدة لإسرائيل. وعندما سُئل عن الخط الأحمر بعد أيام، أوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن الرئيس أشار على وجه التحديد إلى “عملية عسكرية كبرى” في رفح.
لم يتغير موقف إدارة بايدن منذ ذلك الحين. سأل موقع بلينغكات وزارة الخارجية الأمريكية عما إذا كان الجيش الإسرائيلي قد تجاوز أي خطوط حمراء، لكنه لم يتلق إجابة بحلول وقت النشر.
ومع ذلك، تُظهر صور الأقمار الصناعية الإضافية من Planet Labs كيف تغيرت المناظر الطبيعية لأجزاء أخرى من رفح وجنوب غزة، إلى جانب تل السلطان فقط، بشكل كبير منذ أيار/ مايو.
تضرر مساحات شاسعة
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يتمتع “بالسيطرة العملياتية” على ممر فيلادلفيا في أواخر أيار/ مايو. وتُظهر صور الأقمار الصناعية الأخيرة أنهم يحافظون على وجود عسكري على طول الممر.
وتُظهِر صور Planet Labs أن مساحات شاسعة من رفح تضررت أو دُمرت منذ بدأت القوات الإسرائيلية عمليتها البرية في المدينة. وقد علَّق موقع بلينغكات على صور قبل وبعد قسم من رفح يمتد من معبر الحدود مع مصر إلى الساحل.
وباستخدام أداة تتبع الأضرار التي طورها المساهم في بلينغكات أولي بالينغر، تقدر بلينغكات أن ما يقرب من 8500 مبنى تضررت أو دُمرت في هذه المنطقة وحدها من جنوب غزة، منذ بداية الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي وحتى تموز/ يوليو من هذا العام. ومن المرجح أن يكون الرقم أعلى؛ نظرا للدمار الذي ظهر في صور آب/ أغسطس الأحدث من Planet Labs.
وتُظهِر البيانات الصادرة عن مجموعة رسم خرائط الأضرار اللامركزية، التي تستخدم بيانات رادار سنتينل-1 لتحديد الأضرار في جميع أنحاء قطاع غزة، أن ما يقرب من 44% من جميع المباني في محافظة رفح في جنوب غزة قد تضررت أو دمرت.
وتشير تقارير المراسل العسكري لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، إلى أن الجيش الإسرائيلي يخطط لتوسيع ممر فيلادلفيا بعمق يصل إلى 800 متر في جنوب غزة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تدمير المزيد من المنازل ومعظم مدينة رفح.
قال الجيش الإسرائيلي لموقع بلينجكات: “تنبع خطة توسيع طريق فيلادلفيا من الحاجة إلى تحسين البنية التحتية لسفر المركبات والمركبات المدرعة. […]. الهدف من توسيع الطريق هو تقليل عدد هذه الحوادث، وتوفير وصول أكثر أمانا للسائقين إلى المنطقة. سيعمل هذا الإجراء على تحسين القدرات العملياتية للجيش الإسرائيلي، وحماية أرواح الجنود والمدنيين على حد سواء”.
تُظهِر صور الأقمار الصناعية أن الجيش الإسرائيلي هدم كتلا كاملة من المدينة على طول هذا الطريق، بما في ذلك مخيم البرازيل للاجئين وحي السلام. وهذا شيء حدث في أجزاء أخرى من قطاع غزة في الماضي.
تقع القرية السويدية على الساحل بجوار الحدود مع مصر، وقد أهملت هذه القرية الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 1300 نسمة إلى حد كبير قبل الحرب، وواجهت العديد من المشاكل التي تتراوح بين الافتقار إلى الخدمات الأساسية وتآكل السواحل.
تجمع قوات الاحتلال
تُظهِر صور الأقمار الصناعية من Planet Labs أنه بين 5 حزيران/ يونيو و7 حزيران/ يونيو، هُدِم معظم القرية من قبل الجيش الإسرائيلي. وتُظهِر صور أحدث من 22 آب/ أغسطس ما يبدو أنه منطقة تجمع من الحصى تم بناؤها حديثا، وطريق يربط بين الساحل بناه الجيش الإسرائيلي.
هناك مناطق في ممر فيلادلفيا استخدمها الجيش الإسرائيلي كمناطق تجمع لقواته في أثناء العملية في رفح.
