ثابتعربي ودولي

تعرف على أثر قرار محكمة الجنايات الدولية على إسرائيل سياسياً ودولياً

ردود أفعال وتبعات سياسية

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت بخصوص جرائم حرب مزعومة في غزة، بعد رفض المحكمة الالتماسات التي قدمتها إسرائيل في وقت سابق بهذا الخصوص.

وتعتبر ملاحقة نتنياهو وغالانت حدثا مهما للغاية في سياق القانون الدولي الإنساني أيضا، لكونه الأمر الأول من نوعه الذي يصدر ضد قيادات سياسية على أعلى مستوى في إسرائيل على خلفية تطورات القضية الفلسطينية.

ويعتبر قرارٌ المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال نتنياهو غير مسبوق، ما  يضعُ إسرائيل لأول مرَّة في دائرة اتهام دولية، يُحرجُ من يدعمها، ويشكلُ سابقة يمكن البناء عليها في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب ومنع الإفلات من العقاب، حيث تعتبر بمثابة إقرارٌ دولي بنزعِ أيِّ شرعية حاولت تل أبيب وواشنطن الاحتماء بها في الحرب على غزة.

وقرارات الجنائية الدولية لها قيمة قانونية وسياسية كبرى، فعلى الرغم من صعوبات التطبيق، وعدم استجابة بعض الدول لتنفيذ أوامر الاعتقال، إلا أنها تلعب دورا كبيرا في التضييق على المتهمين خاصة بعد ترك السلطة كما في حالة جالانت، لأن الاتهامات شخصية ولا تسقط بالتقادم.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

وذكر مدير مركز لندن لاستراتيجيات الإعلام، أن القرار يمكن أن يتسبب في وقف أي تقدم في العملية السياسية بين إسرائيل ودول الإقليم، بالنظر إلى أنَّ بقاء نتنياهو سيمنع حدوث أي لقاء أو تواصل نظراً للتبعات القانونية والسياسية.

وأضاف، القرار أيضًا يمكن أن يسبب ازدياد عُزلة إسرائيل الدولية في حال بقاء حكم اليمين، وفي حال اللجوء لردود فعل متشنِّجة، مثل مصادرة أراضٍ وبناء مستوطنات، أو تصعيد جرائم الحرب، فإن العُزلة سوف تزداد وتعود سلباً على إسرائيل.

 الآثار السياسية المتوقعة على القرار؟

يمكن القول بأن أمر الاعتقال يشكل ضغطا إضافيا على حكومة نتنياهو لوقف الحرب على غزة والتوصل إلى اتفاق مع حماس، بالنظر إلى التبعات المتوقعة من بعض المحاكم الأوروبية والعالمية التي يمكنها إصدار قرارات أو أوامر بالاعتقال أو اتخاذ تدابير تمس المصالح الإسرائيلية، وهو ما يدفع المسئولين الإسرائيليين إلى تصعيد هجومهم على المحكمة إلى حد الدعوة لفرض عقوبات عليها وعلى أعضائها.

من المتوقع أيضا تزايد التصعيد الإسرائيلي الداخلي لفرض المزيد من القيود على السلطة الفلسطينية وفرض السيطرة على الضفة الغربية وغزة.

أما دوليا فمن الوارد أن يزيد الضغط الأمريكي على المحكمة ويتجدد استهداف إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالرد ترامب لها، حيث توعّد مستشاره للأمن القومي مايك والتز بـ”الرد القوي على انحياز الجنائية الدولية والأمم المتحدة” فور تولي ترامب مهام منصبه.

علما بأن إدارة ترامب في ولايته الأولى كانت قد وقعت عقوبات على مدعية المحكمة السابقة فاتو بنسودا بسبب تحقيقها في ادعاءات ضد الجيش الأمريكي خلال احتلال أفغانستان، ثم قررت إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن رفع تلك العقوبات في أبريل 2021.

 ماذا يعني صدور أمر باعتقال نتنياهو وجالانت

هذا الأمر يعني أن الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية قد اقتنعت بوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت ارتكبا جرائم تدخل في اختصاص المحكمة، وأنها ترى ضرورة القبض عليهما ومثولهما أمامها لضمان حضورهما شخصيا، وعدم قيامهما بعرقلة التحقيقات أو التأثير على إجراءات المحكمة، ولمنعهما أيضا من الاستمرار في ارتكاب الجرائم المنسوبة إليهما بحق الشعب الفلسطيني.

وهذه السلطة تتمتع بها المحكمة بموجب المادة 58 من نظام روما الأساسي الذي يحكم عمل المحكمة والدول الأطراف بها فيما يخص ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية ومساءلتهم.