في تموز/ يوليو، أظهر مقطع فيديو نشره الجناح العسكري لحماس، كتائب القسام، مقاتلين يستهدفون مركبات تابعة للجيش الإسرائيلي، تقع في مجموعة من المباني بالقرب من تل زعرب، وهو تل يقع على طول الحدود بين غزة ومصر.
تُظهر صور الأقمار الصناعية من Planet Labs أن المباني المستخدمة كنقطة انطلاق، تم هدمها بين 6 و17 تموز/ يوليو. وبناء على ما هو مرئي في مقطع فيديو مصور من الجو من حماس، فمن المرجح أن مقطع الفيديو الخاص بهم تم تصويره في حزيران/ يونيو وليس تموز/يوليو.
وأظهر مقطع فيديو عُثر عليه على موقع إنستغرام، جنودَ الجيش الإسرائيلي وهم يهدمون جزءا من منشأة بئر مياه في منطقة بالقرب من الجزء الشرقي من تل السلطان. وبينما يبدو أن خزان المياه الكبير لا يزال قائما، تُظهر أحدث صور الأقمار الصناعية أن المباني الأصغر في المنشأة دُمرت في أثناء الهدم.
ليست المرة الأولى
وأخبرت القوات الإسرائيلية موقع بلينغكات أن ظروف الفيديو والهدم قيد المراجعة، وأنها “تعمل على معالجة الحوادث الاستثنائية التي تنحرف عن الأوامر والقيم المتوقعة من جنود الجيش الإسرائيلي”.
هذه ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها إسرائيل عمليات هدم جماعية في رفح. قبل عشرين عاما، قبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وثقت هيومن رايتس ووتش عمليات هدم واسعة النطاق من قبل الجيش الإسرائيلي في رفح على طول الحدود. في تقريرها، قالت هيومن رايتس ووتش؛ إن ثلثي المنازل الفلسطينية التي هُدمت في قطاع غزة في السنوات الأربع السابقة كانت في رفح، حيث فقد 16000 شخص منازلهم.
بحث فريد أبراهامز، وهو حاليا أستاذ مساعد في كلية بارد في برلين، وكتب تقريرا عام 2004. وقال لموقع بلينغكات، معلقا على عمليات التدمير الأخيرة في رفح: “يعود التدمير غير القانوني في غزة إلى سنوات عديدة، لذا فإن السياسة لها جذور. والمفتاح بموجب القانون الدولي ،هو ما إذا كان تدمير مبنى يجلب ميزة عسكرية محددة. “لقد أظهرنا مرارا وتكرارا أن التدمير المنهجي على مساحة كبيرة، فشل في تلبية هذا الاختبار”.
طلبت بلينغكات من الجيش الإسرائيلي أدلة تربط المباني المهدمة في ممر فيلادلفيا وحوله بـ “أغراض إرهابية”. رد الجيش الإسرائيلي ببيان صحفي يعرض نفقا بارتفاع ثلاثة أمتار تم العثور عليه في المنطقة. في بيان صحفي أحدث، قالوا: “دمر الجنود ما يقرب من 50 مسارا لأنفاق حماس تحت الأرض” بين 8 آب/ أغسطس و 15 آب/ أغسطس.
قالت نادية هاردمان، باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش، لموقع بلينغكات؛ إن الجيش الإسرائيلي لا ينبغي أن يتخذ إجراءات تجعل العودة مستحيلة.
وقالت: “فر معظم سكان غزة – مرات عديدة – بناء على أوامر إسرائيلية، بحثا عن الأمان. لكن لا يوجد مكان آمن للذهاب إليه، ولا يوجد طريقة آمنة للوصول إلى هناك. يحظر القانون الإنساني الدولي النزوح القسري للمدنيين إلا مؤقتا، عندما يكون ذلك ضروريا لأمنهم أو لأسباب عسكرية ملحة”.
وأضافت؛ “إننا نشهد أدلة متزايدة على أن السلطات الإسرائيلية ربما ترتكب جريمة حرب تتمثل في التهجير القسري، من خلال تحويل الأحياء إلى أنقاض وتدمير أو إتلاف غالبية المنازل والبنية التحتية الأساسية في غزة، مما يجعل أجزاء كبيرة من القطاع غير صالحة للعيش لسنوات قادمة”.