ما الدول والجهات الملتزمة بتنفيذ أمر اعتقال نتنياهو وجالانت؟

يترتب على صدور المذكرة إلزام الدول الـ125 الأعضاء (حاليا) في نظام روما الأساسي باعتقال نتنياهو وجالانت إذا وصلا أراضي تلك الدول، مما سيؤدي إلى تقييد حركتهما بين دول العالم، كما حدث من قبل –نسبيا- مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوداني الأسبق عمر البشير اللذين امتنعا عن زيارة العديد من الدول بعد صدور أمر الاعتقال بحق كل منهما عامي 2023 و2015 على التوالي.

وتشمل قائمة الدول الملزمة باعتقال نتنياهو وجالانت جميع دول أمريكا الجنوبية، وجميع دول أوروبا عدا الفاتيكان وموناكو، و33 دولة أفريقية منها جنوب أفريقيا وناميبيا وتنزانيا وغانا، وكندا والمكسيك وأستراليا وفلسطين.

علما بأن أمريكا وروسيا سحبتا توقيعهما على المعاهدة، وبالتالي يمكن لنتنياهو استئناف زياراته إلى الولايات المتحدة.

بينما وقعت إسرائيل على تلك المعاهدة ولم تتم إجراءات التصديق شأن مصر والجزائر وإيران ودول عدة، بينما لم توقع الصين والهند وباكستان والسعودية وإثيوبيا على تلك المعاهدة من الأساس.

ردود فعل فلسطينية على قرار المحكمة الجنائية

ورحبت فصائل فلسطينية، الخميس، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت.

وأكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، أن قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أمر اعتقال بحقّ رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، هو تحقيق للعدالة، والمحاسبة الفعليّة لمجرمي حرب الإبادة الشاملة على شعبنا.

ورحبت حركة حماس بقرار المحكمة، وأضافت في بيان، أن “هذه الخطوة التي حاولت الإدارة الأمريكية المتواطئة مع جرائم الحرب الصهيونية تعطيلها لأشهر، تشكل سابقة تاريخية مهمة، وتصحيحا لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا.

ودعت حماس المحكمة الجنائية الدولية إلى “توسيع دائرة محاسبة قادة الاحتلال المجرمين، ووزرائه وضباطه الذين ارتكبوا أبشع جرائم القتل والتجويع ضد شعبنا الفلسطيني”.

ثمنت لجان المقاومة في فلسطين، قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش السابق يوآف غالانت.

وأكدت لجان المقاومة، في تصريح صحفي، أن هذا القرار انتصار للدماء البريئة المسفوكة على يدي هذين المجرمين في فلسطين ولبنان.

ردود فعل دولية على قرار اعتقال نتنياهو وغالانت

أعلنت دول غربية عن التزامها بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، فيما رحبت دول عربية بالقرار.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن الولايات المتحدة ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.

وأوضح المتحدث “ترفض الولايات المتحدة بشكل قاطع قرار المحكمة إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار. لا نزال قلقين بشدة بسبب إسراع المدعي العام لإصدار مذكرات اعتقال وبسبب أخطاء العملية المثيرة للقلاقل التي أدت إلى هذا القرار”، مضيفا أن واشنطن تبحث الخطوات المقبلة مع شركائها.

وقالت فرنسا إن “رد الفعل الفرنسي على أمر المحكمة سيكون متوافقا مع مبادئ المحكمة”، فيما أعلنت الخارجية الهولندية إن هولندا مستعدة للتحرك بناء على أمر الاعتقال إذا لزم الأمر.

من جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن مذكرات الاعتقال التي أصدرتها “الجنائية الدولية” بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت “ليست سياسية”. وأضاف في مؤتمر مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: “يجب احترام قرار المحكمة وتنفيذه. القرار ملزم ويجب أن ينفذ من قبل جميع الدول والشركاء في المحكمة”.

ودعت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، إلى العمل معًا لدعم قرار المحكمة الجنائية الدولية بخصوص مذكرتي الاعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت. وشاركت المقررة الأممية قرار المحكمة الجنائية الدولية، قائلة: “بينما يستعد المجتمع الدولي لردود الفعل المحتملة، يتعين علينا أن نعمل معًا للحفاظ على شعلة المساءلة مشتعلة. وآمل أن تزداد قوة الدعوة إلى العدالة في هذه الأوقات المظلمة”.

حيث وصفت الحكومة العراقية قرار الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت بأنه “موقف شجاع وعادل”. وقالت إنه “قرار تاريخي يؤكد أنه مهما تمادى الظلم فإن العدالة والحق سيقفان بوجهه”.

ونقلت وكالة الأنباء الهولندية (أيه.أن.بي) اليوم الخميس عن وزير الخارجية كاسبر فيلدكامب قوله إن هولندا مستعدة للتحرك بناء على أمر الاعتقال التي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا لزم الأمر.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى